أحمد مبلغي😇
نظرية التقديس الكاذب في الاستنباط (٤)
الخطوة الرابعة: تشكيل إطار فكري خطير للفقيه:
بعد أن أدى "تجاهل الفقيه لعنصر التاريخ في منهجيته" إلى فقدانه
للمعلومات الواسعة المتأصلة في التاريخ، يحدث في الاستنباط تحول خطير، وهو تكوّن
إطار فكري للفقيه ينبثق من تلك الأفكار المحدودة التي عكف عليها، والتي أخذها إما
من واقعه المعاش أو من التاريخ بصورة ناقصة (أي: من فترة من التاريخ) أو من اي جهة
أخرى.
كلام الشهيد الصدر في ذلك:
سمي الشهيد الصدر الاستنباط في هذه الحالة بـ "الاستنباط في إطار فكري
مستعار"، وقال: "هذا الإطار قد يكون منبثقا عن الواقع المعاش، وقد لا
يكون". ( اقتصادنا: ۳۸۵).
مقصوده من انبثاق الإطار من غير الواقع المعاش، هو إما الانبثاق من فترة من
فترات التاريخ (في قبال الانبثاق من المعلومات المأخوذة من تطور حركة الفكرة أو
الكلمة على مر التاريخ)، أو انبثاق هذا الإطار الفكري من سبب خاص ما.
وأيا كان، فان الفقيه عندما يحرم من الحقائق المخبأة في قلب التاريخ حول
فكرة أو كلمة، فإنه يتحول الوضع بالنسبة إليه إلى ان يتشكل ويتكون له إطار فكري،
من دون فرق بين أن ينبثق هذا الإطار من المقطع الذي يعيش فيه، أو من فترة محدودة
من فترات التاريخ، أو من سبب آخر.
الدور الذي يلعبه الإطار الفكري في الاستنباط:
هذا الإطار الفكري يتحول إلى نقطة انطلاقٍ ومنصة للقفز للفقيه في
الاستنباط، فيصبح يلعب دورا ردعيا أو تنسيقيا.
بمعنى أنه أما لا يسمح أساسا أن يرى هذا الفقيه المعلومات التي تقع خارج
ذلك الإطار، انطلاقا من أنه يدمر فيه قوة البحث الحر عما هو خارج ذلك السياق الذي
ترسخ في عقليته، وهذا هو الدور الردعي والمنعي للإطار، بمعنى أنه يمنعه عن أن يرى
غير ما هو المتلائم مع هذا الإطار.
أو أنه إذا كان الفقيه مضطرا بدليل ما، أن يرى أفكارا خارج الإطار، فهذا
الفقيه يحاول - بسبب هذا الإطار المترسخ في ذهنه وبالانطلاق منه- إعادة إنشاء
وبناء وتصنيف وتفسير تلك المعلومات التي لا تتلائم مع ذلك الإطار، بما يجعلها
متلائمة معه، وهذا هو الدور التنسيقي للإطار.
تعريض الإطار الفكري، النصوص الدينية للإهمال أو لسوء الاستخدام أو لسوء
الفهم:
في بعض الأحيان يكون نطاق "تركيز الفقيه على الإطار الفكري المشار إليه"
شديدًا جدًا لدرجة أنه يعرض للخطر عملية التوجه الى النصوص الدينية أو الاستفادة
منها، بحيث يصبح الفقيه إما لا يرى نصًا لا يتلائم مع هذا الإطار على الإطلاق ، أو
إذا رآه يستخدمه أو ينحته ويؤطره وفقًا للإطار، وقد سمى الشهيد المفكر ذلك الشق
الثاني (تأطير النص وفقا للإطار) بعملية دمج النص ضمن إطار معين.
كلام الشهيد الصدر:
يقول الشهيد الصدر في ذلك: "يحاول الممارس أن يفهم النص ضمن ذلك
الإطار المعين، فإذا وجده لا ينسجم مع إطاره، أو لا تصطدم به على أقل تقدير...."
( اقتصادنا: ۳۸۵)
0 تعليقات