رياض محمد
قررت اليوم الانتقال مؤقتا من موقع وزارة الخارجية الأمريكية الى موقع
وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. ولمن لا يعرف فان الموقع الأخير يحوي 13
مليون صفحة من الوثائق السرية التي أفرجت عنها وكالة المخابرات المركزية وإتاحتها
للعامة.
وعندما تضع كلمة العراق في خانة البحث تكون النتيجة 16 الف و81 وثيقة عن
العراق فقط!
من بين الوثائق التي أثارت اهتمامي - وبما أننا احتفلنا بمئوية ثورة
العشرين قبل أسبوعين و نسينا ان هذا التاريخ يصادف أيضا الذكرى 47 لمحاولة انقلاب
ناظم كزار – وثيقة عن هذه المحاولة.
الوثيقة عبارة عن تقييم لوكالة المخابرات المركزية عن محاولة انقلاب ناظم
كزار مؤرخ في 4 تشرين اول 1973 ومرسل الى وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.
ويقول التقييم ان المحاولة الفاشلة تمثل دليلا على عدم الاستقرار في نظام
البعث الذي يقوده البكر وصدام. وان التنازع الداخلي كان سمة هذا النظام لكن هذا
التنازع اشتد في الشهور الأخيرة.
ويقول انه بينما تشكل الاختلافات الايديلوجية عاملا مهما فان الاختلافات
الشخصية عامل اهم. وان المخابرات الأمريكية لاتملك معلومات عن هوية المعارضين
الداخليين للنظام في العراق لكن النظام يتصرف بعصبية.
وان النظام حاول كسب التأييد الشعبي بتقديم وعود عن الديمقراطية وتخفيف
القيود لكنه في نفس الوقت استخدم قمعا قاسيا مع معارضيه المعروفين. كما انه حاول
تحقيق هذا الكسب الشعبي عبر الجبهة الوطنية التي انظم اليها الشيوعيون ويحاول ان
يضم الأكراد اليها ايضا.
ويقول التقييم ايضا ان البكر الذي يمثل العسكر وصدام الذي يمثل الحزب كانا
يتنافسان حتى تاريخ المحاولة الانقلابية وانهما يعملان معا الان لاعادة الاستقرار
ومن اجل بقائهما المشترك في السلطة.
ويمضي التقييم قائلا ان البكر وصدام أصبحا يتصرفان بخوف منذ محاولة
الانقلاب. وان الإجراءات الأمنية المشددة في بغداد الاسبوع الماضي ومنها حظر
التجول وإغلاق المطار والحدود وعمليات تفتيش من بيت الى بيت كانت على الاغلب جزءا
من الصراع على السلطة رغم ان ذلك قد ربط بمطاردة لمجرم عنيف في بغداد (يقصد ابو
طبر).
وان عمليات التفتيش قد نفذتها الشرطة التابعة لوزارة الداخلية عكس المرات
السابقة التي قام الجيش خلالها بذلك. وان صدام حسين يحاول ابعاد الجيش عن الصراع. وان
محاولة انقلاب حزيران نفذها مدير الامن ناظم كزار ولم يكن بمعيته سوى افراد منخفضي
الرتبة من الجيش.
وقد فشلت جهود السلطة في القضاء على المشاكل. وانتشرت منشورات تهاجم النظام
وتطالب بعودة الجنرال صالح مهدي عماش الذي كان الى وقت قريب سفير العراق في
الاتحاد السوفييتي وعبد الكريم الشيخلي وزير الخارجية السابق وعضو ممثلية العراق
لدى الامم المتحدة حاليا الى السلطة. وطالبت المنشورات ايضا بتصحيح الانحراف الذي
اصاب الحزب. كما ان هذه المنشورات وضعت الصراع على السلطة امام العامة.
من جهة ثانية فان نتيجة ثانوية لهذا الصراع كان انفتاحا متواضعا امام الغرب
في النواحي التجارية. ونحن (المخابرات المركزية) نعتقد ان النظام يحاول ابعاد
الاعين عن المشاكل الداخلية ويوسع القاعدة الشعبية. وما يعنيه هذا للولايات
المتحدة لا يزال غير واضح. وليس هناك اي دليل على ان هذا الوضع سيشكل انفراجة
حقيقية في العلاقات الامريكية – العراقية. كما ان تغيرا اساسيا في انحياز العراق
للاتحاد السوفييتي غير محتمل. كما انه ومن المؤكد فان شراء العراق لقاصفات روسية (سوبرسونيك)
متوسطة مؤخرا يوضح مدى اعتماد العراق على موسكو.
ويختتم التقييم بالقول ان مشاكل العراق المتمثله بتكوينه الديني والسياسي
ستؤثر على علاقاته الخارجية بغض النظر عن شكل حكومته الحالية.
رابط الوثيقة:
0 تعليقات