د.أحمد دبيان
( بل الرفيق الأعلى )
كانت هذه الكلمات آخر ما يروى عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، على حجر
عائشة حين تم تخييره بين الحياة الدنيا والخلود فيها وبين الانتقال إلى جوار الحق
القدوس .
بانتقال الرسول الكريم إلى جوار ربه انقطعت صلة السماء بالأرض إلا بما ترك
فى قومه من آيات كتاب منزل وما أستنه من أحكام دنيوية جاءت موائمة لواقعها الزمني والجغرافي
.
تحدد وقائع سقيفة بنى ساعدة إن الخلافة كنظام وضعي دنيوي جاءت اجتهادا من
شعب المدينة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وانه خلافاً لروايات أهل السنة
أو أهل الشيعة ، لم يسم أبو بكر خليفة ولا أوصى لأحد .
جاء اختيار الأنصار لسعد بن عبادة كبير قبيلة الخزرج اجتهادا لمن يؤول له
الأمر بعد الرسول كحق ارتأوه لدولة المدينة التى نصرت النبي وأقامت دولته .
هنا ظهر الخلاف الذى سرعان ما تم حسمه بهروع ابى بكر وعمر ككبار صحابة
ليجتهدوا لتشكيل نظام وضعي دنيوي تم فيه اختيار أبى بكر وليتم وضع قاعدة وضعية
( نحن الأمراء وانتم الوزراء )
ليرسخ للقرشية الحادة وليتم حصر الأنصار فى شورى قد يؤخذ بها .
وليعترض على بن ابى طالب فيمتنع عن بيعة أبى بكر لستة أشهر.
و يؤكد ابن خلدون في تاريخه، بوجود اعتراضات على استخلاف أبي بكر، بقوله: «أجمع
المهاجرون والأنصار على بيعة أبي بكر، ولم يخالف إلا سعد (يقصد سعد بن عبادة) وان
كانت الروايات التاريخية تنبئنا باعتراض بلال بن رباح أيضاً .
جاءت بيعة أبى بكر فلتة كما ورد على لسانه وعلى لسان عمر بن الخطاب :
إذ رُوي عن أبي بكر نفسه أنه قال إن «بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها»، بحسب
ما ذكر الجوهري في كتابه.
كذلك رُوي عن عمر بن الخطاب في صحيح البخاري، رأي مشابه، عندما قال: فلا
يغترنَّ امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت.
جاء اختيار عمر وعثمان بمواءمات بين حكم النخبة ليتم ترسيخ قاعدة وضعية
أخرى وإسباغها منهجاً تشريعياً باسم أهل الحل والعقد .
جاءت أحداث الثورة فى عهد الخليفة عثمان بن عفان أول دمغ تاريخي حركى على
نفى القداسة التى تم إسباغها على اللقب والمنصب والنظام الوضعي .
ثار المسلمون ضد الظلم وتمركزات الثروة والطبقية العائدة بضراوة .
ورغم تأويل سابق لأبى بكر بوضعية الخلافة بشرياً بقوله
( وليت عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقومونى )
جاء تأويل الخليفة عثمان مانحاً قداسة الحق الإلهى للمنصب بقوله حين أرادوا
عزله كأى حاكم فشل سياسياً
( ما كنت لأخلع عباءة ألبسانيها الله )
وليتلقف الأمويون قومه وعشيرته هذه العبارة بعد الصراع السياسى ما بين
الخليفة على بن أبى طالب ومعاوية بن سفيان حاكم الشام المنشق المعزول فيتم اسباغ
القداسة باستحضار الروايات ووضعها ليتم وضع أحاديث على لسان الرسول من قبيل
( الأئمة من قريش )
وليتم منهجة الأحكام الوضعية التى جاءت اجتهاداً من خلفاء الرسول الكريم
ليتم إسباغ القداسة عليها بتأويل ملتوٍ للآيات وللأحاديث ، وليظهر فقه السلطة
ويترسخ فيتم أسلمه النظم الغربية الرومانية والكسروية الشرقية لننتهى لحق إلهى
متأسلم فى الحكم تقطع فى سبيله الرقاب ويصلب فيه المعارضون وليولد فى ذات اللحظة
فقة الثورة تحت وطأة استشهاد سبط الرسول وإحداثها الدامية فننتهي الى ترسيخ فقهى
مضاد بنفس المنهج و الأدوات.
0 تعليقات