بقلم / هايدى
فاروق عبد الحميد
قال تعالى ( وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ
قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن
تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) ..
▪ كلمات مُحكمات من
المولى عز وجل تجلت فيها الجُغرافيا القُرآنية؛ واصفةً المعلوم والمجهول في ارض
مصر!.. فالفرعون يتحدث عن [أنهار] ولَم يقل نهر ويتحدث واصفاً عن جريانه بأنه من
تحته ولَم يذكر سريانه أمامه.
▪ وهي الآية الكريمة
التي وثقتها الأبحاث التي أُجريت على مدار رُبع قرن من الزمان، ففي عام 2009م
وبينما كُنت خارج البلاد - - وجدت مكتبة صغيرة من حيث الكم والمحتويات ولكنها من
الأهمية بمكان من حيث الكيف والمضمون!.. إذ وجدت بها الوثائق الملكية التي تَخُص
ثروات مصر الثلاثة:ومنها ذهبنا الأزرق وأقصد بتعبير الذهب الأزرق مياهنا المُتجددة
أي المُستديمة، التي يمكننا بإعادة الفتح فيما بين نقاطها على خارطة مُعينة لمصر
أن نُحَقِقْ ما تضمنته الآية الكريمة التي استهللت بها المنشور .
▪ إذ وقعت يدي على
مُستندات الشركة المعروفة عام 1905م باسم "شركة استغلال صحراء مصر الغربية"
وهي الشركة التي أوكل إليها الملك إذ ذاك الكشف عن ثروات "باطن الصحراء
المصرية الغربية" من ذهب أزرق الذي هو الماء، واستغلال مساحة كبيرة منها
للزراعة والاستصلاح، وكان رأس مال تِلك الشركة الإنجليزية ثلاثمئة ألف جنيه موزع
على أسهم، ولكن حدث أن أنحلت الشركة في عام 1914م، لقلة مواردها المالية، ولأن
جُزءاً كبيراً من رأس مالها استخدم في مَدْ الطريق الحديدي، وما تبقى من رأس المال
أُنفق في أغراض أهمها:
شراء الأرض، والمُهمات والآلات الزراعية، وفي
حفر آبار المياه، وعمل تحاليل لكافة العينات المُستخرجة لمعرفة ما هو صالح منها
وما لا يصلح، وبما أن هذه الشركة كانت إنجليزية، فقد كان لها مُدير وعدد من الموظفين
الإنجليز، يتقاضون مُرتبات ضخمة وكان لها أيضاً مهندسون أمريكيون استدعتهم الشركة
لحفر الآبار؛ وكافة المُستندات المُتخلفة عن نتائج وأعمال حفر هؤلاء الأمريكان هي
تحديداً ما وقعت يدي عليه!..
وهو ما كان نواة لكل التفاصيل القطعية التي
سأوردها في مقالاتي..
▪ ولأن الحديث
هَاهُنا عن الصحراء الغربية، فإن بطلات الرواية سَيَكُنْ واحات تلك الصحراء، وحيث
أذكر بدايةً أن الصحراء الغربية - التي تمتد امتداداً شاسعاً إلى الغرب من النيل
وعلى مسيرة نحو مئة ميل من النيل باتجاه الغرب - تُظهِر لنا الواحات التي تصلها
دروب قديمة بوادي النيل، وهذه الواحات شهدت أعظم حضارات عرفتها الإنسانية، وتشهد
عليها أطلال وبقايا معابد، وأسوار عيون وينابيع مِياه ظَلت مُتدفقة عبر آلاف
السنين، فهي المياه المُتجددة التي وهبها الخالق لمصر.
▪ وقبل أن أتحدث عن
منبع هذه الواحات، التي تتصل فيما بينها بنهر راداري عظيم ينبع من أرض مصر، فانه
لِزاماً عليَ أن أتحدث وبالوثائق عن كافة العيون المُستديمة المياه، أي المُتجددة،
لأن الوصل فيما بينها سيكون من شأنه (كما قُلت) الفتح على مسار أرضي لنهر راداري..
▪ تاريخياً: تُشتَقْ
كلمة "واحة" من أصل مصري قديم، وهو كلمة "ويت" أي "الموميا"،
ومن كلمة "واهي" القبطية.. وكانت الواحات المعروفة في عهد قدماء
المصريين، سبع واحات فقط وهي:-
1) "كينيم"
أو "واحة رأس" وهي المعروفة بالواحات الخارجة.
2) "تسنيس"
وهي المعروفة الآن بالواحات الخارجة.
3) "ناحاي"
أو "أرض الخراف" وهي المعروفة بواحات الفرافرة.
4) "ويت" أي
"الواحة" ولا تُعرف باسم آخر.
5) "سكة آمو"
أو "حقل النخيل" وهي المعروفة الآن بواحة سيوة.
6) "ويتمحت"
أو "واحة الشمال" وهي المعروفة الآن بالواحة الخارجة.
7) "سكة همام"
أو "حقل البلح" وهي المعروفة الآن ببحيرات النطرون.
▪ وقد عرف المصريين
القُدماء هذه الواحات.. ولذلك نجد في الآثار القديمة أحد كِبار مُوظفي الملك تحتمس
الثالث في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وهو يستلم الجِزية بإسم مليكه مِن سُكان
الواحات..
▪ كما ورد في الرسائل
التي كُتبت في عهد الملك رمسيس الثاني ما يُشير الى وجود "أريو"؛ وهي
نُقطْ حربية أمامية في الواحات.. وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد كانت كروم
العنب مغروسة بكثرة في واحتي الشمال والجنوب..
▪ ولأنني أُحَبِذْ
نظرية وجود مسار أرضي لمياه مُتدفقة.. ومُتجددة.. بالأرض المصرية.. علي خلفية ما
وَثَقَته المُستندات القديمة.. ورصدته بعض أجهزة الاستشعار عن بعُد.. فإنني سأروي
لكم أصدقاء صفحتي لتقريب المسألة ما قاله العالم الإنجليزي دكتور "هرست"
في كتابه [النيل] طبعة عام 1947م؛ ..
حيث ذكر أنه كان ذات
مرة على ظهر مركب في بلاد النوبة واستمع إلى الريس الذي روى له قِصة بُنيِت على
مُعتقد ترسخ عن أن ثمة نهراً يجري في باطن الأرض تحت سِلسلة الواحات في الصحراء،
وتفصيل القصة - وفقاً لهرست - أنه على كثب من جنوبي "خزان أسوان" وعند "شمية
الواحة" يضطرب النهر في شكل دوامه وأنه في هذه البقعة ارتطمت سفينة تاجر كانت
تقتضيه مِهنته أن يسير بها في النهر جيئةً وذهاباً، فابتلع اليم بضاعته وكان فيها
وعاءاً من الخشب تَعوَد أن يضع فيه طعامه، ولما فقد الرجل سفينته تحول بتجارته من
النهر إلى البر، وبينما هو في العام التالي بجانب بئر في واحات الصحراء الغربية إذ
لمح وعاءه القديم يطفو فجأة فوق سطحه!؛ دلالةً على أن ثمة مساراً أرضياً لنهر يصل
بين النيل وتلك الواحات!..
وما من شك (والكلام هنا لا يزال لمستر هرست) في
أن فكرة وجود نهر في جوف الأرض يجري تحت الواحات.. لها صلة؛ بل جذور بتلك النظرية
التي تذهب الى أن النيل او أحد فروعه، كان يمر بالواحات في طريقه الى البحر
المتوسط، وقد عُثِر على خرائط - وفقاً لهرست - تُوَثِق لهذه النظرية وتعود الى عام
1880م.. وإن كُنت من جانبي - والحديث لي أنا هُنا - قد عثرت على الكثير من الخرائط
التي تُوَثِق لذات المسألة؛ وهي أقدم من الخارطة المُشار اليها بكثير.
▪ ويعود الدكتور "هرست"
ليؤكد ان الدكتور "جون بول" تمكن من رسم خريطة تؤيد وجود طبقة من المياه
تحت الصحراء الغربية، تنحدر من الجنوب الغربي الى الشمال الشرقي حتى تهبط الى
منسوب البحر نحو الجنوب من خط عرض القاهرة، في حين ان منسوب تلك المياه نحو
يتبع
0 تعليقات