محمود جابر
قلت وما زلت أؤكد أن الداعم الرئيسي لجماعة الحوثى هى العربية السعودية،
فمن قبل ان تتسلط السعودية على القرار اليمنى وعلى مراكز صنع القرار فى عهد الرئيس
السابق على عبدالله صالح، وصناعة لوبى متعدد الوجوه والأنشطة سواء من الأحزاب أو
القبائل أو الجماعات الدينية، كان هناك دعما سعوديا مباشرة لجماعة الحوثى وقبله
للجماعة الأم جماعة الإمام يحيى وأسرته وكل الهاشميين، هذا الدعم لم يتوقف عند حرب
القوات المصرية فى اليمن، بل تجاوزها لوقف اى تطور تحديثى فى الجمهورية اليمنية
الجديدة، ولما فشل المخطط كان دعم رجالات الإمام وأسرته من اجل ان يكونوا جزء من أصحاب
القرار فى اليمن ...
إذن السعودية حافظت على دعم هذه الجماعة التى تتناقض معها تناقضا أوليا منذ
ان كان هناك حوار ولقاء ومصالح مشتركة، والنتيجة التى وصلنا إليها تقول أن قاعدة
المصالح تتصالح هى قاعدة خطأ لأنها مهما طالت روابط المصالح لابد ان تفترق،
وتتناقض مرة أخرى وتتحارب .
ولما كانت السعودية فى فترة الربيع العربية التى بدأت فى 2011 تحاول التخلص
من صالح إزاحة طبيعية بحكم التغيير او إزاحة عنيفة بحكم التفجير فكان خطا وخطيئة
وهى لا تملك اى تصور لما سوف تؤول إليه الأوضاع فعد صالح علما انه من قبل 2004
والسعودية تواجه حالة انفصال وتمرد وقتال على حدودها فى صعدة والجوف مع جماعة
الحوثى التى استخدمتهم السعودية تارة واستخدمهم صالح – الراقص مع الافاعى – مرة أخرى
ولكنهما يحاول ابتزاز الآخر والضغط عليه، ولكن الحوثى لم يكن لاعبا يمكن استخدامه
مرة هنا ومرة هناك بل كان لديه خطة إستراتيجية استفاد وقتها من الدعم والسكوت
السعودى والدعم والسكوت اليمنى من اجل بناء قدراته الداخلية فى الوقت الذى كان
يبنى قدرات خارجية فى اتجاهات محدودة ولكنها مؤثرة .
وحتى حينما سمحت الفرصة بحوار مباشر- غير معلن- بين الحوثى والسعودية وبالرغم من ان الحوثى قدم
معلومات انقذ فيها السعودية من شبح انقلاب عائلى خطير ولكن السعودية تعاملت مع
الحوثى بتكبر واستعلاء ولم تحاول ان تستعيده على قاعدة التحالف القديم مما دفعه لإكمال
الشوط فى اتجاه بعيد عن الإرادة السعودية أو ما يمكن ان نسميه التكامل فى حفظ الأمن
السعودى اليمنى .
ثم سقط أو تنحى صالح، وتم تسليم القيادة إلى رئيس انتقالي هو الرئيس منصور هادى، وساعتها كانت القوى الرئيسية فى
اليمن تتمثل فى المؤتمر الوطنى (الهش)، والتجمع الاخوانى، والحوثى وأطراف أخرى أقل
قوة من الثلاثة السابقين وكان أكثرهم خطورة هم القبائل والحراك .
وبدلا من ان يتحرك الأمن الوطنى فى دعم الرئيس الانتقالي حفاظا على أمن
اليمن السعودية قعدت عن دعمه وبالتالي كان الرئيس فى مواجهة الجميع بما فيهم على
عبدالله صالح والإدارات الحكومية وإحساس الغبن لدى كل المحافظات من الشمال الى
الجنوب ...
وحينما تحين الحوثى الفرصة مستغلا القرار الحكومي فى تنظيم استهلاك الطاقة
بما عرف بالجرعة، كان الحوثى هو الوحيد الذى يملك تصورا للوثوب على السلطة سواء الدوائر
الحكومية او الجيش او الموانئ وتحويل ما عرف باللجان الشعبية الى مفارز أمنية كل
هذه المعلومات كانت ملقاة على قارعة الطريق ولكن السعودية لم تحرك ساكنا، ولعل
ذلكم يرجع لسببين :
-
الأول : رغبة السعودية فى السيطرة على أجزاء من
الجنوب كمطل بحرى جديد لها . و استغلال حالة الضعف الحكومى من اجل مصالحها مستهينة
بما يمكن ان تكون عليه شكل اليمن فى هذه اللحظة، ولم ترى ان هناك لاعب آخر شريك
لها فى اليمن وهى الإمارات العربية، ومستهينة بحالة قطر التى تلعب على كل
المتناقضات وهى تتحرك تحت العباءة السعودية ظاهريا فى اليمن .
-
الثانى : استهانة السعودية بالخصوم جميعا .
وبعد ان حدث الاستيلاء على صنعاء وتم تهريب الرئيس
المؤقت ووصوله بعد رحلة شاقة الى الرياض...
كان ينبغى على السعودية أولا البحث عن بناء تحالف يمنى
يمنى قوى وإعادة بناء الجيش اليمنى والاعتماد على القبائل اليمنية ودع الشخصيات
العامة والقبلية اليمنية دعما يوفر لها لعب دور .. ولكن السعودية استبدت بالأمر
وتعاملت مع اليمن كأحد أقاليمها أو محافظاتها، وتعاملت مع الجميع باعتبارهم رعاية
لها، وبالتالى تفجرت التناقضات بين الجميع بين المؤتمر والتجمع وباقى الأحزاب ،
وبين المؤتمر والمؤتمر، وأغفلت قوة أسرة على عبدالله صالح وحاشد، وتغافلت الوزن
القبلى للقبائل فى الجوف ولحج وحجة وعمران والحديدة ووو
واستهانة بمظلومة ورغبة الحراك وارتباطاته وداعميه من
هنا او هناك، واستهانت بطموح شركائها فى التحالف العربى وان كل منهم له طموح فى
اليمن وبالتالي أصبح اليمن جميعه على مستوى الأحزاب والقبائل والقوى موزع بين عدد
من الدول الإقليمية والطموح السياسى ...
وبتالي كان كل هذا التجمع المقيم ما بين اليمن والإمارات
يعانى تفككا وتآكلا وحرب الجميع ضد الجميع ....
فى الوقت الذى انفرد الحوثى بقراره ورؤيته وخططه على الأرض
وفى الحوار مع الآخرين، فكان تجمع الرياض يتآكل من الداخل على حساب قوى على الأرض
تتماسك وتقوى ....
رجالات الرياض جميعهم فقدوا وزنهم على الأرض وانعكس ذلك
على الأرض فكان الناس الغاضبة من الحالة تترك التحالف مع التحالف وتذهب مجبرة الى
الحوثى وكأن السعودية فككت كل هذه القوى لصالح غريمها أو غريم الجميع الوحيد
المتماسك على الأرض .....
من هنا نستطيع أن نقول ودون الدخول للفصل الآخر الأكثر
جرما فى هذه السيناريو وهو فصل القصف الجوى والعسكرى الذى تعاملت مع السعودية
بمنتهى الاستخفاف بضرب البنية التحتية اليمنية وضرب المباني والمساكن والمنشآت وبالتالي
لم تترك لنفسها شعور نفسيا مقبولا من اليمنيين على الأرض ومن هنا فأن السعودية
لعبت دورا كبير بل يمكن ان نقول أنها الداعم الأول والوحيدة للحوثى فى اليمن .
وان سوء إدارة السعودية لملف اليمن يوشك أن يجعل اليمن
مثل الصومال دولة منسيه من المجتمع الدولى خارجيا، ومفككة القوى داخليا، وليس هناك
قوى متماسكة فى الداخل سوى الحوثى وهو الأقوى الممسك بالأرض والعالم يا سادة لا
يعترف الا بالقوى والممسك بالأرض أيا كان لونه وشكله وسوف يكون الحوثى بمباركة
السعودية هو حاكم اليمن الذي له أطماع فى الجغرافيا السعودية وصولا الى بيت الله
الحرام ....
ولا عزاء للأغبياء
0 تعليقات