آخر الأخبار

السلفية الإلحادية (2)





 

د.أحمد دبيان

 

 

 

 

الفراعنة وفى أوج مجدهم الحضاري والحربي كانوا يقومون بقطع الأعضاء الذكورية لقتلى الأعداء كوسيلة من وسائل الحصر الحربي .

 

هل نستطيع اليوم محاكمتهم بمقاييس عصرنا ناعتين إياهم بالوحشية والمثلة وعدم الإنسانية .

 

 

 

قامت الإمبراطورية الرومانية على القتل الجماعي للشعوب بل وابتدعت فيما ابتدعت طبقة المصارعين ارضاءاً لغرائز اللهو التي لا تشبع لتترك الساحات مفروشة بالأشلاء والرؤوس والأقدام .

 

 

 

هل يمكن اليوم محاكمة الإمبراطورية الرومانية بمعايير عصرنا الحالي ؟

 

 

 

في المجتمعات الكلاسيكية القديمة، استكشف عدد من الكُتّاب الإغريقيين كأفلاطون وهيرودوت وزينوفون وأثينايوس وغيرهم موضوع المثلية الجنسية في اليونان القديمة. وقد كانت أكثر صور العلاقات المثلية انتشاراً وأكثرها أهمية من الناحية الاجتماعية خلال ذلك الوقت في اليونان القديمة هي العلاقة بين الرجال البالغين والصبية اليافعين أو المراهقين، وقد عُرفت هذه العلاقات وقتها باسم

 

حب الغلمان (بيدراستيا) (كما كانت الزيجات بين النساء والرجال في اليونان القديمة تتبع كذلك للعمر، حيث كان من الشائع أن يتزوج الرجال في الثلاثينات من عمرهم من زوجاتٍ كانوا في سنين مراهقتهن الأولى )

 

مما يطلق عليه اليوم

 

Pedophilia

 

نطرح هنا هذا السؤال .

 

 

هل يمكن محاكمة ممارسات تاريخية ما بمقياس تطور مجتمعات عصرنا الحالي ؟

 

وهل يمكن إطلاق أحكام أخلاقية على تلك الممارسات بمعايير عصرية ؟

 

 

تكمن الإشكالية الحقيقية فى الخلط ما بين الإطار العام للمعايير الأخلاقية ، الشرائعية المنزلة كنص مقدس وما بين ممارسات اجتماعية موغلة فى القدم والممارسة تم تديينها وإسباغ القداسة عليها .

 

الدين الذى يمتلك خاصية الانتشار ، فى جوهره هو مجموعة من الحركات الإصلاحية الثورية التى تأتى لتقوِّم ممارسات أخلاقية منحدرة أو تمايز صارخ بين الطبقات ، مانحا الصدارة لقيم العدل والمساواة والإنسانية .

 

 

 

وهذا ما أتاح الانتشار للديانات الإبراهيمية والتى وبدون منظوماتها الأخلاقية ما كان ليتأتى لها هذا الزخم البشرى المنتشر فى أنحاء الكرة الأرضية .

 

 

 

ولكن ولأن المساواة ونبذ الاحتكار والتمايز وقيم العدل تقوض مكاسب الطامحين الطامعين ، تتعرض الرسالات والديانات لخروقات المنتفعين أو المتاجرين لتمنهج تحويلها إلى هيراركية سلطوية ترسخ لمنظومة جديدة يتصدر فيها رجل الدين القادر على حشد الجماهير وتحريكهم ليترصد هذا منظومة السلطوية الليفياتانية ، فتنتهى الرسالة الثورية الداعية للعدل والمساواة والمعايير الأخلاقية ليتم لوى كل التعاليم الإنسانية لتصب بتأويلات السلطة الدينية الداعمة والمتحالفة مع السلطة السياسية الى ما يرسخ لليفياتانية الدولة.

 

و لويثان او ليفياتان

 

Leviathan

 

عنوان لكتاب الفيلسوف الإنجليزى توماس هوبز وهو من أهم كلاسيكيات الفلسفة السياسية وينافس فى شهرته كتاب الأمير لميكيافيللي والعنوان مقتبس من العهد القديم. حيث لويثان هو وحش بحرى مخيف يمزج خصائص التمساح والأفعى و التنين و الحوت معا. و لايقوى اي بشرى مهما كان على مجابهته.

 

 

يتحتم هنا أن يتم منهجه الفكر السياسي أو النظرية الداعمة للكيان فأتى دور الكهانة لتقوم بهذا الدور فى الفكر اليهودي والمسيحي والإسلامي .

 

كانت الريادة لليهود فى منهجة الشريعة لتمنح الخصوصية للشعب اليهودى فجاءت شروحات التوراة ( مشناه توراة ) ولتتطور الى علم الفقه والفتاوى فى الزرع والنساء والأنبياء والطهارة .

 

وليصبح السلوك الفردى اليهودى محكوم باجتهادات الفقهاء من ذبائح تقدمة لذبائح خطية لطهوروت لضربات برص ، ولينتهى الأمر الى طبقية كهانية نفعية حملت الناس أحمالاً عسره حتى بعد انتهاء السلطة السياسية بسقوط اليهودية فى ايدى الرومان ولتصبح السلطة الدينية الفريسية الصدوقية والسنهدرين هى السلطة السياسية والدينية معاً.



السلفية الإلحادية (1)




إرسال تعليق

0 تعليقات