نصر القفاص
تقديم
أعيش مستمتعا بقراءة
وفهم تاريخ مصر.. تأخذنى دهشة أحيانا.. يصدمنى فى أحيان أخرى.. لكن التاريخ يكاد
يصرخ بأن المستقبل يختلف عن الحاضر, ولن يكون الماضى!! وإذا كنا قد وصلنا إلى
مرحلة "مستنقع وطن" فذلك يدعونى للتفاؤل.. أملك من التاريخ الدلائل
والبراهين, التى جعلتنى أكتب شهادة وفاة "مستنقع وطن"!!
وإذا كنت من أصحاب
النفس القصير, والرافضين للقراءة والمعرفة.. أنصحك بعدم إهدار الوقت فى متابعتى.. ولو
كان لديك وقت ورغبة فى فهم ما أقصد, والمنهج الذى أؤسس عليه أفكارى.. فحق لك أن
تناقش شريطة أن تدقق وتقرأ ورائى.. وستجدنى مستمتعا وصاغرا للحوار معك.
إسمحوا لى أن أبدأ
بمشهد تابعتموه فى برنامج شديد السطحية والتفاهة, يقدمه "أراجوز" يقول
ما يتم إملاؤه عليه!! خصص "الأراجوز" حلقة ليهاجم حكومة الدكتور "مصطفى
مدبولى" ولأن رئيس الوزراء يتجاوز قدراته, فقد اختص وزير التموين ليشعل فيه
النيران بسبب قرار تخفيض وزن رغيف العيش المدعوم.. وحاول "الأراجوز" أن
يبدو مدافعا عن الفقراء, مستعرضا "الساعة" و"الكرافت" المستوردتين..
باعتبار أن الإعلام مات فى "زمن الإعلان"!! ولما كان "الأراجوز"
يقدم ما يفجر الضحك.. فقد فعلت.. أدهشنى أن البعض من المحترمين, إنشغل بمناقشة "النكتة"
وأخذته حالة غضب من "الأراجوز" وهؤلاء يستحقون أن أعاتبهم.. فما يدعو
للسخرية لا يجب مناقشته بجدية!!
أعلنت وفاة "مستنقع
وطن" فى ضوء جريمة مكتملة الأركان تم ارتكابها فى حق الوطن قبل وخلال
انتخابات ما يوصف بأنه "مجلس الشيوخ".. ولأنها جريمة ظهر كل من وقع على "القصد
الجنائى" فيها مفضوحا, وتمثل ذلك فى عدم احتفائهم بنجاح عملية سرقة إرادة
الأمة وإهانة المجتمع!! تابعنا محاولاتهم الثرثرة.. إشتبكنا معهم جدلا ونقاشا, فكانوا
يهربون مهرولين.. ثم أطلقوا علينا نباح "أولاد فضة المعداوى" كما تصفهم "إيمان
إمبابى"!! ومن الكواليس راحوا يهددون ثم يعرضون صفقات رخيصة لشراء الصمت.. حدث
ذلك معى شخصيا وسمعت من آخرين ما تعرضوا له.. هذا لا يشغلنى.. ولا يهمنى على
الإطلاق.. ما يهمنى تأكيد وفاة "مستنقع وطن" حتى ولو فرضوا علينا تكرار
ما حدث فى انتخابات "الشيوخ" خلال انتخابات "النواب".
بداية يجب أن أؤكد على
أن تأييدى مع الملايين للرئيس "عبد الفتاح السيسى" يستند إلى حقائق لا
يختلف عليها سوى أعمى بصر وبصيرة.. ويصل الأمر إلى "الخونة" الذين
مارسوا "الخيانة" فعلا واضحا.. وأؤكد على أن اختلافى وآخرين مع الرئيس "عبد
الفتاح السيسى" بحسم حول ما يحدث فى ميادين السياسة والإعلام والثقافة
والشباب, ليس من باب ممارسة المعارضة.. بل من باب الخوف على وطن ومجتمع وإنجازات, لا
يحتمل صاحب ضمير الصمت عليها.. فالإنجازات التى تحققت هى لصالح وطن ومجتمع.. والاختلاف
مع صاحبها لصالح وطن ومجتمع.. وإن كنا نقول صدقا.. نستحق التقدير.. وإن كان يعوزنا
الفهم والدراية, فوجب عليه أن يتكلم ويوضح لنا وللأمة التى وقفت على أطراف أصابعها..
فنحن أخذتنا دهشة عدم دعوة الرئيس للشعب أن يذهب إلى صناديق الاقتراع.. ثم أخذتنا
صدمة صورته خلال إدلائه بصوته.. بعدها غرقنا فى الحيرة حين رأيناه يتجاهل العملية
الانتخابية برمتها, عندما ظهر على الرأى العام لوقت طويل!!
يقول الرئيس "عبد
الفتاح السيسى" ويؤكد أن المسافة بينه وبين كافة الأحزاب القائمة – وكلها
كرتونية – واحدة.. ونحن نصدقه.. يقدم الإعلام حزب "مستنقع وطن" على أنه
حزب الرئيس.. يمارس المسئولون – وزراء ومحافظين وأجهزة – سلوكا لا يحتمل تشكيكا فى
أن هذا الحزب وشركاؤه فى قصدهم الجنائى يمثلون الرئيس.. نحن نصدق هذه ولا نستطيع
تكذيب تلك.. والقول الفصل يرجع إلى قول حاسم وواضح من الرئيس نفسه.. لكن هناك ما
يجعلنا نلتمس العذر للرئيس, متمثلا فى تحديات إقليمية خطيرة تحيط بنا.. إضافة إلى
تحديات اقتصادية شديدة الصعوبة.. وبما أن الرئيس – أى رئيس – يتعامل مع حجم
معلومات يخفى علينا, بما يفرض تعاملا يختلف مع تقديراتنا.. فنحن نلتمس له العذر.. لكننا
لا يمكن أن نغفر لأنفسنا جريمة الصمت, وهذا يدعونا إلى التفكير بصوت عال.. تلك
الحالة لها تداعيات تتجلى فيما نراه من احتكار "الأراجوزات" لصكوك
الوطنية وأسميهم "أئمة الوطنية"!!
الحالة نفسها عاشتها
مصر قبل أكثر من قرن.. تحديدا عام 1925 حين ظهر حزب اسمه "الاتحاد" تمت
فبركته وهندسة وجوده بأصابع "حسن باشا نشأت" وكان رئيسا للديوان الملكى..
خاض الحزب انتخابات شابها التزوير والفساد.. أمسك بالسلطة عندما شكل حكومة "أحمد
زيوار باشا" وشاركه فيها "يحيى باشا ابراهيم" رئيس هذا الحزب مجهول
النسب!! وكانت عملية تفجير الحزب مصادفة بظهور كتاب "الإسلام وأصول الحكم"
للشيخ "على عبد الرازق" وتفاصيل الموضوع كثيرة, ولعلى أرويها فى حلقات "الأزهر..
أصل الحكاية" ومن أراد الاستزادة يمكنه متابعتها.. المهم أن حزب "الاتحاد"
لم يستمر طويلا.. تبرأ منه الملك "فؤاد" نفسه, وتم دفنه بإقالة "حسن
باشا نشأت" من الديوان الملكى, ثم سقطت حكومته ورجالها ولم يبق منهم غير سيرة
لا تشرفهم.. هذا دعانى إلى إعادة التذكير بالموضوع عابرا.. لكن الأصل فى الموضوع
أن حزب "الاتحاد كان منهجا, لأنه تم تطويره فيما بعد ليظهر حزب اسمه "حزب
الشعب" بقيادة "إسماعيل صدقى" الذى ألغى دستور 1923 وصاغ دستور
حزبى 1930 وحكم البلاد لثلاث سنوات كانت شديدة التوتر, وداخلها تم إنتاج جماعة "الإخوان"
الإرهابية.. وعندما يتم استعادة المنهج ذاته لإنتاج "السلفيين" واستخدامهم
كفزاعة.. فهذه سذاجة وجهل يستحقان أن نواجههما.. لأن القائمين على إعادة إنتاج
الأكثر رداءة وانحطاطا فى تاريخ مصر, لا يعنى غير احتقار للأمة والمجتمع واستهانة
بشعب أنجز ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. ليسقط عملة كان الفساد وجها لها, والإرهاب
هو الوجه الآخر.. وفيما يبدو أن الذين يفرضون علينا "مستنقع وطن" وشركاءه
فى "القصد الجنائى" لا يستهدفون التاريخ ولا الشعب.. بل يستهدفون ضرب
محاولة جادة لإعادة بناء هذا الوطن, وإعادة الاعتبار لأمة ودولة يستحقان كل
الاحترام والتقدير من الأعداء قبل الأصدقاء.
لا أدعى أننى أدافع
عن الرئيس "عبد الفتاح السيسى" لأنه يملك ما يدافع به عن نفسه بإنجازاته..
لا يهمنى التقرب من الرئيس لعدم حاجتى أو رغبتى فى غير القراءة والفهم ثم الكتابة
والتواصل مع الناس.. وبما أن التطور التكنولوجى يسمح بذلك عبر "الفيسبوك"
فهذا منتهى أملى.. ويبقى الفيصل أن يتكلم الرئيس ليقول كلمته فيما جرى وسيجرى.. عندها
يمكننى – وغيرى – أن نحدد مواقفنا.. ويمكن للذين تجرأوا على الوطن من الفاسدين أن
يخلعوا أقنعتهم.. فهؤلاء كلما تم ضبطهم متلبسين بارتكاب جريمة, يشهرون فى وجهك
صورة الرئيس وإنجازاته.. ونحن نواجههم رافضين أن نصدق أنهم رجال الرئيس.. عقلى لا
يصدق أن كل هؤلاء – وهم كثر – من أبناء الفاسدين والخونة بأحكام قضائية نهائية
وبرلمانية قاطعة وباتة هم رجال الرئيس!! لكننى سأقبل قولا واضحا من الرئيس أو حتى
قولا ملتبسا مبهما.. وظنى – وليس كل الظن إثم – أن كل رافض من الأغلبية الساحقة
للشعب الذى قاطع انتخابات "الشيوخ" سيقبل ذلك.. لا أقول أنهم سيصمتون.. فقط
أقول سنفهم, ونتحمل مسئوليتنا أمام الله وضمائرنا.. ويبقى فقط أن أذكر نهاية "حسن
باشا نشأت" مؤسس ومهندس منهج حزب "الاتحاد" لأنها كانت "مفزعة"!!
وتلك حكاية أخرى.. وللذين يريدون معرفة أكثر, سأبدأ فى كتابة حلقات "نهاية
مستنقع وطن" لأقص عليكم تفاصيل منهج حزب "الاتحاد ووريثه حزب "الشعب"
وكليهما سقط من الذاكرة!!
0 تعليقات