رياض محمد
7- تعليق عقوبة الإعدام.
كان هذا القرار خطأ كبيرا لأنه اضعف نظام العدالة في العراق مما شجع الإرهابيين
على ارتكاب المزيد والمزيد من الجرائم لعلمهم أنهم لن يعدموا. ولايوجد بلد في
العالم شهد عدد هائلا من جرائم القتل الجماعي إلا وتصدى لها بعقوبات رادعة.
8- عدم اعتقال
ومحاكمة وإعدام مقتدى الصدر بعد مقتل عبد المجيد الخوئي. كان ترك هذا المجرم ليعيث
فسادا في العراق إحدى اكبر خطايا الأمريكان ومن جاء بعدهم. وبسبب هذا عانى الشعب
العراقي الأمرين ولا زال يعاني. وقناعتي ان المجرم مقتدى الصدر يجب ان يعتقل
ويحاكم ويعدم على جرائمه لكي يهنأ الشعب العراقي بالسلام.
كما ان مقتدى الصدر
هو ابرز وأول من فتح الباب للتدخل الإيراني في العراق. ومن عبائته خرج المجرم قيس
الخزعلي أيضا. ومن عبائته خرج جيش المهدي وكل جرائمه بحق العراقيين شيعة وسنة
ومسيحيين.
9- عدم اعتقال
ومحاكمة ومعاقبة حارث الضاري. كان من الواجب اعتقال الضاري ومحاكمته وسجنه أو إعدامه
لأنه المسؤول الأكبر عن الخراب الذي أصاب سنة العراق بعد 2003 كما كان مسؤولا
مباشرا وغير مباشرا عن جزء هائل من الدماء االتي سالت في العراق. بفتاواه منع
السنة من المشاركة في القوى الأمنية والجيش الجديد وبفتاواه قاطعوا انتخابات
الجمعية الوطنية ومجالس المحافظات وبرعايته المباشرة لكتائب ثورة العشرين وغير
المباشرة لغيرها من الجماعات المسلحة والإرهابية كان مسؤولا عن قتل الآلاف من
العراقيين.
10- عدم السيطرة على الحدود وخصوصا مع سوريا وإيران.
لايمكن لدولة ان تحافظ على أمنها وحدودها مفتوحة. ومن خلال تلك الحدود تسرب اغلب
الانتحاريين الذين فجروا أجسادهم النتنة على العراقيين. ومن خلالها أيضا تسربت
العبوات الإيرانية الناسفة وغيرها الى العراق.
11- عدم اعتقال صدام ومحاكمته وإعدامه في وقت
مبكر. تمهل الأمريكيون في كل ذلك ولم يتم الإعدام الا في نهاية عام 2006. ولو تم
قبل ذلك بسنتين لجنب العراق الويلات. موت صدام قبر فكرة عودته لدى الآلاف من أنصاره.
12- إطلاق العنان للجوامع والوهابيين بالحركة. لايوجد
بلد مسلم في العالم كله الا وسيطر سيطرة كاملة على الجوامع وعلى الوهابيين (ماعدا
السعودية بطبيعة الحال). وكان ترك تلك الجوامع والوهابيين ليحولوا دور العبادة الى
مراكز لتفخيخ السيارات وإصدار فتاوى تكفير 90% من المجتمع خطأ فادح.
13- عدم الاهتمام الكافي بقضية مكافحة الفساد. أدى
ذلك الى فشل اغلب ان لم يكن جميع الجهود الأمريكية والعراقية لأعمار البلد وبناء
القوات المسلحة وتحقيق الأمن وتقديم الخدمات. كما لم يتم مساواة جرائم الفساد
المتعلقة بالأمن بجرائم الإرهاب وهذا خطأ فادح. وفي النهاية أدى الفساد الى انهيار
تام للدولة العراقية في عدة محافظات وسيطرة داعش عليها في 2014. وبسبب ذلك لايزال
الفساد المشكلة الأكبر التي تواجه العراقيين.
14- عدم إجراء انتخابات قبيل مضي عام من سقوط
صدام. كان من الممكن إجراء انتخابات محلية كبداية بعد مرور 9 أشهر مثلا من سقوط
صدام. وكان ذلك سيوفر للعراقيين فرصة لاختيار ممثلين لهم وفرصة للتعرف على قيادات
جديدة تخرج من المجتمعات المحلية. كما كان ممكنا لهذه الانتخابات ان تساعد
(كبروفة) في إجراء انتخابات الجمعية الوطنية. لكن ماحدث كان تأخير الانتخابات الى
حوالي سنتين بعد سقوط صدام وهذا وقت طويل بلا اي تمثيل شرعي للعراقيين.
15- عدم السيطرة على المعتقلات الأمريكية والسجون
بشكل عام. حيث تحولت هذه المعتقلات الى مراكز تخريج للإرهابيين ومنها خرج
البغداديان وكل معاونيهم العراقيين. كما شهدت أيضا حالات هروب متكررة (بالمئات)
مما اضعف ثقة العراقيين بالنظام القضائي ونظام العدالة.
كما كان من شواهد عدم السيطرة تلك فضيحة ابو غريب
التي هولت إعلاميا واستخدمت كأفضل وسيلة لتجنيد الإرهابيين حول العالم لكي يسافروا
للعراق ويقتلوا أهله.
16- في منتصف نيسان 2003 نصبت قوات التحالف
وبتوصية من مسعود البرزاني مشعان الجبوري محافظا للموصل. وحينها خرجت مظاهرة غاضبة
باتجاه مبنى المحافظة واستخدم العسكريون الأمريكيون القوة النارية دون داع حقيقي
وقتلوا ما لايقل عن عشرة مدنيين. وقد ادى ذلك الى بداية سلسلة أحداث حولت الموصل
الى قاعدة للمسلحين والإرهابيين وسقطت المدينة مرتين مرة في عام 2004 ومرة في عام
2014.
كان تعيين مشعان خطأ فادحا وإطلاق النار على
المتظاهرين خطأ أكثر فداحة.
17- في نهاية نيسان 2003 خرجت مظاهرة غاضبة في
مدينة الفلوجة ضد إحدى الوحدات الأمريكية الصغيرة المتمركزة في بناية إحدى
المدارس. وقد اطلق العسكريين الامرييكيين النار على المظاهرة وقتلوا حوالي 20
متظاهرا وجرحوا عشرات اخرين. وقد حققت في الواقعة منظمات دولية وصحفيون أجانب
ووجدوا انه لايوجد اي دليل يثبت ان إطلاق النار حدث من جانب المتظاهرين.
أدى هذا الحادث الغير مبرر (لم يقتل أو يجرح أي
جندي أمريكي) الى سلسلة من الهجمات الانتقامية والى تحول الفلوجة الى عاصمة
للمسلحين والإرهابيين في العراق والى سقوط الفلوجة في براثن الإرهاب عدة مرات
واضطرار القوات الأمريكية والعراقية لخوض معارك طاحنة لاسترجاع المدينة في عام
2004 و2016.
18- إهمال تحديد حركة العرب والأجانب في العراق
بعد عام 2003 مما سهل عمل تنظيم التوحيد والجهاد. لم يكن في العراق عام 2003 إلا
حوالي 150 ألف مصري وبضع عشرات من ألاف الفلسطينيين وكان الواجب تحديدهم ومراقبتهم
واعتقال اي عناصر عربية او أجنبية منتمية لتنظيم التوحيد والجهاد أو أي جماعة إرهابية
أخرى. ولو تم ذلك لما تمتع الإرهابيان الزرقاوي وابو أيوب المصري ومعاونيهم بحرية
الحركة والتجنيد والتفخيخ والتفجير ولحقنت دماء عشرات الآلاف من العراقيين.
من المسؤول عن تلك الأخطاء؟
يتحمل الرئيس بوش وأعضاء مجلس الأمن القومي (وزيرا
الخارجية - باول -والدفاع - رامسفيلد - ونائب الرئيس تشيني) ومستشارة الأمن القومي
رايس ورئيس هيئة الأركان المشتركة ريتشارد مايرز ومدير وكالة المخابرات المركزية
جورج تينت وقائد القيادة الوسطى الجنرال تومي فرانكس وقادة القوات على الأرض في
العراق الجنرال ماكيرنان والجنرال سانشيز ورئيس سلطة الائتلاف المؤقتة بول بريمر
المسؤولية عن ما حدث من أخطاء.
لكنني وبعد التحري الطويل والمكثف في هذا الموضوع
وبعد قراءة مذكرات اغلب من ذكروا أعلاه وجدت ان العبء الأكبر من مسؤولية الأخطاء
الجسيمة التي ارتكبت في العراق بعد إسقاط صدام كان من نصيب 3 شخصيات.
1- وزير الدفاع رامسفيلد. فهو الذي اشرف على خطة
الغزو وخطط ما بعد الغزو وهو الذي يوصي يتعين قادة القيادة المركزية المسؤولة عن
الشرق الأوسط والعراق وكذلك قادة القوات الأمريكية في العراق.
وقد لعب دورا أساسيا في مقاومة أي تغيير للإستراتيجية
العسكرية الفاشلة في العراق منذ 9 نيسان 2003 وحتى إقالته في تشرين الثاني 2006.
2- قائد القيادة الوسطى الجنرال جون ابي زيد. تولى
هذا الجنرال منصبه في تموز 2003 واستمر فيه الى اذار 2007 وكان قبلها نائب قائد
القيادة الوسطى وقبلها عمل في رئاسة الأركان المشتركة وكان يجيد العربية حيث انه
من أصول لبنانية. وباختصار كان هذا الجنرال مؤهلا تماما لاتخاذ القرارات الصحيحة
لكنه وللأسف قاوم تغيير الإستراتيجية العسكرية لسنوات.
3- قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال جورج
كيسي. تولى منصبه هذا في تموز 2004 واستمر فيه حتى شباط 2007 وهو أيضا قاوم فكرة
التغيير في الإستراتيجية العسكرية.
كانت القوات الأمريكية تعاني من نقص فادح في الإعداد
مما يصعب عليها مهمة السيطرة وتحقيق الأمن في العراق. كما ان إستراتيجية هذه
القوات كانت غير مناسبة لأنها لم تكن إستراتيجية مكافحة تمرد لان هؤلاء القادة
الثلاث رفضوا الاعتراف بالواقع على الأرض وهو ان هناك تمردا بأسلوب حرب العصابات
في العراق.
في عام 2006 بدأ الرئيس بوش سلسلة مشاورات مكثفة
ومطولة انتهت بنهاية العام 2006 يقرار استبدال هذا الثلاثي وتعيين مدير المخابرات
المركزية الأسبق روبرت غيتس وزيرا للدفاع والأدميرال فالون قائد للقيادة الوسطى
والجنرال ديفيد بترايوس قائد للقوات الأمريكية في العراق على ان يتم تبني منهج
مكافحة التمرد الذي اشرف على تحديثه بترايوس. وكانت توصية يترايوس هي زيادة القوات
الأمريكية ب 5 الوية مقاتلة (حوالي 28 الف عسكري).
وهكذا ما ان رحل هذا الثلاثي عن المشهد وتغيرت الإستراتيجية
وزيدت القوات الأمريكية حتى بدأت الأمور تنقلب لصالح تحقيق الأمن وهزيمة الإرهاب.
الغزو الأمريكي للعراق: 18 خطأ لا يغتفر ومن يتحمل المسؤولية؟ (2)
0 تعليقات