محمود جابر
بالصدفة البحتة قرأت مقالا للمحام أحمد عبده ماهر والذى اعرفه منذ سنوات
معرفة شخصية وجمعنا ندوات وأعمال وقت أن كان ضيفا على مائدة البحث لدى أستاذي
الكبير الدكتور رفعت سيد احمد، وكنا نختلف مرة ونتفق مرات ...
ولكن ما قرأته كان أمرا لا يمكن
السكوت عليه أو ان يمر مرور الكرام، وهذا المقال بعنوان ( متى يتخلى الأزهر عن
الفقه على المذاهب الأربعة وغيره )!!
وللحقيقة هذا عنوان اتفق مع بعض التحفظات، فأنا اتفق ان تتخلى المؤسسات
الدينية على تبنى المقولات الجديدة على مستوى الفتوى، وأن يتم تجديد الرؤى
الإسلامية إلى الأحكام الإسلامية بشكل عام وتجديد الفتوى وتحويلها من مجهود فردى
إلى عمل جماعى بحيث يضم إلى جانب الفقيه الشرعى علماء فى كل التخصصات يمكن أن يكون
رأيهم وعلمهم فارق لدى صاحب الفتوى الدينية ..
ولكن يبقى التراث الفقهى لدى الدارسين ثروة معرفية لا يمكن للباحث أو
الدارس أن يلقى بها فى سلة المهملات لكنها تمثل تدريب للعقل الإنساني والمعرفى
والفقهى والمنهجى على معرفة منشأ الحكم الفقهى وظروفه وتاريخه وكيف تتدخل المعرفة
والشرط الزمانى والمكانى فى إنتاج الفتوى اى فتوى مهما كانت .
ومن هنا أرى أن ما خطه الأقدمون يمثل ثروة علمية يجب على كل دارس أن
يتعلمها ويقرأها ويتعلم منها ولكن لا يعيد اجترارها إلى الواقع .
وهذا أمر لا يعرفه إلا أهل العلم فى كل فن، فأهل العلم القانونى، ما يزالون
يطالعون فى دراستهم قانون حمورابى، ونصوص الأهرام، ووثيقة على إلى أهل مصر ...
فكل منها تمثل قواعد وتجارب إنسانية، ولكنها ليست مواد للتشريع اليوم، إلا
بقدر الاستبصار والتعلم البحثي ...
وما يزال علماء الهندسة يدرسون نظرية فيثاغورث ومساحة المربع، والوتر فى
المثلث، رغم تطور علوم الحاسوب والاوتوكاد والتى يمكن لشخص لم يدرس الهندسة أن
يصمم مبنى أو ديكور منزل عن طريق تلك البرامج، ولكن شتان بين من ينتج معرفة من
خلال برامج كمبيوترية، ودارس الهندسة وقواعدها، وهو أشبه بهؤلاء الإرهابيين الذى
لم يتعلم من علوم الدين إلا البرمجة الدينية، والبرمجة الدينية هى حالة من دراسة
القشور عند ابن تيمية او ابن القيم، وبعض من برامج ابن عبد الوهاب وشىء من كلام
قطب ومن هنا يخرج إرهابى بتصميم محترم يجيد القتل أو الحرق أو الإفساد فى الأرض.
وفى مقابل هذا الارهابى المفسد، نرى مفسدين آخرين أنكر ما قاله ابن تيمية
ومن جاء بعده وينكر جهود الشافعى أو أحمد بن حنبل أو الإمام مالك أو الإمام الصادق
أو الشوكانى ويراهم جميعا مجرد مخرفين أو جهلاء على حد تخرصاته الجاهلة الحمقاء .
فمن يدعى أن الأزهر يقول بما ذهب إليه احمد عبد ماهر من لائحة اتهام تشمل :
وسوف أضع ما قال نصا باللون الأزرق
والرد عليه باللون الأسود فى حدود عدم التوسع والشرح
- متي
يتخلى عن فقه سبي النساء في الحروب ووطئهن وبيعهن.
ولا أجد ردا على شرعية الرد سوى قول الله تعالى فى سورة الأحزاب (يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ
أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ
عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي
هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ
إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ
غَفُورًا رَحِيمًا) ...
ثم انه بعد ان تم تحريم العبودية لم يعد هذا الأمر مطروح على مائدة الفتوى
ولا أوصى الأزهر القيادة السياسية بأن يسبى النساء فى الحروب ..
اللهم ان كان السيد احمد عبده ماهر يريد أن نمحو الآية من كتاب الله تعالى.
وطبعا ان لا أريد ان اذكر كل آيات ملك اليمين فى كتاب الله تعالى الذى يريد
المحام أن يمحوها .
- متى يتخلى عن تدريس استرقاق الأسرى.
وأنا أقول له نتخلى عن تدريسها ام نمحو الآيات من كتاب الله تعالى .
-
ومتى يشطب من حياته أن وقاية شر
الأسير أن تفقأ عينيه وأن تقطع يديه ورجليه ويقوم بتدريس ذلك لزوم تخريج الشواذ
إدراكيا وحضاريا.
قال تعالى : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى
يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ
وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (67) سورة الأنفال
ولا أريد أن اعلق على السيد المحامى تطورات أحكام الأسر والأسير فى الفقه
الاسلامى ولكن انا فقط هنا أشير لمنشأ الحكم، الذى يحلو له ان يسميه شذوذا ولا أرى
شذوذا الا لمن يتطاول بجهل على كتاب الله وعلى أحكام الدين وتطوراتها واجتهاداتها
..
-
ومتى يتوقف عن تدريس عدم مسئولية
الزوج علاج زوجته المريضة لأنه تزوجها لمتعته ولا توجد متعة في امرأة مريضة لذلك
فعلاجها يكون على أبيها. وذلك وفق فقه الأشاوس الأربعة. فهل هذا من سنن النبي أم
من سنن الجهل والنذالة.
( علما أن السيد المحام لا يعرف أن الأزهر يحرم زواج المتعة وكل علماء
المذاهب الاربعة يحرمونه وقد اختلط عليه الأمر إما جهلا أو ارتباكا أو محاولة
مراكمة الاتهامات ) ...
-
ومتى يتوقف عن تدريس الفقه الشاذ
للشافعي الذي أجاز تزوج الرجل من ابنته التى أنجبها من ليلة حمراء سبق وأمضاها مع
أمها قبل الحمل والولادة.
( ولا اعرف كيف لهذا الجاهل أن يصف الإمام الشافعى بالشاذ
ومنذ متى نرى زواج المحارم قال أحد من علماء المذاهب السنية أنه حلال)!!
-
ومتى يتوقف عن إجبارنا بأن نفطر
بشهر رمضان عند أذان المغرب لماذا لا يكون بعدها بنصف ساعة لننفذ قوله تعالى:(ثم
أتموا الصيام إلى الليل). فها اختاروا من يفم عندكم فأنا أتحداكم أنكم تتسببون في
إفطار المسلمين وهدم صيامهم يوميا خلال شهر رمضان لعدم اعترافكم ولا فهمكم للقرآن.
( ولا اعلم من يجبر أحد على الإفطار وقت المغرب أو إلى
الليل ؟!
ولا اعرف لما اختص السيد المحامى نفسه بانه الوحيد فى كل
مصر وكل العلماء الذى لديه المعرفة الصحيحة لاحكام الدين وان كل العلماء فى القديم
والحديث كانوا جهلاء فى عدم فهمهم للقرآن الذى ينكر حضرته أحكامه بصلف وجرأة يحسد
عليها ..
ومتى يتم إلغاء فهم الأزاهرة أن المغضوب عليهم هم اليهود
وأن النصارى هم الضالين. ما كل هذه العنصرية التي يسثها الأزهر فينا لترسيخ فقه
الكراهية.
( ولا يعلم هذا الجهبذ ان هناك إجماع بين الجميع على أن المغضوب عليهم هم
اليهود وان الضالين هم النصارى، وهو إجماع فقهى اختلف معه البعض ولكنه يمثل إجماعا
إسلاميا إلا من قل وأنا منهم اتفق معه صاحب المقال ولكن لا اتفق أن الرأي حصريا
عند الأزهر وفقط ..
ومتى نضع حدا لفهمنا الكئيب أن الصلاة التي نصليها إنما
هي نتاج خطة مساومة بين الله ومحمد وموسى. حتى صارت خمس صلوات.
-
ومن قال لك أن الأزهر يقول أن الصلاة منشأها هذا
الحوار – المساومة – بين الله تعالى وبين النبى فى حضور سيدنا موسى إن صح الصلاة
فالصلاة يعلم الدارس أنها نشأت قبل رحلة الإسراء والمعراج للنبي، ولكن من الجهل ما
قتل !!
- ولماذا لم يدركني أحد الأزاهرة فيعالجني من الكورونا
بذلك الوهم المسمى بالحبة السوداء التي تشفي من كل داء إلا السام.
ولا اعرف هل شيخ الأزهر أو لجنة الفتوى او مفتى الديار المصرية خرج يوما
وقال ان الحبة السوداء علاج من كل داء أم تلك الجماعات التى أرادات ان تهدم مؤسسات
المجتمع وتصنع لها تجارة رائجة بين الناس فخلطت الصحيح بالسقيم والعلم بالجهل، وهو
فعل لا يختلف عن جناب السيد المحام أحمد عبده ماهر.
- أليست هذه
معتقدات الأزهر التي يقول بأنها وحي سماوي أم هي أكاذيب البخاري على النبي.
ومما لا يعرفه السيد المحام ان الأزهر لا يدرس البخارى لا فى الإعدادية ولا
فى الثانوية ولا فى الجامعة فالبخارى ليس من مقررات الأزهر وقد كنا ندرس كتاب
الحديث شرح عبد الله الشرقاوي: المسمى بفتح المبدي بشرح مختصر الزبيدي. ولا أدعى
العلم عن عدم تدريس الأزهر للبخارى منذ نشأته وحتى الآن... ولكن هذا هو واقع
التدريس الأزهري على مستوى دراسة الحديث .
أما ما جاء فى المقال فتخرصات تثبت خلو عقل السيد المحام من اى معرفة شرعية
أو جهله بمناهج الأزهر فى كل مراحله التعليمة، هذا فى الوقت الذى انهي حضرته دعوته
فأنه يريد أن يحرر الأزهر فالتحرير يا سيادة المستشار يتطلب الوقوف على حال
المؤسسة وجهودها وأبحاثها، ومناهجها التى تدرس، وليس السخرية وحديث الجهل
والتخرصات التى تسوقها، وانا هنا لا أدافع عن ما هو موجود من معرفة ولا طرق تدريس
ولكن من واقع اننى ابن المؤسسة تعلمت فيها واعمل فيها، وبما اننى مطلع على اغلب
مناهج المؤسسات السنية فى العالم الإسلامي، سواء كانت سنية أو شيعية أو اباضية أو
اسماعلية أقول ان الجميع يتعلم تعليم منهجى ويلجا لدراسة المتون القديمة وشروح الأقدمين
ويتطور فى حدود قدرة الباحث والمجتهد وبعضهم يلتزم بالمنهجية الكلاسيكية وبعضهم له
أطروحات تتجاوز محمد عبده، مثل الدكتور سعد الدين الهلالى وهو واحد من أبناء هذه
المؤسسة ويدرس فيها وهو نموذج من نماذج عديد...
ولكن وفى الختام السيد المحام أحمد عبده ماهر ومن خلال مقاله يوحى لنا أن
ابن لادن والظواهري و عبود الزمر وخالد الزمر وشكرى مصطفى وسيد قطب وحسن البنا كل
هؤلاء القتلة والإرهابيين من أبناء الأزهر، علماء لو استعرضنا كل الإرهابيين فى
تاريخ جماعات الإسلام السياسي لن نجد من خرجي الأزهر سوى بعض نفر يمكن ان نعدهم
على أصابع اليد الواحدة ولكن سوف نجد أطباء ومهندسين ومحاسبين ومحامين فهل نقول
يجب إغلاق كليات الطب والهندسة والقانون ولأنهم يخرجون لنا إرهابيين ؟!!
ويمكن فى هذا الخصوص أن نلغى صناعة السيارات لان الإرهابيين يستخدمون
السيارات فى عمليات التفخيخ !!
أرجو من السيد أحمد عبده ماهر أن يراجع مقولاته بدقة وتؤده وخاصة انه يقدم
نفسه بأنه باحث إسلامي !!
0 تعليقات