د.أحمد دبيان
بداية لا مشاكل كبيرة
لدى مع الملحدين شريطة الخروج من أسار ( السلفية الإلحادية ) .
والسلفية الإلحادية
هى هذا المنهج الغارق فى الماضوية نقضاً وهدماً دون الخروج الى فضاء العقل
والبراهين .
للإلحاد منهج سلفى
كما أشرنا يستعذب نقض الدين وهدمه ، وهو فى هذا يحاول إخماد الصوت الذى يصطرخ داخل
نفسه ويعذبه .
هذا الصنف السلفى من
الملحدين صنف سطحى ، يلحد غالباً بسبب تطرف مبكر فى الممارسة والتأويل الدينى نتاج
ميراث مجتمعى أو عائلى .
لا يفتأ هذا الصنف
أبداً عن مهاجمة هذا الدين أو ذاك محاولة الطعن بمناهج المستشرقين مستخدماً روايات
تاريخية وممارسات حدثت بعد انقضاض الثورة الأموية المضادة على جوهر الرسالة
المحمدية .
هذا النوع من متسلفة
الملحدين يبقى أسير هذه المساحة من الحنق والغل على ذاته التى لا زالت خيوط
ميراثها المرتبط طقسياً وتمرساً فينهال قدحاً وذماً فى الدين دون محاولة لاستخدام
العقل وإعلائه وتأليهه كما نجد الحال عند الملاحدة الغربيين .
الملحد الشرقى هو
الوجه الآخر من المتسلف العقائدى .
كلاهما يبقى أسير
عبادات السلف وممارساتهم وممارسات الجاهلية فى نقد بعضهم البعض .
وبينما تظل الرسالات
السماوية ثورة فى إطار عصرها ، يبقى تعاطى الملاحدة المتسلفة فى خندق الثورة
الجاهلية المضادة .
على النقيض سنجد
الملاحدة الغربيين الكبار من ارتور شوبنهاور الى جورج برنارد شو ، الى برتراند
راسل و ستيفن هوكينج كبار فى إعلاء العقل ، ووضع الإثباتات العقلية على نفى الإله
دون الإغراق فى الطعن على هذا الدين أو ذاك او تحميل ممارسات إتباع المعتقد
المفهومة فى إطار عصرها أحكاماً لا تتسق ابدا مع زمنها ومحاكمتها بمعايير عصورنا
الحالية دون الالتفات الى تراكمات المفاهيم التطورية الإنسانية .
على النقيض سنجد
تثمينا كاملاً لملاحدة العقل للتجارب الإنسانية الدينية ونقدها الإيجابي دون الإغراق
فى الحنق الإلحادي السلفى الشرقى .
فنجد جورج برنارد شو
يثمن النبي محمد والسيد المسيح وتجربتهما فى إطار عصرهما ونجد برتراند راسل يصدر كتابه
لماذا لست مسيحياً ؟
دون الاعتداء على حق
الآخر فى الإيمان ،
مستخدماً البراهين
العقلية فى نفى الدين والإله .
الإلحاد الشرقى الحاد
سلفى قاصر لا يحيا إلا باستلاب الدين والطعن فى ممارساته وتأويلاته المغلوطة أو فى
اطار هدمه كمنظومة مجتمعية لدى جماعات اللاسلطوية الهادمة لمكونات المجتمع الحديثة
وخصوصيتها وميراثها العقائدى كمحور من محاور تطورها .
وصل الحال ببعضهم مثل
الدكتور مصطفى محمود أن يتأتى إنكاره وقت إلحاده فى كتابه الله والإنسان حنقاً على
عدم منح الإله إياه ما يطلب فى تجارة رخيصة مع الخالق .
لا يزال الطريق
طويلاً أمام الشعوب الشرقية لتعبر نحو قيم العقل والبعد عن التسلف الوثني فى
الإيمان أو الإلحاد .
0 تعليقات