علي الأصولي
ربما تنزعج وفق
حضارتك المعاصرة وثقافتك التعليمية وأعرافك وأنساقها العامة من مسألة الرق
والاسترقاق. في التاريخ الإسلامي. وهذا الانزعاج له مبرراته كما أسلفت.
وعلى ضوء ذلك إما أن
تهاجم فكرة الرق والاسترقاق أو تهاجم الإسلام الذي نظم هذه المعاملة والتي لا
تتناسب والثقافات المعاصرة.
ولكن قد فاتك أن الرق
والاسترقاق له أكثر من معنى وذا مصاديق متكثرة ، ربما انك لا تعلم ومع إعلان حرمة
وممنوعية الاسترقاق وفقا للوائح العالمية لحقوق الإنسان.
إن هذه الفكرة
المقززة بنظرك في العصور الإسلامية هي معمول بها في هذه الاعصر. غاية ما في الأمر
يتم استرقاق الشعوب والأمم عن طريق الاقتصاد العالمي وخلق المشاكل والمعمعات ونشر الأوبئة
وبالنتيجة تضطر الحكومات الضعيفة والشعوب المقهورة تحت سلطان كبرى المافيات
العالمية الرأسمالية إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي وبالتالي تذهب مجهودات الأمم
ومقدرات الشعوب إلى جيوب عوائل متعددة في الغرب الأمريكي بدون أن يضع السيد - الجشع
- الطوق في رقبتك ولا السلاسل في الأقدام واليدين.
الواقع والخلفية
الذهنية:
من غير الصحيح منهجيا
وعلميا وموضوعيا أن ننظر إلى جملة من الأحكام التنظيمية الاجتماعية في البنية
الإسلامية الفقهية بمعزل عن واقع المسلمين بل والعرب وغير العرب في تلك الأزمان،
فالنظر الموضوعي لا مناص منه في مثل هذه المسائل إلا من حاول أن يشذ أو شذ عن
القاعدة .
أتمنى عدم الزهو في
ملاحظة ما سنته الأمم الحديثة ومقررات حقوق الإنسان الناصة على تحريم الاستعباد
الفردي. ولو أمعنا النظر جيدا لوجدنا هناك تشريعات وإمضاءات أممية بالاستعباد
الجماعي كما نوهنا سابقا.
فقد خضعت مجتمعات
كاملة وطوائف بشرية متعددة لهذا الابتزاز المشين تحت ذرائع ومسوغات قانونية أممية.
فالاستعمار وبمختلف
صيغه ومبرراته السياسية القانونية هو عملية خداع كبير بغية أخذ والاستيلاء على
خيرات الآخرين،
أقول : لابد من النظر
إلى القوانين بلحاظ مقاصدها حتى يتسنى حكم الباحث على مسألة الاسترقاق وبالتالي
الحكم على الشيء فرع تصوره،
للإسلام تشريعات
ومقاصد ناظرة لهذه التشريعات المعلوم أن التشريعات لم تنزل دفعة واحدة لمبررات
اجتماعية ثقافية وأعراف الناس. ولتحقيق هذه الأهداف كانت المراعاة في عرض الأحكام
التدريجية. خاصة ونحن نتعامل مع أعراف متجذرة عمرها مئات بل الألالف السنين
وبمختلف الحضارات القديمة،
جاء المشرع ووجد
أمامه ثقافة بيع وشراء وتملك العبيد بعنوان استعباد أو استرقاق أو بأي عنوان أخذ
بالنتيجة سلب حرية الفرد، وهذا السلب ليس بشكل فوضوي وعشوائي فهو نتيجة حروب
وغزوات ونحو ذلك.
إذن هناك واقع قديم
لم يشرعه الإسلام ولم يؤصله غاية ما في الأمر حاول بأحكامه ان ينظم العلاقة من جهة
والالتفاف على الفكرة لغرض خلاص الناس منها اعني بالناس هم العبيد.
وهذا الأمر لا يتأنى
بيوم ولليلة ولا بجرت قلم وأن كانت الحكومة تحت سلطة المعصوم.
فإذا تم بيان الحالة
لرفض الناس فكرة تحرير العبيد وهذا خلف غرض أصل التشريع القاضي بوجوب المداراة.
ولهذا وضع الإسلام
مقدمة تمهيدية طويلة المدى للتخلص من شوائب ثقافات الأعراف القدمائية فكانت فكرة
تحرير العبيد من خلال تشريع كفارة - عتق رقبة - مثلا أو نذر وما شابه.
وهذه الخطة الإسلامية
عمل بها في زمن النبي - ص - وامتدت إلى القرون اللاحقة. ولكن لوجود سياسات سلطانية
تجد أن الحركة التحريرية بطيئة جدا جدا ،
0 تعليقات