آخر الأخبار

واقعة كربلاء ما بين الحقيقة والإدعاء،! (2)

 

 

 

علي الأصولي

 

من التساؤلات المثيرة ، التي حاول السيد القزويني إثارتها لتحريك المياه الساكنة على المستوى التاريخي ، هو عدم معقولية إرسال جيش قوامه ما يقارب تعداده بالآلاف بحسب تعدد المرويات التاريخية ، لمواجهة أفراد بالعشرات كانوا في صحبة الإمام الحسين (ع)؟

 

 

وكان بالإمكان لحاكم الكوفة إرسال فرقة أو عدد من الكتائب لمواجهة الحسين بن علي في كربلاء وإنهاء حركته ، بدل أن يجهز جيشا ويحشر الناس جماعات وأفراد من كل فج عميق!

 

 

يبدو لي بأن مشكلة السيد في القراءة التاريخية تكمن باتجاه نفس الحدث بمعزل عن حيثياته المحيطة به ، وهنا سوف نطرح عدة محتملات للإجابة عن أصل التساؤل ، وان أي احتمال قريب الجواب فهو كاف برد السؤال ويهدم نتائج التفرعات التي شرق بها السيد تارة وغرب تارة أخرى ،

 

 

(١) يمكن أن يقال أن الإمام الحسين (ع) لم يكن في حسبانه انه في طريق انتزاع السلطة قهرا وبقوة السيف من حاكم الكوفة ( الضعيف ) بحسب الحسابات السياسية الشامية ، فقد عرف عن ( النعمان ) ميوله للدعة والسلامة وعدم المواجهة ، مع الخصوم في الكوفة وخارجها ، فكان هذا السبب كاف وعدم تجييش الناس من قبل الحسين (ع) في الحجاز ،

 

(٢) لو كان في نية الإمام (ع) جمع الناس لا اقل أنصاره وأنصار أبيه ، والمتعاطفين معه ، لانتظر حتى ينهي الناس مناسكهم في الحج ، وعدم الاستعجال بالخروج يوم التروية والناس في شغل عبادي ، وعدم توفر الاتصالات الكافية وبيان مستجدات المواقف السياسية السريعة ، ولو بقى الإمام لأكثر من أنصاره ،

 

(٣) الملاحظ في المسيرة الحسينية ، وعلى طول خطها من الحجاز الى العراق ، حاول الإمام عزل المتكاسلين والمتثاقلين ، وإبعادهم من الركب الحسيني ، ولو كان الإمام في طريقه للحرب لحفز هؤلاء كما حفزهم أمير المؤمنين (ع) في بعض معاركه ،

 

بل نجد أكثر من ذلك عندما وصل خبر مقتل مسلم بن عقيل (ع) إلى مسامع الإمام ابلغ ابتاعه فورا ، بغدر أهل الكوفة ، وذكر لأنصاره ان الموقف سيء ولا يبشر بخير ، فمن جاء لأجل غنيمة ما ، فالفرصة ضعيفة جدا ، بل منعدمة واقعا ،

 

(٤) من أهداف حاكم الشام السياسية هو نزول الحسين على البيعة ، وإلا فهو السيف ،فما كان من والي الكوفة الا تجييش الناس بقبائلها وعلى كل قادر على حمل السلاح كما سمعنا من التاريخ ، لحسم المعركة بشكل سريع ، وتوريط أكثر عدد ممكن من القبائل بدم الإمام لما يمثله من ثقل ديني واجتماعي في الوسط الموالي وغير الموالي ،وهذا التحشيد كفيل بتخفيف الضغط الشعبي المستقبلي لهذا القرار الجائر ،

 

بعد ان ذكرنا عدة محتملات لإسقاط دعوة السيد ، على نحو النقض نزيد عليه بعدة ملاحظات تسقط دعواه رأسا على عقب إلا اللهم يختار تاريخا غير تاريخنا ويتحدث عنه لمريديه ،

 

أقول : المعروف والمشهور والمتفق عليه عند الخاصة والعامة وحتى عند السيد القزويني أن احد أسباب التوجه للعراق ، من قبل الإمام الحسين (ع) هو وصول الكتب الكوفية اليه الملتمسة بضرورة المجيء ، في ظل الفراغ الذي خلفه موت معاوية وعدم سيطرة النعمان بن بشير لضبط أوضاع الكوفة ،

 

 

ومن المعروف في مذهب الإمامية إن الإمام يعلم بأن مقتله سوف يكون في العراق وعلى يد أشرار الخلق ، وهذا العلم بصرف كونه تفصيليا كما هو المعروف أو إجماليا على بعض القراءات ، بالتالي هو يعرف مصيره لا اقل من الاخبارات النبوية في هذا الشأن ،

 

وقد صرح الإمام بأنه زاحف بهذه العائلة مع قلة الناصر للعراق ، ومصرع أنا ملاقيه على ما بين ذلك ، بل وقد أوضح ذلك بما لا مزيد عليه عندما قال ( من لحق بي استشهد ) وغير ذلك من الكلمات الدالة على المضي قدما نحو ملحمة أيسرها تطير فيها الرؤوس ، ولا أظن بل لا اعتقد بأن الإمام فيما لو افترضنا انه زحف بجيش جرار يشتغل على اثباط عزائم مقاتليه ، فهذا لا يتصور في ادني من له خبرة في الغزوات القبلية فما بالك بقائد بوزن الإمام الحسين (ع)!!

 


واقعة كربلاء بين الحقيقة والادعاء! (1)

 

إرسال تعليق

0 تعليقات