عمر حلمي الغول
العنصرية وباء خطر وقاتل، وهو منظومة تعاليم ومفاهيم وسلوكيات تقوم على
تسيد الأنا، ونفي الآخر أو تقزيمه وتهشيمه إلى الحد الأقصى، وينتهج أصحاب هذا
التيار ممارسات عدوانية تطهيرية على أساس التمييز العرقي او الديني او الجنسي ضد
الآخرين، ولا يقبل بحال من الأحوال التساوي او التماثل معهم، ويرفض من حيث المبدأ
مبدأ الحوار معهم، وإن تم ذلك لسبب ما قاهر، إنما يعود لبعد تكتيكي مناوراتي لا
أكثر ولا أقل. لإن المنظومة الفكرية او العقائدية التي نهل منها، لا تقبل القسمة
على اي نوع من التعاون مع الآخر الديني او العرقي او الجنسي، ليس هذا فحسب، بل
ترتكز منظومة وعيه على خيار واحد ووحيد، هو النفي، ثم النفي ثم النفي للآخر حتى لو
أضاء أصابعه شمع، وقدم نفسه بأجمل وأفضل الصور، وحاول تقديم كل البراهين
والمستندات والوثائق على مصداقيته وسلامة مقاصده تجاه الفاشي العنصري. لإن مبدأ
التسامح والمساواة ملغى وساقط من حساباته ومنطقه وممارساته.
هنا سأتوقف مجددا عند ما تبجح به جبران باسيل، رئيس التيار غير الحر أول أمس
بعد لقائه مع المطران الماروني الراعي ضد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين
في لبنان، متهما إياهم : كأحد عوامل التفجير في لبنان، مساويا بينهم وبين
الإسرائيليين القتلة وغيرهم من قوى الشر العالمية، فضلا عن المافيات واللصوص وقطاع
الطرق من شاكلته في لبنان.
تصريح باسيل جاء ليعمق مواقف وتصريح نزيه نجم، النائب عن تكتل المستقبل،
الذي نطق بذات الموقف قبل أيام قليلة، وكأنهم نسخة كربونية عن بعضهما البعض، مع أنهما
من تيارين متناقضين سياسيا على الأقل في اللحظة السياسية الراهنة. لكن خلفياتهم
واحدة، وشربوا من ذات المستنقع الآسن، مستنقع العنصرية المسموم. وهذا الجبران
الصغير والتافه لا يمثل سوى حثالة الشعب اللبناني الشقيق، الشعب العظيم، الذي وقف
كتفا إلى كتف مع الشعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه، ومصالحه الوطنية
العليا، وعن الأخوة العربية العربية العميقة، وعن الشراكة الوثيقة في الدفاع عن
الكل العربي في مواجهة كل قوى الخيانة والعمالة والتخريب والطائفية والمذهبية وأسيادهم
من الاستعماريين بغض النظر عن مواقعهم وأماكن توجدهم على خارطة الكون.
وليسامحني العديد من ابناء الشعب الفلسطيني ممن إنبروا في الدفاع عن الوجود
الفلسطيني في لبنان بذات الأسطوانة القديمة. هذة المقولات السياسية المتعلقة
بالتمسك بالوطن وحق العودة، وعن دور الفلسطينيين السياسي والاقتصادي والفني
والتربوي والثقافي في لبنان لم تعد تجدي نفعا، وكان ويفترض ان يكون الرد على
المهدد للسلم الأهلي اللبناني، وزارع الفتن، ومؤصل عوامل الهدم للبنان الواحد
والموحد، والذي يعمل بخطى حثيثة على دفع لبنان إلى حرب أهلية قذرة جديدة، حتى يحمل
الفلسطينيين والسوريين الحرص منه ومن تياره غير الحر والمأجور تبعات المسؤولية
لاحقا، وحرف البوصلة عن أدوات الفتنة ليتم توجيه بنادق الموت لصدروهم ولمخيماتهم
بهدف تصفية الوجود الفلسطيني والسوري في لبنان تمريرا لعملية سياسية ابعد واعمق
فتح فوهة بركان الحرب الأهلية القادمة، كان يفترض ان يكون الرد بخطاب واضح البيان واللسان، ان الفلسطينيين
والسوريين العرب سيبقوا في لبنان أخوة اعزاء على ارض لبنان الشقيق إلى ان تحل
قضاياهم، ولن يغادروه إلى أي مكان آخر إلآ لأوطانهم حين تزول الأسباب والدوافع
التي حذفتهم لبلدهم الثاني لبنان، وسيعملون بكل ما لديهم من إمكانيات للدفاع عن
لبنان السيد المستقل الواحد والموحد، ولن تفت بعضدهم المواقف العنصرية الحقيرة
المكشوفة والمفضوحة المرامي والأهداف.
وعلى القوى اللبنانية صاحبة المصلحة بالدفاع عن لبنان العربي السيد والمستقل،
والمنحاز لقضايا الأمة العربية، والعدالة السياسية الإنسانية، ولجانب مواقف وخيار
الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، الرافضون لنظام المحاصصة الطائفي والمذهبي،
والمناضلون من اجل لبنان المواطنة، والحقوق المتساوية، ان يردوا بقوة على طرح
العنصريين الفاشيين أمثال جبران باسيل ونزيه نجم ومن لف لفهم من مرتكبي المجازر
الوحشية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. لإن فالج العنصرية لا علاج له سوى
فناءها، ودفنها في تربة بعيدة عن ثرى لبنان، خشية ان تعود مجددا وتهدد سلمه الأهلي.
الصمت على ما أعلنه رئيس التيار غير الحر وقبله نائب تيار المستقبل جريمة،
وتواطؤ معلن، ولا يجوز تبرير الصمت باسم الدبلوماسية، أو اللجوء لمحاولة دغدغة
العواطف، وبوس اللحى، هذه سياسة فاقدة الأهلية، وتؤتي ثمار فاسدة، وتخرب أكثر مما
تعمر. لذا يتوجب الرد بقوة على بأسيل الأزعر، وبالطريقة التي تليق بالعنصريين المجرمين.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
0 تعليقات