آخر الأخبار

فقه الأصول إلى منهج الأصول. المنهج الأصولي عند محمد الصدر (2)

 






علي الأصولي

 

 

ولما كان للعناوين الكتبية والبحثية دلالتها على المعنونات فقد أختار سيدنا الشهيد - طاب ثراه - عنوان بحثه وكتابه الأصولي - منهج الأصول - إذ قد اتبع أو سلك طريقا مختارا لما اختاره أستاذه من قبل - وأعني به طريق التوسعة البحثية - في مسائل علم الأصول وزاد عليها خطوة بل وقد أضاف لطريقته مسلك الاطاريح التي جعلها قاعدة مطردة في عموم مؤلفاته لا سيما الأصولية. فكانت العلة الفاعلية في الإبداع الإنتاجي والتوليدي كما هو الملاحظ.

 

فالمنهجان - التوسيعي والاطروحاتي - يمكن الوقوف عليه في - منهج الأصول - بأجزاءه الخمسة. وخير مثال على المدعى. هو بحثه في مسألة - الأمر في مورد الحظر أو توهمه - والذي بحثه بما يقارب عشرين صفحة أو يزيد. بينما بحثها أستاذه السيد الصدر الأول بدرس واحد. ولم يزد في بحثها المحقق الخوئي إلا بصفحة ونصف الصفحة!

وهذا يكشف لك بما لا مزيد عليه بأن السيد الصدر الشهيد الثاني. قد استوعب مطالب أساتذته علاوة على مناقشاته التي أوردها تارة على الآخوند الخرساني وغيره من المحققين. واحكم القبضة الأصولية بل وزاد عليها ابداعا قل مثيله في تاريخ التنظير الأصولي المعاصر.

ودونك إشكال التهافت الذوقي على تعريفات علم الأصول كما في بحثه المطبوع - أصول علم الأصول –

 

وبما أنني وفقت لشرح - منهج الأصول  - ج الثالث من مباحث الأوامر فقد لاحظت طبيعة التقدم على أساتذته وأقرانه في المجال الأصولي. خذ مثلا بحثه في - الأمر في مورد الحظر في المادة - التي لم يتطرق لها المشهور الأصولي في طول وعرض أبحاثهم التخصصية وأن بحثوا في - الأمر في مورد الحظر في الصيغة - ومن المعلوم لأهل الفن هذه غير تلك،

 

ولا بأس ونقل ما أوردته في مقدمة - فقه منهج الأصول - الصفحة الأولى من الشرح بمناسبة المقام

 

لماذا مبحث الأوامر ؟

 

بحث السيد الصدر بحث الأوامر في الجزء الثالث، فكان كالأتي:

 

مبحث الأوامر: في مادة الأمر ،

 

الجهة الأولى: في اعتبار جهة العلو في الأمر ،

 

الجهة الرابعة: مبحث اتحاد الطلب والإرادة ،

 

مبحث الجبر والتفويض ،

 

أطروحات الأمر بين الأمرين ،

 

الكلام في: صيغة الأمر ،

 

المبحث الأول: في تحديد معناها ،

 

المبحث الثاني: من صيغة الأمر ،

 

المبحث الثالث: في ظهور الجملة الخبرية في الوجوب،

المبحث الرابع: في الكفاية ، انتهى.

 

هذه هي مطالب الجزء الثالث فيما يخص مبحث الأوامر ،

 

ومعلوم أن هذا المبحث من المباحث الأصولية المهمة جدا في البحث الأصولي ، بلحاظ أن أصل الشريعة وفصلها المقوم قائم على أوامر ونواه ،

 

ولما فيه من مادة علمية غنية ولمعروفية أن السيد الشهيد الصدر ، صاحب أسلوب في الكتابة والطرح يعتمد بشكل كبير على كثرت التفريعات بحيث لو لم تكن ذا مسكة وأنت تتبع هذه التفريعات والتشققات لضاع عليك أصل المطلب في أتون الوجوه والمستويات ،

واجد ان هذا النوع من التفريعات المبتكرة في عالم التصنيف تكشف عن جهد استثنائي لصاحبه وتمتع بأفق واسع للمسألة الواحدة ، وهو بالتالي أي هذه التفريعات تنمي الملكة الأصولية للطالب فإذا سيطر على الكثرة الكاثرة من هذه التفريعات فهو على غيرها من مباحث المدارس الأصولية أقدر ، إذ أن من سيطر على العالي هان عليه ما دونه كما يعبرون ،

 

ومع هذه التفريعات المتعددة سوف تجد أن السيد الشهيد الصدر الثاني ، تارة يبحث في المسألة الأصولية الواحدة أو في الموضوع الأصولي الواحد المبحوث حصص للغوية وكلامية وفلسفية وقرآنية تفسيرية ، لان شغل المجتهد هو الاستنباط وعدم التقليد ولا يجعل المسألة الكلامية الفلسفية مثلا في البحث الأصولي معلقة على رأي نصير الدين الطوسي أو الملا صدرا ، أو في بحث اللغة العربية أن لا يعتمد كثيرا على قول اللغوي ما لم يصل لنفس النتيجة التي وصلها سيبوية مثلا ، لان السيد الشهيد من ضمن آراءه التي وقع فيها الجدل ان يكون الفرد مجتهدا في كل ما له دخالة في الاجتهاد ، من للغة ونحو وتفسير وتأريخ ونحو ذلك ،

 

فمثلا في بحث الأوامر تجد هناك مبحث خاص في مسألة الجبر والتفويض التي وقع فيها كلام ما بين الأشاعرة والإمامية من جهة بل ومن نفس الإمامية من جهة أخرى بتقريب كيف نفهم هذه المسألة وترتيب موضوعة الأمر بين الأمرين ،

 

وعلى حد علمي أثار المسألة بشكل واسع الآخوند الخرساني في كتابه ( كفاية الأصول ) وبحث الإرادة والقلم ووصل إلى نتيجة سميت بينهم  ( الجبر الاخوندي ) .

 

فقد ضاق الخناق على نفس الآخوند ولم يبت بالمسالة مع ما له من باع أصولي وفلسفي واسع ،

 

ومن عصره بحثت المسألة على نطاق واسع وقدمت نظريات مختلفة على ما سوف تعرف في هذه الأوراق ، في سبيل تصحيح أو تخطأت ( إنكسار القلم الآخوندي ) على حد تعبير صاحب الكفاية ، إلى أن جاء أستاذنا الشهيد الصدر الثاني وقدم رؤيته في ذات الموضوع وطرح نظرية  ( الإرادة الحرة )

 

وكذا طرح فكرة ونظرية - التضمين الوجوبي - التي شرحناها في - فقه المنهج - وهي محاولة إبداعية في مبحث الأوامر .

 

وأخيرا وليس آخرا :

 

لم أجد من تجاوز المحقق السيد الخوئي والمعلم السيد محمد باقر الصدر غير الفقيه الأصولي محمد محمد صادق الصدر. ولم أجد من تجاوز الشهيد الثاني - أصوليا - من مراجع الدين وفقهاء التقليد بالكلية ودونكم بحوثهم التخصصية.

 

وان وجدت محاولة هنا أو إثارة هناك فهي لا تعدوا كونها خجولة أمام الصرح الأصولي - لمنهج الأصول  -

 

وهذا لا يمنع من وجود مناقشات جادة ووافية في الحاضر أو المستقبل القريب بل والتقدم خطوة أخرى على ما قدمه صاحب - منهج الأصول  - والى الله تصير الأمور.

 

 

فقه الأصول إلى منهج الأصول. المنهج الأصولي عند محمد الصدر (1)


إرسال تعليق

0 تعليقات