حامد المحلاوى
الدول الراسخة في الديمقراطية القائمة على المؤسسات ليست في حاجة إلى زعماء بقدر حاجتها إلى قادة بارعين في الإدارة .. فالمؤسسات هناك هي التي تمنح النظام القوة والثبات .. حتى لو جاءت شخصية الرئيس ضعيفة أو مهتزة فإنه لا يحدث انهيار أو سقوط للدولة وإنما تتم عملية الإصلاح بطريقة ذاتية من خلال العمل المؤسسي .. أهم ما يميز هذه البلاد أنها تعلي قيمة العدل وتقدس القوانين وهو سر قوتها ..
طبعا لا نطمح أن نصل إلى ذلك الشيء بين يوم وليلة .. فقد اعتدنا وجود الزعيم والقائد الملهم الذي يحمل عنا كل شيء .. أصابنا الكسل حتى أننا رضينا بما يمن به علينا ونعتبر كل ما يأتي منه منة وفضل .. نشأنا على ذلك وتربينا عليه .. بل وقد نعطيه بعضا من التبرير الديني ( كعدم جواز الخروج على الحاكم مثلا أو طاعة ولي الأمر ) .. أو نخضع له من الجانب الإنساني ( القائد الأب أو كبير العائلة ) أو غير ذلك ككبر السن مثلا .. أو ربما تلعب الكاريزما الشخصية دورا في خضوع الشعب لقائده إلى درجة أنه قد يغفر له خطاياه الجسيمة ( انظر كيف خرج الملايين لتأييد عبد الناصر عقب هزيمة يونيو 67 ) ! .
لا ترى ذلك إلا في مصر فقط .. لذلك لم نتقدم .. مرت عشرات السنين عقب ثورة يوليو وكان تقدمنا بطيئا للغاية لا يتناسب أبدا مع كل تلك المدة .. حتى بعد ثورتي يناير ويونيو كان من البدهي أن تكون لنا خطة طريق واضحة المعالم وهي ليست في حاجة إلى عبقري ليصيغها .. فالمسألة لن تخرج عن وجود شيء اسمه دولة القانون .. فهي التي تضمن وجود ديمقراطية حقيقية ليس فيها تزوير في انتخابات الرئيس أوالمجالس النيابية وتضمن أيضا وجود قضاء مستقل تماما عن الدولة ولا دخل للرئيس أو لغيره في تعيين القضاة أو محاسبتهم .. ثم وجود أجهزة رقابية على أعلى مستوى لا سلطان للدولة عليها من قريب أو بعيد .. هذا هو ضمان إقامة الدولة العصرية .. بعدها ستستقيم كل الأمور .. لو تم سنجد أحزابا قوية وسنجد إعلاما حرا راقيا عالي المستوي وقد يكون جزءا مهما في عملية الرقابة ذاتها وستختفي الواسطة والرشوة أو على الأقل تنحسر بشكل كبير .. سيصبح الجسد المصري سليما معافا من أمراض وعاهات لازمته كثيرا ..
أعتقد أن الرئيس السيسي يعلم جيدا أن هذا هو الباب الذي يستطيع الدخول منه إلى قلوب الناس ورأيي أنه يحاول جاهدا بذل أقصى الجهد لتحقيق تلك الأهداف بتأكيده الدائم على مبدأ إرساء دولة القانون .. من الواضح أن الرجل لا يبحث عن زعامة فارغة جوفاء ..
الخطوات الثلاث الكفيلة بإصلاح الميزان كله :
نظام قضائي مستقل تماما – أجهزة رقابية ليس لها صلة بالجهاز الإداري للدولة - انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة خالية من كل الذي عهدناه فيها من تشوهات ومثالب ..
................ إذا تم أبشركم بأن نمور آسيا ستكون بجانب مصر حملانا وديعة ..
0 تعليقات