محمود جابر
الكتاب الذى بين يديك عزيز القارئ، كتب يرصد القصة الكاملة للإخوان
المسلمين على المستوى الاعتقاد والسياسي والاجتماعي وتطور هذه الجماعة منذ نشأتها
فى عشرينيات القرن الماضي وحتى الآن لمدة تزيد عن ثمانية عقود كاملة يشرفني أن أضع
الكتاب بين يديكم هذا أن تكون ذخيرة نافعة للقارئ والباحث ولكل إنسان
لماذا هذا الكتاب ؟
هناك عدة كتب تمهيدية تحدثت عن الإخوان المسلمين ، وعددا منها يقدم معرفة
كبيرة عنها ، وعددا منها يقدم تقريبا عرضا شاملا عن هذه الحركة ، سواء من حيث
البناء الفكري أول الحركي لها .
والحقيقة أن عددا منها مكتوب بوضوح ودقة وذكاء ، إضافة إلى المعرفة العلمية
فائقة . إذن ، ما الذي يبرر إضافة كتاب
آخر- ثالث لى - إلى هذا الفيض من
الكتب ؟ طبعا ، وعلى الأغلب ، إن أي كاتب أو باحث يبذل جهدا شاقا في دراسة موضوع
ما لن يكون راضيا تماما عما كتبه شخص آخر في الموضوع ذاته ، وأظن أنني كاتب أزعم التخصص في هذا الشأن (الإسلام
السياسي وجماعة الإخوان المسلمون)، ولكن ، بالإضافة إلى رغبتي في عرض وجهت نظري
،هناك سبب طاغ لرغبتي في كتابة وتأصيل المنبع والنشأة والجذر الفكري لجماعات
الإسلام السياسي عامة ، ولعل الدافع وراء هذا هو أمران لا ثالث لهما الأول : الرد
على الأساطير المؤسسة في نشـأة جماعة الإخوان المسلمين ، ومدى تأثير هذه التفسيرات بالسلب على الوعي
العام ، ومع العلم أن هذه المقولات
والأساطير لم تتعرض للنقد قط ، وهذه الفرضية تبقى نار الجدل مشتعلة وتجعل البعض
يتخذ الذرائع والحجج لتقبل منهج جماعة الإخوان المسلمين .
وإضافة لما سبق فإنني ارغب فى كتابة وتدوين مدى التأثير الحاصل فى الحياة
العامة السياسية والثقافية والاجتماعية خلال فترة حكم الإخوان لمصر من يونية 2012
وحتى يونية 2013.
والآن ما هو على وجه التحديد هذه الأساطير المؤسسة ولماذا هي أساطير وكاذبة
؟ لا يمكن الإجابة بشكل سريع أو تلخيصه من دون مناقشة تمهيدية ، ومن علينا هنا أن
نرد الأمر إلى جذره الفكري والتاريخي حتى يتبين مدى فساد هذه المقولات .
الجزء الأول من الكتاب هو إلى حد
كبير يتعرض لهذه القضية والإجابة عليها .
أما الجزء الثاني من الكتاب فيوضح مدى أتساق هذه الفرضية التي افترضناها مع
تطور الجماعة منذ يومها الأول وحتى الآن أي طيلة ما يقرب من ثمانية عقود ، لم تشذ
يوما من الأيام عن هذه القاعدة حتى مع اختلاف البيئة الجغرافية والفكرية .
أما الجزء الثالث من الكتاب فهو عن سيناريوهات المستقبل الخاصة بالجماعة
وهو أيضا وفى نفس الوقت إجابة عن الدافع الثاني وهو لماذا هذا الموقف من جماعة
الإخوان المسلمين .
أو ما هو المبرر في تقليب صفحات قديمة (الأساطير المؤسسة) للإخوان المسلمين
رغم أن الجماعة حدثت فيها تغيرات كمية ونوعية هائلة ، وها هي تمارس عملا سياسيا
ومهنيا وتسعى من للوصول الى السلطة مرة أخرى مطالبة بما تدعيه الشرعية الانتخابية
لمحمد مرسى ؟
الجواب هو أننا حين نتصدى لتحليل تاريخ جماعة الإخوان المسلمين والظواهر
السياسية والاجتماعية التي ارتبطت بها لا نفعل هذا عن رغبة عدائية واستئصاليه لهذه
الجماعة ، ومن على شاكلتها ، وإنما رغبة في اكتشاف مرض هذه الأمة العضال الذي
يحتاج إلى جهد في التحليل والتشريح والوصف للوصول إلى طريقة مثلي لتشخيص أزماتنا
المختلفة والتي في قلبها قضية وحدة الأمة لا شرذمتها وراء كل دعوة أو جماعة باطلة
.
والأمر الثالث الذي آثار حفيظتنا للكتابة عن تاريخ هذه الجماعة ومدى ارتباط
هذا التاريخ بالمستقبل هو هذا الكلام السمج والساذج الذي يردده جميع قادة الجماعة
كلما ذكرناهم ، بأعمالهم (الإجرامية ) ، قولهم أن هذه الأعمال مجرد حوادث فردية
جرى إدانتها في حينها ، رغم أن البنية الفكرية من حيث المتن ( المؤلفات ) ما تزال
تحظى برضي الجماعة ودراستها كدورات تأهيلية للكوادر والقيادات على اختلاف درجاتهم
وموقعهم التنظيمي ، وكذلك على مستوى السند ( الرجال المؤلفون والمنظرون ) ، ما
يزالون تحيط بهم هالات التقديس على اعتبار أنهم ملهمون ونورانيون وربانيون إلى
أخره من عبارات المديح الفج ، فعلى أي شيء يستند هؤلاء في تراجعهم عن العنف والقتل
والتكفير غير سياسة الأمر الواقع ومسايرة الأحداث (المهادنة ) حتى يحين الموعد
المحتوم ، فالجماعة حين تخلت عن خططها العسكرية فى الظاهر، لم تفعل ذلك من خلال
إنجاز اجتهادي بمعناه الفكري والشرعي الذي يقضى نقدا وتحليلا للبنية الفكرية
السابقة ، والاعتراف بما تحتويه من أخطاء ، وفق لرؤية فقهية وعلمية دينية ولكن الأمر
لم يعدو سوى تكتيك للتخفى والتموية والخداع ولكن الأمر برمته لايعدو أن يكون
تراجعا تكتيكيا أملته ظروف المرحلة . وهى القضية التي سوف تنال منا مساحة في شرحها
في حينها من هذا الكتاب .
يبقى قضيتان في هذا الكتاب ويجب الإشارة إليهما القضية الأولى هي حول
المسمى الذي أطلقناه في كتابنا الأول ، ثم الثاني ولم نواليه بالشرح حول أن جماعة
الإخوان المسلمين هم (خوارج جدد) وهى قضية سوف نشرحها بشكل علمي ومفضل وما مدى
أهمية هذا الشرح في التعامل مع مثل هذه الظاهرة وهذا السلوك .... بهذا المنهج الذي
أوضحناه سوف يسير منهج هذا الكتاب .
سائلين الله
تعالى السداد والهداية والحمد لله في
الأولى والأخرى
0 تعليقات