محمود جابر
السلفية
والوهابية والجماعات الإسلامية
في البداية أحب أن أضع ملحوظة أولية وكلية في آن واحد وهى : أن إفلاس
الواقع القائم لا يضمن انتصار البدائل الموجودة القاصرة . والقوة السياسية التي لا
تستطيع أن تغيير نفسها لن تستطيع أن تغيير مجتمعها في نهاية المطاف .
هذه الملحوظة ليست موجهة ضد جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص ولكنها موجهة
لكل التيارات السياسية القائمة في مصر في هذه الآونة .
أما جماعة الإخوان المسلمين والتي تمثل كبرى جماعات الإسلام السياسي في مصر
والوطن العربي وربما العالم الإسلامي وقد نشأت في النصف الأول من القرن العشرين
نتيجة أسباب متعددة أرجعها الباحثون إلى أسباب عديدة فمنهم من ارجع هذه النشأة
وهذا الانبعاث إلى سقوط الخلافة الإسلامية (الإمبراطورية العثمانية ) وهى أخر
الدول أو الخلافات أو الإمبراطوريات التي جعلت من الإسلام سببا لقيامها سواء كان
ذلك على سبيل الصحة أو الادعاء وسواء كانت نهاية هذه الإمبراطورية تسبب في تخلف
المسلمين أو أن تخلف المسلمين كان سبب انهيار هذه الدولة / الخلافة ، وهذه إشكالية
لسنا معنين هنا بحلها .
وقد أرجع البعض سبب قيام وانبعاث هذه الجماعة إلى سيطرة التيارات العلمانية
على الحياة العامة المصرية وانتشار موجة من التغريب أدت إلى إثارة المشاعر
العامة فجاء رد فعل المجتمع المصري –
المسلم – في شكل جماعة الإخوان المسلمين .
بيد أن كل من الادعائيين عاريا من الصحة . أن الناظر إلى الأوضاع
الاجتماعية لأعضاء ومنتمى الجماعة يجدهم يشكلون نسيجا اجتماعيا مختلف عما سواه من
تقاليد وعادات المصريين وتجدهم مختلفين كليا عن باقي أعضاء الكيانات والأحزاب الأخرى
فانك من الصعب بل من المستحيل أن تستطيع أن تحدد شكل أفراح أعضاء اليسار
المصري ( تجمع /شيوعيين / ناصريين / الخ )
عن غيرهم من الرأسماليين المصريين أو الليبراليين (وفد / غد / الخ ) أو حتى أعضاء
الجماعات الأخرى الجماعات المصرية الدينية الكلاسيكية (القديمة ) مثل الجماعات أو
الطرق الصوفية المصرية وما ينطبق على الأفراح (الأعراس ) ينطبق على حفلات الأفراح الأخرى من سٌبوع المولود
والاحتفال بنجاح أحد أنجال الأسرة أو عودة أحداهم من العمرة أو الحج ، وكذلك ما
ينطبق على الأفراح والمناسبات ينطبق على المأتم
والأحزان ، فسمت سلوك اجتماعي وتقاليدي مغاير كل التغيير بين سلوك وعادات
وتقاليد جماعة الإخوان المسلمين هنا والبقية الباقية من الشعب المصري (المسلم )
ولا نستطيع أو يستطيع أحد من الناس كائنا من كان أن يتهم هذا الشعب في سلوكه
وتقاليده بأنها مخالفة للشرع غير هذه الجماعة وما ارتبط بها فكريا أو تنظيميا من
جماعات أخرى .
إن اختلاف العادات والتقاليد
الاجتماعية بشكل كلى تجعلك تصل إلى نتيجة هي أنك إمام شعبين مختلفين ، وابرز ما
يكون هذا التحدي عند ظهور محاولة لإعادة تحديد نطاق مجتمع جديد وحصر عضويته.
وإنشاء نظام جديد لسلوك اتباعه، أو لدى الدعوة إلى إحياء معتقدات قديمة. وغني عن
البيان أن مثل هذا المحاولات تقود دعاتها إلى قطع الصلة بالماضي، لما يقتضيه ذلك
من قيام أنظمة عقائدية وشعائر مذهبية وهيكلة تنظيمية، تفرق بين هذه التجمعات،
وسواها من الفئات الدينية الأخرى .
إن قيام تجمعات دينية جديدة
يستتبع ، بلا استثناء ، مقدارا ما من الخلاف الاجتماعي . وتعاظم هذا الخلاف وتطوره
يتوقفان على مدى تحدى هذه التجمعات للأعراف والنظم القائمة ، وعليه نقول أن هذا
الاختلاف بين عادات المجتمع المصري ، وعادات مجتمع الإخوان المسلمين تؤدى بنا إلى
نتيجة حتمية وهى بطلان ادعاء أن جماعة الإخوان المسلمين انبعثت ردا على انتشار
موجة التغريب أو العلمانية أو متأثرة بنهاية الدولة / الخلافة العثمانية .
هذه النتيجة ترتب عليها أننا
أصبحنا أمام إشكالية خروج هذه الجماعة وتكونها لماذا خرجت وما هو الباعث على
تكونها وما هي دوافعها حتى نصل إلى معرفة
أهداف الجماعة .
0 تعليقات