بقلم : البروفيسور الدكتور أمجد صابر الدلوي
رئيس جامعة جيهان / اربيل
قد يكون السؤال عما إذا كانت جامعات إقليم كوردستان قد طبقت نظام العبور،
صادماً للوهلة الأولى، أو لنقل أن الإجابة عليه مفروغ منها، فالكثير من الطلبة
والبعض من غير المختصين يروجون لذلك، ولكن لنراجع الأمر بهدوء وتمعن، فمنذ ان
أصدرت حكومة إقليم كوردستان قرارها المعنون (تعليمات التقييم النهائي للعام
الدراسي ٢٠٢٠/٢٠١٩) والمرقم ٥٣٢٤ في ٢٠٢٠/٦/١،
وتضمن تسعة مواد، وما انفك الحديث عن ان طلبة الجامعات في الإقليم (سيعبرون) للمرحلة
التالية من دون تقييم!
وهو بالطبع ادعاء لا صحة له على الإطلاق، وببساطة شديدة فإن معيار انتقال
الطالب من مرحلته الحالية الى المرحلة الأعلى هي نتيجته في التقييمات التي يخضع
لها، وهي القاعدة الذهبية في التعليم في كل إرجاء العالم، وبقراءة دقيقة لقرارات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في
إقليم كوردستان، نلاحظ إنها تصب في صميم تحقيق هذا المعيار بشكل واضح ومباشر
ودقيق، ولنرى الآن كيف؟
قد يُفاجيء البعض ان أخبرناه ان الطالب الجامعي في إقليم كردستان، سيخضع
هذا العام لمعايير في التقييم، ربما أكثر
حتى من السنوات السابقة التي تشهد في العادة امتحانات نهائية تقليدية!
نعم فالطالب هذا العام عليه ان يجتاز بنجاح عدة تقييمات وفق التخصصات
العلمية، وليس مجرد تقييم واحد حتى يتمكن
من النجاح والانتقال الى المرحلة الأعلى، وهي كما يلي :
- تقديم تقرير علمي لكل مادة دراسية وفق اشتراطات علمية رصينة، ويجب ان يتم
تقييمه من قبل أستاذ المادة، مثل ما يحصل في الاشتراطات والأساليب التي تشهدها
مناقشات البحوث والدراسات العلمية، وعليه درجة.
- تقديم دراسة حالة Case Study عن موضوع عملي في الاختصاص؛ ولكل مادة
دراسية، وتخضع لتقييم علمي من قبل أستاذ المادة، وعليه درجة أيضا.
- تقديم ملخص لفصل من فصول دراسته في كل مادة علمية درسها الطالب، ويخضع
الملخص المقدم لتقييم علمي، وعليه درجة هو الآخر .
-
على الطالب الجامعي ان يجيب على أسئلة يتلقاها من
أساتذته في مختلف مواد المنهج الدراسي وفق أسلوب الـ Open Book. وعليه أيضا درجة .
ترى هل يسمى كل ما تقدم (عبورًا) ؟!!أم هو تقييم كامل الأركان متكامل الهدف
والغاية ؟!
ان كل ما تقدم هو للدور الأول فقط، وستعاد ذات الآليات على الطالب في الدور
الثاني، ان لم يتمكن من النجاح في الدور الأول، وبالتأكيد فإن الطالب الذي يفشل في
كلاً الدورين سيُعد راسباً ويعيد العام الدراسي وفقا للقوانين والتعليمات النافذة .
ويسبق هذا كله، احتساب علمي دقيق لدرجات السعي السنوي للطلبة بحسب نظام
الدراسة في كل جامعة سواء كان نظاماً سنويا او فصليًا أو بحسب نظام بولونيا في
الجامعات التي تنتهج هذا النظام في الإقليم، اخذين بعين الاعتبار إجمالي ساعات
الدراسة التي حصل عليها الطلبة منقوص منها أيام الحظر بسبب تفشي جائحة كورونا،
والتي بلغت أكثر من ٢٢ أسبوعًا دراسياً في النظام السنوي، و أكثر من ٨ أسابيع في
النظام الفصلي .
لا ادري بعد كل هذه الإيضاحات كيف يمكن ان نسمي ما قررته وزارة التعليم
العالي والبحث العلمي في اقليم كوردستان، عبوراً؟
وهل ان كل هذه التقييمات التراكمية المتنوعة شكلاً وأسلوبا ومضمونًا، وهي
ذاتها التي تستخدم في معظم الجامعات العالمية ذات المواقع المتقدمة في التصنيفات
الكبرى، لا تكفي لتكون بمثابة تقييم لنجاح الطالب من رسوبه ؟
وللنظر الان الى ما قررته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الاتحادية،
بخصوص إجراء امتحانات نهائية الكترونية مقرونة بتقديم تقرير من ٣٠ درجة والباقي لأداء
امتحان الكتروني يتضمن استخدام أسلوب الـ Open Book أيضا، فما هو الاختلاف بين
هذا الأسلوب في التقييم النهائي للطالب وبين ما قررته وزارة التعليم العالي في الإقليم
؟
لماذا نسمي إجراءات وزارة الإقليم عبوراً والوزارة الاتحادية ليس بالعبور ؟!
ان فلسفة تقييم الطالب في اَي مرحلة دراسية كانت، هي معرفة مدى استيعابه
واستحضاره للمواد الدراسية التي حصل عليها خلال العام الدراسي، وما جاءت إجراءات وزارة التعليم العالي في اقليم
كوردستان الا لتكون في صلب هذه الفلسفة وتلبية لتوفير معيار علمي منصف وعادل لنجاح
الطالب او رسوبه، وهو ما يدخل ضمن أساسيات عمل وتوجهات منظمة التربية والعلوم
والثقافة (اليونسكو) التي اجازت للجامعات حول العالم، اعتماد معايير علمية مبتكرة
لمعرفة مدى استيعاب الطالب للمواد الدراسية التي تلقاها خلال دراسته، ما يجعل
إجراءات الجامعات في الأقاليم في صميم توجهات اليونسكو وأهدافه، بل ويزيد من
رصانتها العلمية ويعزز من صورتها المحلية والعالمية، ويقوي من رصانة الشهادة
الجامعية التي تمنحها لطالب اجتاز عدة تقييمات لا تقييم واحد في زمن الإغلاق
والحظر وتعطيل المؤسسات التي يشهدها العالم كله.
ان اقليم كوردستان وبإجراءاته المتقدمة هذه، إنما يؤكد علو كعب التعليم
العالي في الإقليم وتفرده رصانة وإجراءات وأساليب، ويرسل رسائل إيجابية داخلية
وخارجية، رسائل اطمئنان للطالب وذويه، انه يتلقى تعليماً رصيناً برغم كل الظروف،
ويؤمن مخرجات كفوءة ومتمرسة تقوم بأعباء الدولة والمجتمع، و رسائل للخارج جامعات
ومنظمات إقليمية ودولية، مفادها ان التعليم العالي في إقليم كوردستان، لازال برغم
كل الظروف رقماً صعباً للتقدم العلمي والريادة التكنلوجية، وواجهة مشرفة للإقليم أمام
العالم كله .
اذاً وبعد كل هذا، هل هنالك من سيأتي ويقول ان جامعات إقليم كوردستان تطبق
نظام العبور ؟!!!
0 تعليقات