حامد المحلاوى
هدف استراتيجي يجب أن
تعمل عليه الدولة المصرية بكل جد
سنكون في منتهى
السذاجة إن فصلنا أنفسنا عما يحدث حولنا من أحداث جسام لا يعلم نهايتها إلا علام
الغيوب .. فمن المؤكد أن مصر كانت وستظل دائما هدفا قائما لقوى الشر والاستكبار
العالمي .. يعلمون جيدا أن المارد لو خرج من القمقم فسيصبح من المستحيل إعادته
إليه مرة أخرى ..
أعتذر عن طول المقال
لكن أن وجدت إطنابا لا داعي له أو تسلل إليك الملل توقف عن مواصلة القراءة ولا بأس
..
التوقيت العبقري
لثورة 30 يونيو
هل كانت مصر كانت في
حاجة بالفعل إلى ثورة حقيقية تعيد إليها ال ( عيش – حرية – كرامة إنسانية ) ؟ .. أكيد
.. لكن هذه المظاهر البراقة لثورة يناير لم تنطل على فطنة وذكاء الشعب المصري بعد
ما تبين له أن من قاد هذه الثورة أغلبهم كانوا من الشباب الأرعن غير ناضجي الفكر ..
بل إن بعضهم من أسف كان تابعا لجهات أجنبية تضمرالشر لمصر .. فضلا عن أنهم سلموها
في النهاية إلى جماعة الإخوان التي تخالف في عقيدتها وطبيعة فكرها نسق الشخصية
المصرية الطبيعية حيث القدرة على التعايش وقبول الآخر والبعد عن الغلو والتطرف ثم
النظرة إلى الدين كصلة بين العبد وربه بعيدا عن السلطة والحكم ..... إلخ .. هذه
العوامل ساعدت بقوة على بزوغ نجم عبد الفتاح السيسي بسرعة البرق فقاد ثورة 30
يونيو ليغير بها ليس مصر فقط بل والمنطقة كلها ولا نغالي أبدا إن قلنا إن أثرها
امتد إلى العالم كله ..
التأخر في قيام ثورة 30
يونيو ولو إلى شهور قليلة ربما جلب كارثة ودمارا لا يمكن تصوره .. وهذه رؤيتي عما
خلفته هذه الثورة :
محليا
- عودة الروح الوطنية
والاعتزاز بالهوية المصرية ( كادت أن تندثر ) .. رأيناها في فكرة رفع العلم المصري
بكثافة والعودة إلى الأغاني الوطنية مرة أخرى والالتفاف الجماهيري الرائع حول
الأعمال الفنية الوطنية كفيلم الممر ومسلسل الاختيار .. القضية هي الانتماء
والتوحد حول فكرة الوطن ..
- انحسار الفكر
السلفي الوهابي الذي انتشر في المجتمع المصري انتشار النار في الهشيم في حقبة
الغفلة أيام مبارك ..
– اندحار فكرة الدين
مقابل الوطن ( جوهر فكر جماعة الإخوان المسلمين ) ..
– عودة الدور الريادي
للمرأة المصرية كقائدة فلم تعد مجرد تابع للرجل ..
– الاندفاع إلى بناء
مصر الحديثة كقوة اقتصادية وعلمية كبرى بشكل مذهل ..
عربيا
- التغير الدراماتيكي
في التركيبة النفسية للمجتمع السعودي ( لم يكن ليحدث لولا ثورة 30 يونيو ) .. تلا
ذلك التأثير الهائل لتحول السعودية على كامل المنطقة من الناحية الفكرية
والعقائدية بحلول فكرة الإسلام المنفتح الذي يساير روح العصر بدلا من الفكر
الوهابي المتزمت .. أتي من منبعه ..
- تخلي السعودية عن
فكرة التطلع إلى قيادة المنطقة وهو الذي سعت إليه طوال عقود مضت ( عقب الطفرة ) بعد
أن اقتنعت أن هذا الدور أكبر من حجمها وأن من صالحها أن تضطلع به مصر لأن البديل
سيكون إما تركيا أو إيران وكلاهما غير مأمون الجانب بالنسبة لها ..
– تغير النظرة
القديمة للعرب نحو مصر : لا تعطوها حتى تشبع ولا تتركوها تجوع .. كانوا يرون أنها
تشكل خطرا عليهم في الحالين .. هذا التغير يتم الآن بالدخول في شراكات اقتصادية
كبرى بدلا من سياسة المن بالعطاء القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ..
– العرب أدركوا أخيرا
أن بقاء مصر قوية متماسكه هو من صميم أمنهم القومي وليس مجرد شعارات ترفع خصوصا أن
المنطقة بالكامل تعيش الآن فوق صفيح ساخن ..
- نجاح 30 يونيو في
إيقاف المد التدميري للمزيد من البلاد العربية فيما سمي زورا وبهتانا بالربيع
العربي .. حتى ثورتا الجزائروالسودان لم يأخذا المنحى التدميري الذي رأيناه في بعض
البلدان التي انتهت ولن تعود ..
إقليميا
- الموت الإكلينيكي
لمعاهدة كامب ديفيد ( انتشار الجيش المصري في كامل سيناء ) .. كيف تم إقناع
إسرائيل أن مصرالقوية يأتي في صالح أمنها ؟! .. الفكرة أصلا ضربت كل قواعد المنطق !
.. زد عليه أن إسرائيل لم تعد تعترض على تسليح الجيش المصري بأحدث الأسلحة كما كان
في السابق والدليل شراء الغواصات الألمانية التي وقفت ضد بيعها إلى مصر بعناد شديد
منذ فترة كبيرة ! .. لا يوجد تفسير ! ..
- مصر عادت لتفرض
نفسها كقوة إقليمية كبرى لها وزنها المعتبر .. فالواضح أنها تكسب باستمرار
والقوتان الإقليميتان المنافستان ( تركيا وإيران ) تخسران دائما .. سياسة التوسع
والقرصنة ستقودهما إلى الهلاك حتما قريبا جدا ..
- بات واضحا للجميع
أنه لا حلول لمشاكل المنطقة دون مصر بعد أن حازت بجدارة ومن خلال سياستها النظيفة
ثقة القوى الكبرى والمجتمع الدولي ..
عالميا
– مصر استطاعت ببراعة
إقناع العالم أن بقاءها قوية متماسكة هو في صالح الاستقرار العالمي الذي يحافظ على
مصالح الدول ولا يخل بميزان القوي ..
- عودة إفريقيا إلى
أحضان مصر بعد أن أدركت مدى الخطأ الفادح لعزلها بتحريض من بعض القوى المعروفة ..
- كيف تمكنت مصر من
كسب ود روسيا وأمريكا في ذات الوقت ؟! .. كان يعد من رابع المستحيلات في السابق !
..
- العودة الأوروبية
القوية للتعاون مع مصر .. فهموا أن مصر دولة محورية ومهمة وعامل أساس لا غنى عنه
يعمل لصالح استقرار المنطقة وأيضا لصالحهم بالدرجة الأولى للحد من ( الإرهاب - الهجرة
غير الشرعية ) .. أدركوا خطأهم الأكبر عن تغاضيهم لفترة أن تتحول مصر إلى قوة
دينية راديكالية بما لها من تأثير وثقل عالميين على أمنهم فبدأوا بالتخلي عن فكرة
دعم جماعة الإخوان المسلمين والانحياز إلى مصر 30 يونيو وإن لم يتم بشكل كامل حتى
الآن .. بعضها مازال يدعمهم من طرف خفي ..
- الغرب أدرك أهمية
دور مصر الفاعل في محاربة الإرهاب الذي ضرب قلب أوروبا وأمريكا وما زال خطرا قائما
.. مصر تقاومه بفاعلية كبيرة ليس بقوة السلاح فقط .. بل وبالفكر الوسطي المعتدل
الرصين من خلال أزهرها وعلمائها المعتبرين وقوتها الناعمة في كافة المجالات ..
ختاما
الدخول في سباق مع
الزمن مسألة حياة أو موت .. فعامل السرعة غاية في الأهمية قبل أن تفيق هذه القوي
من صدمة 30 يونيو .. هذا يتطلب دعما شعبيا غير محدود للرئيس السيسي ولنهجه
الإصلاحي .. عموما أثبت الشعب المصري قمة النضج والوعي عندما تحمل آلام فترة
التحول الاقتصادي الصعبة بصبر ورؤية جيدة للمستقبل وها هو على وشك أن يجتازها
بنجاح هائل وغير متوقع ..
.....................
المستقبل كله لهذا البلد بحول الله وقوته ثم بهمة ويقظة أبنائه وإيمانهم بعظم
الهدف ..
0 تعليقات