آخر الأخبار

بين الكتابة والتدريس

 

 




 

 

عز الدين البغدادي

 

 

مارست التدريس في الحوزة العلمية لفترة غير قصيرة، وكان أول كتاب قمت بتدريسه هو كتاب "جواهر البلاغة" ثم استمر الحال على ذلك لسنوات، وكنت اقسم وقتي كله بين الدرس والتدريس والمطالعة والكتابة الى أن استقر بي الأمر على التوجه للكتابة حيث قررت منذ سنوات التفرغ لذلك تماما.

 

 

وكثيرا ما سمعت عتبا ومناشدة من أخوة أعزاء يطلبون مني الرجوع إلى التدريس، وكان جوابي لهم بأنّ التدريس شيء جميل فهو مع الجانب المعرفي يجعلك على تماس على الطلبة ويوسع قاعدة التعارف، وهو يعطي شأنا كبيرا للأستاذ، إلا أنه يبقى مجدا مؤقتا لا سيما وأن المؤسسة العلمية وبصراحة قليلة المبالاة بأبنائها فهي لا تبالي بك إذا حدث لك مكروه، ولا تهتم بك عادة عندما تتعرض لظرف صعب..

 

 

وهي تقبلك إلا إذا كنت ضمن الخط العام، ولا تحبك إلا إذا كنت من المؤيدين بدون تحفظ.. وأما إذا بينت رأيا مخالفا لذلك فإن الأمور ستتغير بل وتنقلب.

 

 

قلت لهم: يقال بأن الشيخ الآخوند الخراساني كان يجلس في درس بحثه مئات الطلبة، لكنه مضى ومضوا، وهذه سنة الحياة، وما بقي هو كتابه ومنهجه. نعم، فالفكر يبقى.

 

 

وكنت اذكر لهم نموذجا آخر هو ابن تيمية بغض النظر عن رأينا في مضمون طرحه، فهو كفقيه واحد مما لا يحصى عددهم من الفقهاء إلا أنه كمفكر لا زال باقيا بتأثيره على مر القرون، والسبب هي كتبه ولأنه لم يكن فقيها تقليديا.

 

 

الكتاب فكر، لذا فهو يبقى.. أما التدريس فهو رغم أهميته فإن السنوات التي تمر لن تلبث أن تطويها كواحدة في زحمة الذكريات إذا بقي من يتذكرها.

 

 

( الصورة في جامع الرأس قبيل أو بعد الاحتلال بزمن قليل)


إرسال تعليق

0 تعليقات