علي الأصولي
عودة على ذي بدء.
هناك أطروحة مفادها أن الملائكة هي مجموع القوانين الكونية. التي أوجدها
الله في عالم الإمكان. فهي بالتالي تخدم الهدف التي من اجله وجدت فلا كمال لها إلا
في التزام نظامها العام. عباد مكرمون يفعلون ما يؤمرون - فلا عصيان - لا تخلف ولا
انفكاك - بتنفيذ الأوامر. وكما أن للأرض قوانين فلسماء قوانين. وكما في عالمنا
المعهود قوانين ففي بعض العوالم ثمة قوانين وجامع تلك القوانين هو تنفيذ ما يناط
بها من أوامر بلا عاطفة بلا تردد بلا شك بلا توجس بلا خيفة.
هذه هي طبيعة أصل الملائكة. ولذا لا ثواب لهم عما يفعلون كما هو المعروف
دينيا. لأن القوانين ذات طبيعة مجبورة ومن هنا نعرف لم الإنسان أفضل من الملك فيما
لو التزم بما أراد الله تعالى كما في الأحاديث. فالإنسان مع طبيعته ومشاكله ونفسه
وصراعاتها إذا غلب عليه الخير فهو أفضل من الملائكة كما قيل روائيا.
وهل يكون أفضل من جبرائيل أو روح القدس مثلا؟
الكلام فيه تفصيل بعد معرفة من هو جبرائيل وروح القدس بناء على الأطروحة
أعلاه قد نوفق في عرض ما يمكن عرضه في هذه التأملات.
إن النصوص الدينية القرآنية ذكرت موضوعة الملائكة في القصة الأولى لخلق
آدمنا - ع - وقد ذكر بعضهم أن ظهور الملائكة على مسرح الأحداث بداية التكوين، كان
مع بداية ظهور الوعي. بلحاظ الاعتراض أو الاستفسار - أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء - وهذا الأمر يدل بوضوح على وجود الوعي وأن كان بدائيا.
وهذا الكلام صحيح إلى حد ما. ولكن علينا أن نوفق بين معنى الأطروحة أعلاه
وكون القوانين غير واعية وبين الاعتراض الصريح كما في النص الديني.
( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ
عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) من سورة آل عمران /33/
ليس الملائكة وحدهم في الوجود آنذاك.
حاول أن تتأمل الآية أعلاه فهي تصف قضية وقصة الاصطفاء. والاصطفاء بمعنى
الاختيار من مجموعة. ولا يقال أن المجاميع أو المخلوقات الموجودة كانت أما جن أو
نسناس على ما في بعض المرويات التي وصفت بأنها بعين واحدة.
بل يقال: أن الاصطفاء هو من نفس الجنس يعني نبي الله نوح أو آل إبراهيم أو
آل عمران - عليهما السلام - لا يمكن أن نتصور أن الله اصطفاهم واختارهم وعزلهم
بالتالي من الجن مثلا أو الملائكة لاختلاف الماهية على ما فهم المشهور. بل لابد من
كون الاصطفاء من نفس جنس الاوادم الموجودين في أزمانهم واختيارهم عما سواهم لا على
نحو اعتباطي وجزافي، بل لوجود صفات لم توجد عند أقرانهم - ولذا نفهم لم اختير
الرسول الأكرم - ص - على العالمين مثلا أو أمير المؤمنين - ع - بعده أو لم كانت
الإمامة في ذرية الحسين دون ذرية الحسن - عليهما السلام - والكلام طويل في مسألة
حقيقة اصطفاء الأئمة دون سواهم.
نعم: أن الله اصطفى آدم والاصطفاء اختيار من مجموعة تشابهه شكلا وتختلف عنه
مضمونا وأن سموا آوادم ومنه تعرف قصة الأحاديث الناصة على أن قبل أدمكم ألف آدم أو
يزيد في بعض المرويات. بل ومن خلال هذا الفهم نقدم أطروحة زواج أولاد آدم من نساء
بدائيات من الاوادم الأقدم منهم وعليه نتخلص من الحيص بيص الذي وقع فيه الكثير من أهل
التفسير وعلاج تزويج الإخوان من الاخوات والأجوبة التبرعية الترقيعية فلاحظ.
وما عليك إلا ملاحظة الأجناس البشرية الحالية ففيهم الزنوج وفيهم من له
صفات أشبه بالملائكية ولا نتصور أو نعقل بأنهم من جنس واحد خلافا للقصة المشتهرة
من ان نوح دعا على ابنه بأن تكون ذراريه من الزنوج أو السودان فهذه قصة إسرائيلية -
ولا تزر وازرة وزر أخرى –
وكيف كان: عليك بالسؤال والاطلاع على أقدم المكتشفات العظمية للإنسان
القديم في بعض الجبال التي قدر عمر هذه العظام والهياكل البشرية بالحسابات العلمية
والكربونية أقدم من عمر آدمنا المعروف دينيا .
يتبع
0 تعليقات