* عندما تقول مصر : بخ !! *

 

 

مأمون الشناوى

 

هذه هي مصر ، القوية العفيّة ، الصابرة الصامدة ، الكبيرة الواثقة ، القادرة العَصيّة ، المترفعة السامقة ، العجوز الشابة ، البهيّة النافذة ، الناجزة المُدهشة !!.

 

 

هذه هي مصر ، عندما تقول : بخ ؛ يُعيد كل العالم حساباته ، وتخشع الأصوات الزاعقة ، وتنفثئ فقاعات الهواء ، وتنفجر البالونات ، وتنكمش القنافد وتهرع الفئران إلى جحورها ، وتخرس أبواق النفاق والتدليس وحناجر الدولار ، وتكف طواحين طحن الكلام عن الدوران !!.

 

 

هذه هي مصر ، عندما تقول : بخ ؛ تتزلزل أركان الغابة ، فيستقر القرد أعلي غصن شجرة هربا ، ويطوي الثعلب ذيله بين رجليّه رُعبا ، ويلملم الضبع أذنيه بعدما كان يختال تيها ، ويُخبئ الفأر شاربه ويبتلع ريقه ذُعرا ، وتهرب السحالي والأرانب والخفافيش التي استأجرها القرد لتجلب له الموز الشهي إلى جحورها وقد أغرقت نفسها تبولا !!.

 

 

 

هذه هي مصر ، التي لايعرفها الأغبياء والحمقي ، يراهنون علي صبرها ، وطول حبالها ، وأصالتها وعراقتها ، ولا يعرفون أن القوي هو الذي لايلوح بالقوة أبدا ، وهو الذي يتغاضي عن عبث الصِغار والهلافيت ، ولاتشغله الطائرات الورقية التي يلهو بها الأطفال ، ولاعلب الكبريت التي يظنها الجاهل آليات ومعدات خطيرة !!.

 

 

 

هذه هي مصر ، بنت القدر وأم الحضارات  ، ولدت وفي إحدي يديّها فأس وفي اليد الأخري بندقية ، اسألوا عنها قادش وعين جالوت واليرموك وحطين والعبور العظيم ، اسألوا لويس التاسع ونابليون وكليبر واللورد كرومر ومستر ايدن وموشي ديان وعساف ياجوري وجولدا مائير !!.

 

 

هذه هي مصر ، عرابي في التل الكبير ، وزهران في دنشواي ، وعبد الناصر فوق منبر الأزهر ، والسادات عند شط القناة ، مصر عبد المنعم رياض وسعد الدين الشاذلي وإبراهيم الرفاعي وأحمد منسي وعبد العاطي صائد الدبابات !!.

 

 

هذه هي مصر ، عندما تقول  : بخ  ؛ تصمت الدنيا ترقُبا ، ويرتعش العالم تحسُبا ، ويتمني عدوها لو تبتلعه الأرض هربا !!.

 

 

مصر لم تقل سوي  : بخ ، فقط ، فماذا لو فعلت وتحركت !!.