كتب: شيماء
إسماعيل*
يتخوف خبراء الصحة
النفسية من ( جائحة الأمراض النفسية ) التى ستظهر بعد كورونا والذي فرض ظروفاً استثنائية
على مليارات من الناس. فهناك دراسات تؤكد ازدياد اضطرابات القلق ، الاكتئاب و
المشاكل السلوكية الخطرة مثل إيذاء الذات و العنف ، و الانتحار بين الجموع .
إضافة الى اضطرابات
ما بعد الصدمة و التروما بين أفراد الطاقم الطبى الذين يعانون من ضغوط هائلة و مستمرة
بسبب كورونا. فهم معرضون لرؤية آلاف الوفيات للمرضى و الشعور بالعجز وأحيانا عليهم
اتخاذ قرارات خطيرة .
هذا الضغط اليومى
يتصاعد، و يضاف إليه خوفهم من التعرض للعدوى و نقل العدوى لعائلاتهم و أطفالهم . كما
أنهم ملزمين على اختيار نمط حياة مغاير تماما لما تعودوا عليه لحماية أحبائهم و
الالتزام الدقيق بالتباعد الجسدي و التعقيم .
فى هذا السياق ذكرت
جيسيكا جولد ، طبيبة نفسية في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس ، أن العاملين
في مجال الرعاية الصحية كمجموعة يمكن أن يصابوا بمعدلات عالية من القلق والاكتئاب
ومشكلات تعاطي المخدرات والإجهاد الحاد ، وفي النهاية اضطراب ما بعد الصدمة .
المصابين بكورونا إضافة
الى كل ما سبق ، يتعرض الكثير منهم الى وصمة العار . و التى تتسبب بتمييز سلبى
ضدهم . لذا نرى أشخاصا كثر يخفون إصابتهم بكورونا خوفا من الوصمة ، أو يهربون من
المستشفيات . أو كما رأينا ، انتشار لوم الصينيين و الأسيويين عموما على جائحة
كورونا و كان هذا التمييز السلبى ضدهم مصاحبا لعنف جسدي و نفسي أحيانا .
لكن كيف يعمل القلق ؟
و كيف تظهر الاضطرابات نفسيه ؟
حسب آخر الإحصائيات المنشورة
فى جمعية علم النفس الأمريكية ، يصاب 7% من الراشدين بالقلق الاجتماعي ، و 7% الى 9%
يصابون بالمخاوف و الفوبيات المحددة .
كما يعتبر اضطراب
القلق هو أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا فى الولايات المتحدة الأمريكية .
يعتبر القلق شعور
طبيعى عند وجود خطر حقيقى ، فهو يحفزنا لحماية أنفسنا و الآخرين . يتحول القلق الى
اضطراب حين نشعر بأن الأخطار تتفاقم و قدرتنا على مواجهتها تقل فى المقابل ، فيصبح
القلق معرقلا للحياة الطبيعية . وحينها نطور السلوكيات التجنبية مثل رفض الخروج من
المنزل ، الهروب من اى موقف يثير القلق ، تعميم الخوف و القلق على باقى جوانب
الحياة ، توقع الاسوء بدون أسباب منطقيه وفى ظل كورونا يضاف الى هذا ، الشعور
بالهلع عند ظهور بعض الأعراض المشابهة لأعراض كورونا ، المبالغة فى التعقيم و
تكراره بدون داع ، القلق من فقدان الاحبه و فقدان مصدر الرزق .
كما يكون القلق
مصاحبا لظهور أعراض جسدية تتمثل فى ازدياد ضربات القلب ، التعرق ، الشعور بالإعياء
، مشاكل فى الجهاز الهضمى ، مشاكل فى النوم ، الأرق . و تنتشر سلوكيات مؤذيه فى ظل
القلق من كورونا مثل شرب المعقمات ، العنف الأسرى ، استخدام الأدوية بدون وصفه طبية
أو أدوية فى قيد الدراسة و التجريب .
تظهر هذه الأعراض عند
الراشدين و الأطفال بصوره مختلفة ، و بسبب جائحة كورونا ، من المتوقع ان تتزايد
حالات القلق بين كل الفئات ، ليس بسبب كورونا فقط بل ايضا بسبب التركيز الاعلامى
الهائل و السلبى فى أحيان كثيرة على الجائحة و انتشار الشائعات فى السوشيال ميديا .
بطبيعة الحال ،
يتزايد القلق عند فئات معينة أكثر من فئات أخرى .
يشمل هذا الكبار فى السن و أصحاب الأمراض المزمنة
الذين هم أكثر عرضة للإصابة بكورونا . إضافة الى الأشخاص الذين كانوا يعانون من
القلق أو إحدى الاضطرابات المصاحبة مثل نوبات الهلع و الفوبيات سابقا .
كيف نستطيع مواجهة
القلق ؟ هل هناك طرق تساعدنا على التحكم فى مخاوفنا ؟
من حسن الحظ أن القلق
يعتبر من الاضطرابات القابلة للعلاج و هنا سنورد بعض الطرق التى تساعدنا على
الـتأقلم مع القلق من كورونا :
1-ابتعد عن المواقع و
الصفحات التى تنشر الإشاعات و لا تساهم فى نشرها .
2- حاول المحافظة على
روتين منظم للحياة . حتى لو كنت تقضى الوقت فى المنزل .
3-التباعد الاجتماعي
لا يعنى التباعد النفسى ، لذا عليك بالتواصل مع أقربائك و أصدقائك من خلال
الانترنت و الهاتف و باقى الطرق الآمنة.
4- خذ قسطا كافيا من
النوم و مارس الرياضة و الحركة فى المنزل.
5- حافظ على الأمور
الروحية و الترفيهية التى تساعدك على الاسترخاء مثل الصلاة ، قراءة الكتب ، ممارسة
نشاط فنى مثل الرسم ، الغناء و ما شابه .
6- تعلم طرق
الاسترخاء المختلفة مثل التنفس ، التلوين ، اليوغا و مد العضلات .
7-حاول تفنيد أفكارك
المقلقه ، اكتبها و حاول مناقشتها مع شخص تثق به و يستطيع تقديم دعم نفسى لك .
8- قم بالأعمال
المنزلية التى تم تأجيلها سابقا بسبب الانشغال .
9 – تحلى بالأمل .
10- اطلب المساعدة من
المختصين النفسيين عند الضرورة .
نحتاج الآن الى جيش
من الأطباء و المعالجين النفسيين لاحتواء آثار جائحة كورونا . و ان نتكاتف لنستطيع
عبور هذه المرحلة الصعبة من تاريخ البشرية . لأن الصحة العقلية و النفسية هى ضرورة
لا رفاهية فى حياة الإنسان .
ــــــــــــــــــــــــ
*معالج نفسى
0 تعليقات