علي الأصولي
كان بروكرست في
الميثولوجيا اليونانية على ما نقل أنه قاطع طريق يعيش في أتيكا ، و كانت له طريقة
خاصة جداً في التعامل مع ضحاياه ، فقد كان يستدرج ضحيته و يُضيّفه و يُكرِم وفادته
، و بعد العشاء يدعوه الى قضاء الليل على سريره الحديدي الشخصي ، إنه سريرٌ لا
مثيل له بين الأَسِرَّة إذ كان يتميز بميزةٍ عجيبة. هيَ ان طوله يلائم دائماً
مقاسَ النائم أيّاً كان ، غير ان بروكرست لم يكن يتطوع بتفسير كيف يتأتَّى لسريره
ان يكون على مقاس الجميع على اختلاف أطوالهم ، حتى اذا ما اضطجع الضحيةُ على
السرير بدأ بروكرست عمله ، فجعلَ يربطه بإحكامٍ و يشدُّ رجليه ان كان قصيراً
ليمطهما الى الحافة او يبترهما بَتراً ان كان طويلا ليَفصِل منها ماتجاوز المضجع ،
حتى ينطبق تماماً مع طول السرير و ظل هذا دأبه الى ان لَقيَ جزاءه العَدل على يد
البطل الإغريقي ثيسيوس الذي أخضعه لنفس المَثُلة ، فأضجعه على السرير ذاته و قطع
رقبته لينسجم مع طول سريره .
نعم : يشير مصطلح ( سرير
بروكرُست ) الى ايّة نزعة الى ( فرض القوالب ) على الأشياء أو الأشخاص أو النصوص
او لَيّ الحقائق و تشويه المعطيات و تلفيق البيانات لكي تنسجم قسرا مع مخطط ذهني
مسبق . إنها القولبة الجبرية و التطابق المُعتَسف و الانسجام المُبيَّت ، انه
افتِئاتٌ على الواقع قلّما يفلت من غضبه المنطق و انتقام الحقيقة.
ربما كلكم قد طالع
كتاب ( الممهدون للمهدي ) في التسعينيات وكيف كان مؤلف الكتاب - علي الكوراني - يحاول
جاهدا وبما أوتي من قوة بيانية وتمثيلية ان يجير قصة المهدي وحركته وشخصيات عصر
الظهور وفق سياسات وانساق متبعة لأيدلوجيات سياسية معاصرة آنذاك . وقد صدقها
الشباب آنذاك وراح ضحية الانطباعات والقراءات الخاطئة الكثير من المغرر بهم .
هذا الاتجاه بإسقاط
روايات عصر الظهور لم يتوقف عند هذا النموذج بل جر بعده نماذج كثر في الداخل
العراقي على أيام مرجعية السيد الصدر وظهور بعض الدعوات وليس انتهاء ببعض الحركات
المعاصرة التي تجير روايات الإمام المهدي(ع) لصالحها وتكسب الشباب الذين يتوقون
لمعرفة ونصرة الإمام غير ان المؤسف في نهايات القصص وبعد خراب عكة تظهر ان
التوهمات التي اركسوا بها نتيجة الدعاة ( لسرير بروكرست ) حيث صيغة القوالب وتم
لوي عنق النصوص لخدمة أمجاد المتوهمين أو الماكرين والى الله تصير الأمور.
0 تعليقات