آخر الأخبار

لا كبيرة للمسكنات





 

 

عمر حلمي الغول

 

 

 

تقوم كل من إدارة ترامب، وحكومة نتنياهو منذ فترة بمحالاوت إلتفافية على قرار القيادة الفلسطينية المتحلل من الاتفاقات المبرمة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، ومن كل أشكال التنسيق مع الجهتين، لأنها جزء من الكل، وليست إستثناءا. ولم تتوقف بعض الشخصيات والدول ذات العلاقة مع الجانبين من نقل الرسائل الشفوية المطمئنة، ونثر الوعود، وفي ذات الوقت، التلويح بالعصا الغليظة، والتهديد والوعيد المعلن والمبطن لثني القيادة عن موقفها وقرارها.

 

 

 

لكن قيادة منظمة التحرير لم تهن، ولم تتراجع، ولم تخش شيئا، لأنها تدرك الحقيقة المرة، التي ينطبق عليها المثل الشعبي الفلسطيني: "اللي خايفين منه، قاعدين عليه!" ولا يوجد شيء نخسره أكثر مما نعيشه في الواقع المؤلم. ونتيجة صلابة وصمود الشعب والقيادة على حد سواء في رفض صفقة ترامب نتنياهو، وأحد ابرز فصولها الضم للأغوار الفلسطينية، التي تزيد مساحتها عن ال30% أنقلب السحر على الساحر، حيث تعاظم الرفض العالمي لجريمة الحرب الإسرائيلية، وبدأ يتخذ منحاً أكثر جدية وخشونة مما كان عليه في المحطات السابقة، وايضا أخذت مواقف الإدارتان الأميركية والإسرائيلية في التصدع والتآكل، رغم وجود جناح الصقور الفاشي في أوساط القيادتين غير العابىء بالنتائج والتداعيات، والمتعجل الضم للأراضي الفلسطينية. 

ويجري بين الفينة والأخرى نشر وبث وتسريب أخبار عن نية حكومة نتنياهو بعدم الضم للأغوار، وانما لبعض المستعمرات والنقاط الهامة للأمن الإسرائيلي، وبعضها كما طالب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، يوسف العتيبة ب"تأجيل الضم" لوقت آخر أكثر ملائمة .. إلخ من السياسات الترقيعية والبالية. كل هذة الأخبار وغيرها لن تثني، ولن تفت في عزم القيادة الفلسطينية. لإنها لا تغير من معادلة الصراع شيئا، فالأساس الناظم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هو جذره، وعنوانه الأول، اي الإستعمار بحد ذاته، وليس ضم جزء، أو الضم الكامل، او تأجيل موعد الضم، او زيادة الرشوة المالية، أو اي محاولة من هذا القبيل.

 

 

كل التفاصيل المذكورة لا يجوز لها ان تحرف بوصلة الصراع، والهدف الأساس من عملية السلام، والذي يتمثل في إزالة الاستعمار الإسرائيلي مرة وإلى الأبد عن كل مليمتر من اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وأغوارها، وعدم بقاء مستعمر واحد فيها، والتمتع بالسيادة الكاملة، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194. غير ذلك يصبح الحديث غير ذي شأن، ولا يمت بصلة لجذور الصراع. ويبقى مجرد ترهات مرفوضة، أضف إلى انه يفتح الباب على مصاريعه لعودة العنف والفوضى والحروب.

 

 

وعليه تملي الضرورة الحذر من الوقوع في حقول الغام المسكنات، أوالتورط في تجزئة المجزء تحت ذرائع واهية، لا تستقيم، ولا تستجيب للحد الأدنى من المصالح الوطنية العاليا. والتأكيد على ان رفض الضم وصفقة القرن الترامبية، هو الرفض المبدأي الحاسم لإية مقايضات ومناورات عبثية تستهدف الهدف الفلسطيني المركزي والجامع للكل الوطني، والتمسك الثابت بالثوابت الوطنية في إستقلال ناجز وكامل للدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، دولة متواصلة الحدود والجغرافيا والسكان والسيادة الإدارية والسياسية والديبلوماسية والأمنية، وضمان عودة اللاجئين لديارهم التي طرودوا وشردوا منها عامي النكبة والنكسة.

 

 

لذا على الحاوي الفاسد نتنياهو، وعلى الرئيس ترامب وفريقه الصهيوني والمتصهين الكف عن الألاعيب والمناورات المفضوحة والمكشوفة. لإنه في حال إنقلبت معادلة الصراع، فهم اول الخاسرين، وليس الشعب الفلسطيني وقيادته، لإنهم لن يخسروا شيئا، كونهم واقعون تحت نير الإستعمار، وسيواصلون الكفاح بكل اشكاله والوانه حتى يستعيدوا حقوقهم كاملة بالحدود المعلن عنها، والمنسجمة مع الشرعية الدولية وإستحقاقاتها لبناء ركائز السلام والعدالة النسبية.

 

 

نعم الشعب العربي الفلسطيني ضعيف وصغير، ولكنه صاحب إرادة فولاذية لا تقهر، لا تستهينوا به. وإياكم ان تعتقدوا، ان الكرسي والطاولة والعمل البيروقراطي غَّير الناس كثيرا، ففي الظاهرة العلنية في بيروت وعمان ودمشق وتونس والجزائر ايضا كان هناك طاولات وكراسي، ولكن القيادة والشعب كانوا في خندق الثورة. والثورة المعاصرة، وإن إختلف طابعها منذ اوسلو، غير انها لم تنته، ولن تتوقف إلآ بتحقيق الأهداف والثوابت الوطنية كاملة غير منقوصة.

 

 

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com


إرسال تعليق

0 تعليقات