د.أحمد دبيان
جاءت رسالة المعلم
العظيم عيسى بن مريم ثورة تصحيحية حقيقية على كل ممارسات الكهنة والكتبة
والفريسيين الذين رسخوا أمام الشعب أنهم بوابات الملكوت وحملوا الجميع أحمالاً
عسره فصارت الشعائر إصراً مقيداً للإنسانية وللحياة ذاتها.
وباسم الآباء والسلف
تم سجن التفكير والعلم فى طبقية معطلة لأي تجديد فكرى فجاءت ثورة المسيح لتضرب
طبقية الكهانة التى صارت ميراثاً لكل دعى ينتسب زوراً للآويين .
جاء اختيار المسيح
عليه السلام لحوارييه ومريديه وتلاميذه من عامة الشعب ومن ملح الأرض .
فمن صياد إلى عشار
كان المبدأ للاختيار ان يبيع المريد جشعه وطمعه الدنيوى وخطاياه ليتبع المعلم
العظيم . ليصير مقياس التمايز هو القدرة على جهاد النفس والنوازع والأطماع .
عاش الأتباع الأوائل
حياة زهد وتقشف فى تشاركية حقيقية للمطعم والملبس والمأكل دون تمايز أو كهنوت .
وجاء التلاميذ والرسل
ليرسخوا للجوهر ذاته فكانت الكنيسة الأولى تتمتع باشتراكية فريدة وشيوعية مالية
بلا ملكية خاصة .
حين واجه الإمبراطور
قسطنطيين والذى كانت والدته هيلانه مسيحية ، معارك فاصلة كادت أن تقوض الإمبراطورية
بدأ البحث عن نظرية معضدة للحكم تكون الوعاء المرجعى السياسى اللاهوتى لحكمه .
يسجل المؤرخ اوساويوس
القيصري وبعض المصادر المسيحية الأخرى أن قسطنطين شهد موقعة كبيرة عام 312م في
معركة جسر ميلفيو، والتي دعي بعدها قسطنطين بالإمبراطور الأعلى في الغرب.
ووفقا لتلك المصادر،
فقد نظر قسطنطين للشمس قبل المعركة ورأى صليباً من نور فوق الشمس ومعها كلمات
باليونانية: " " ("فز بهذا"، وكثيراً ما حولت للاتينية "in hoc signo vinces"). وأمر قسطنطين قواته بتزين دروعهم برمز المسيحية ( شيرو)،
وبعد ذلك انتصروا .
كان اعتناق قسطنطين
للمسيحية ورغم تعميده على سرير وفاته نقطة تحول مبكرة .
فبعد انتصاره أخذ
قسطنطين دور الحامي للعقيدة المسيحية. فقد كان يدعم الكنيسة بالأموال، وبنى عدد
كبيراً من الكاتدرائيات، ومنح رجال الدين بعض الامتيازات (كالإعفاء من ضرائب معينة)
لرجال الدين، وولى المسيحيين رتباَ رفيعة في الدولة، وأرجع الممتلكات التي صادرها
دقلديانوس خلال "الاضطهاد العظيم"، كما وهب الكنيسة أراضي وثروات أخرى.
كانت هذه هى بداية
تحول رسالة المعلم العظيم بتعاليمها الإنسانية الداعية للحب والتسامح وتخفيف إصر
غلواء التأويل المتعسف للشريعة بفقه يقيد الإنسان ويعيق مقدراته الى كهنوت يتاجر
بالإنسان ويبيعه صكوك غفران ، وفدادين جنة وحرمان أبدى من دخول الملكوت من الطبقية
الدينية التى رسخت الطبقية السياسية ، ومنحت الحق الإلهى للحاكم فى الحكم ليصبح
الحكم البشرى من السماء ومخالفته مخالفة للسماء ، لتقطع اى رأس تحاول التفكير فى
القرارات البابوية التى تم تحصينها قداسة بأنها وحى من الروح القدس . ولننتهى الى
ان يطمح البابا نفسه الى ان يجمع السلطة الدنيوية والدينية معا فكانت الحروب
البابوية التى سفح فيها دماء الآلاف باسم الرب وباسم البابا وباسم الدين.
ليمتلك البابا
السلطتين السياسية والدنيوية معا .
0 تعليقات