آخر الأخبار

فرج فودة ... مصر بين دولتين









 

محمود جابر

 

بمناسبة إعادة بث مناظرة فرج فودة من قبل وزارة الثقافة المصرية والذي أعيد نشره فى شهر رمضان، وبما أنني فى شهر رمضان أعانى الأمرين فى الصيام والقيام وانتظام المواعيد، فلم استطع أن اكتب عن كثير مما يستحق الكتابة وعلى رأسه هذه المناظرة وعن المرحوم الشهيد فرج فودة ... بل عن مصر زمن حسنى مبارك وسيف الإخوان المسلط على رقاب المصريين، هذا السيف الذى نصبه مبارك ونظامه ... لكن دون عجل نتكلم عن المناظرة الكاشفة .

 

 

هذه المناظرة التى كان بعنوانها (مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية)... والتى جرت وسط هتاف الجماعة التى غزت الندوة بهتافاتها ( الله أكبر ولله الحمد)!!

وسط تقديم القتلة أو المحرضين على القتل بعبارات العلامة وفضيلة الشيخ، وشيخنا واستاذنا ... والعالم الجليل !!

 

مأمون الهضيبى المتحدث الرسمي للإخوان المسلمين بدأ كلمته في المناظرة بالقول أن المفروض نحدد ماهي الدولة الدينية والدولة المدنية!!

 

وان مصر 95% من سكانها مسلمين وبالتالي يبقى الدولة الدينية بالنسبة لنا هي الدولة الإسلامية...

 

والدولة المدنية هي الدولة الغير إسلامية !!

 

ولازم نختار بين الاثنين

 

بس ممكن نبقى كأفراد مسلمين والدولة غير إسلامية؟

 

أجاب على نفسه وقال ان ده غير صحيح لأن الإسلام دين ودولة... يعنى ( سيف ومصحف ) لاحظ ...

 

 

وطبعا استشهد بالآية اللي بتستخدمها كل الجماعات التكفيرية وعلى رأسها الإخوان لتكفير الحكام والمجتمعات: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).

 

 

 وهذا يعنى باختصار شديد أنك إن قلت أنك مع الدولة المدنية فأنت كافر !!

 

هذه عقيدة الإخوان أم الجماعات فى مصر وأم الإسلام السياسي، هذا ما يؤمنون به .

 

 

فهذه المناظرة أو قل المناظرتين عن الدولة المدنية مقابل الدولة الدينية كانت السبب في اغتياله في أوائل 1992. بل فى اغتيال مصر كلها ...

 

 

 

المناظرة الأولي في معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان معه الدكتور محمد أحمد خلف الله من جهة فى مناظرة محمد الغزالي ومأمون الهضيبي المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان والدكتور محمد عمارة من جهة أخرى .

 

 

أما المناظرة الثانية كانت في نادي نقابة المهندسين بالإسكندرية وقد شاركه فى نفس وجهة النظر الدكتور فؤاد زكريا من جهة، فى مناظرة مع  الدكتور محمد عمارة والدكتور محمد سليم العوا من جهة أخرى .

 

يعنى كلا المناظرتين كانت فى مواجهة جماعة الإخوان المسلمين .

 

 

في 3 يونيو 1992 نشرت جريدة النور بيان من ندوة علماء الأزهر بتكفيره.

 

لحظ أن هذا التشكيل كان تشكيلا تابعا للجماعة والغرض منه شرعنة قتل الدكتور فرج فودة، وليست فقط بل قتل المجتمع والدولة المدنية فى مصر ووضع النظام السياسى فى أسر الجماعة، لحين القضاء على الدولة المدنية وإعلان دولة الإخوان كما حدث فى 2012.

 

وبعدها قام محمد مرسي بالعفو عن القتال بعفو رئاسي باعتبار أن ما فعله كان جهادا وأن فرج فودة كافر وان الجماعة أقامت دولتها .

 

فى يوم 8 يونيو 1992 قتل الدكتور فرج فودة ببندقية آلية قتله عبد الشافى رمضان وأشرف سعيد، بتحريض من صفوت عبد الغنى عضو الجماعة الإسلامية، وبعد فتوى من عمر عبد الرحمن مفتى الجماعة، وحصل القاتلان على السلاح من أبو العلا عبد ربه عضو الجماعة .

 

فى ساحة المحكمة حضر كلا من الشيخ محمد الغزالى، والدكتور محمود مزروعة، يدافعا عن القاتل ويتهم المقتول بالكفر والردة، فى غياب تام للدولة وللأزهر وللجهات الأمنية التى رأت وسمعت هذه الحادثة والشهود والمحرضين والمشتركين ولم تحرك ساكنا.

 

جاء حكم المحكمة بإعدام عبد الشافى رمضان، وسجن عبد ربه عضو الجماعة الإسلامية والذي منح عفوا رئاسيا بعد ذلك .

 

 

فى جريدة الأخبار الحكومية خرج علينا مأمون الهضيبي يؤيد جريمة القتل، من خلال منبر حكومى رسمي دون رقيب أو حسيب!!

 

بعدها يخرج علينا الشيخ الغزالي من خلال تلفزيون الدولة مبررا عملية القتل لانها ضد كافر يحرض على الكفر وإنكار شعائر الإسلام !!

 

تنظيم الإخوان الأزهري المسمى ندوة علماء الأزهر من خلال رئيسه المدعو  الدكتور عبد الغفار عزيز كتب كتاب بعنوان"من قتل فرج فودة ؟"

 

كتب فيه "إن فرج فودة هو الذي قتل فرج فودة وإن الدولة قد سهلت له عملية الانتحار" !!

 

ومن ثم أصبحت جماعة الإخوان ومن خرج من عبائتها من جماعات أخرى يمثلون سيف الدولة (غير الرسمى) المسلط على المجتمع وعلى الناس وعلى ثقافتهم، والذى نخر فى مصر طوال عهد مبارك كالسوس دون أن يحاسبهم أحد ...

 

 

هؤلاء من قاموا باستهداف الجيش والشرطة والمجتمع، فى سيناء وفى ليبيا وفى سوريا وهم من أسسوا داعش، والقاعدة وجبهة النصرة وكل هذه التنظيمات الإرهابية ....

 

الشهيد فرج فودة، وبحق كان فى طليعة المتصدين لهذه الجريمة الرسمية، والدفاع عن الدولة المدنية ضد دولة الإرهاب الإخوانية، وإعادة بث هذه المناظرة أقل ما يمكن ان نقدمه للرجل من شكر مستحق على هذا المجتمع ككل ...


اما تحليل المناظرة بشكل علمى فهذا يحتاج الى حديث اخر ....





إرسال تعليق

0 تعليقات