فى هذه الحلقة نرى كيف كان خيار المستعمر الاجنبى فرض الوهابية على واقع المنطقة ومنها خرجت كل ألوان التشدد والإرهاب
محمود جابر
فى الحلقة الماضية قلنا أن هذه
النتيجة ترتب عليها أننا أصبحنا أمام إشكالية خروج هذه الجماعة وتكونها لماذا خرجت
وما هو الباعث على تكونها وما هي دوافعها
حتى نصل إلى معرفة أهداف الجماعة .
أحداث
القرن العشرين وقيام جماعة الإخوان
مع بداية القرن العشرين كانت المنطقة العربية كلها واقعة تحت حكم الدولة
العثمانية والمصطلح عليها لدى المؤرخين بالإمبراطورية العثمانية والتي كان نجمها
أخذ في الأفول فيما كانت بعض الدول الأوربية قد عقدت النية على تقاسم تركت هذه
الدولة فيما بينهم ووقع الشرق العربي أغلبه من نصيب بريطانيا الإمبراطورية الأقوى
، وقد كانت منطقة وسط الجزيرة العربية
وقُبيل قيام المملكة العربية السعودية مقسمة إلى أربعة مناطق وهى : - نجد
(المنطقة الوسطى) التي كان يحكمها آل سعود بعد نزاع تاريخي طويل مع آل رشيد.
- الأحساء والقطيف (المنطقة الشرقية) ذات الحضور الشيعي والتي تشكل امتدادا
جغرافيا وتاريخيا وتجاريا وثقافيا للخليج العربي والعراق وإيران والهند.
- عسير (أبها ونجران وجيزان أو المنطقة الجنوبية) والتي تعد امتدادا
جغرافيا وتاريخيا وسكانيا لليمن، وتقيم فيها مجموعات من الشيعة الزيدية
والإسماعيلية.
- الحجاز التي حكمها الأشراف أو كانوا القوة الرئيسية فيها قرونا طويلة،
والذين يعدون أنفسهم مركز وقيادة الأرستقراطية العربية، وقد جعلت الطبيعة الدينية
الخاصة للحجاز منها منطقة مفتوحة ثقافيا وفكريا وتجاريا. وهي المنطقة الأكثر صخبا
في كل هذه المنطقة نظرا لوجود شخصية تاريخية هامة تمثلت في الشريف حسين بن على
شريف مكة وملك الحجاز ، والذي حاول أن يوفق بين السياسة العربية والتركية لخوض
المعركة سويا ضد الأوروبيين فبعث ببرقية إلى الصدر الأعظم أنور باشا يطالبه فيها
بمداوات القلوب الجريحة من العرب الذين تم اتهامهم وتجريحهم ومحاكمتهم إمام
المحاكم العسكرية التركية حتى يصبح العرب والترك يدا واحدة في وجه الأعداء ، بيد أن
جهود الشريف فشلت ورفض الباشا أن يمد يدي المساعدة باى شيء .[1]
كانت المخابرات البريطانية على علم وثيق بما تحمله الخطابات بين الشريف
حسين والأتراك ، واخذوا يقتربون من الشريف حسين وأبناءه، وقد أعرب الإنجليز عن تأيدهم
للشريف حسين وثورته ( الثورة العربية ) ودولته ( الدولة العربية ) ، وفى الوقت
الذي كانت انجلترا تجرى تفهمات ومفاوضات مع الشريف حسين كانت تجرى في ذات الوقت
اتفاقيات ومفاوضات مع فرنسا حول نصيب كل منهما في هذه الأراضي العربية (تركت الرجل
المريض ) ،والتي تتعارض مع نصوص الاتفاقيات والمفاوضات التي تم إجرائها مع الشريف
حسين ، وفى الوقت ذاته تجرى مفاوضات مع أمير نجد عبد العزيز بن سعود في أمور تعارض
– وهم يعلمون – مع اتفاقهم المزمع إبرامه مع الشريف حسين ، وفى الوقت نفسه يفاوضون
اليهود على إقامة وطن لهم يناط به حماية المصالح البريطانية في الشرق العربي وهو
ما أدى إلى تفجير المنطقة كلها بأثرها .[2]
هذه الخطط وغيرها لم تتكشف أي منها في حينها ، وقد فضحت الثورة البلشيفية
1917م ، هذا المخطط ( وعد بلفور ) ومحاولة بريطانية إقامة وطن لليهود على الأرض
الفلسطينية وهنا ثارت ثورة الشريف حسين الذي علم مدى خيانة الإنجليز به وبثورته
فقرر مقاطعة الإنجليز والمضي قدما في طريقة لإقامة الدولة العربية ومتابعة ثورته
ضد العثمانيين الأتراك .
هنا قرر الإنجليز التخلص من الشريف حسين فتم دعم وتزويد عبد العزيز بن سعود
بالمال والرجال ( ضباط الحرب والاستخبارات الإنجليز ) وبالسلاح بعد أن عقد معه معاهدتي
العقير ودارين 1915م، وإطلاقه على قوات
الشريف حسين ليقوم بالعدوان على الأراضي
الحجازية والعراقية وأطراف الحجاز الشمالية وكلها في وقت واحد عام 1924م ، وفى
أكتوبر من العام نفسه قام بعض من الحجازيين بالتفاوض مع الشريف حسين لإنهاء الأزمة
والتي تمثلت من وجهت نظرهم تنازل الشريف حسن ولده على عن شرافة مكة وملك الحجاز
ظنا منهم أن في هذا الإجراء انتهاء للازمة وعودة لقوات ابن سعود إلى مربعها في نجد
غير أن الأمر كله كان محض وهم وسرعان ما سقطت باقي أجزاء الحجاز وتم إعلان ابن
سعود سلطان للنجد وملحقاتها وأميرا للحجاز ، ثم إعلان المملكة العربية السعودية .
وحتى يتسنى للإنجليز أن يقوموا بهذا المخطط الجهنمي (المؤامرة الكبرى ) في
هذه البقعة وبما لها من خصوصية دينية لدى جموع المسلمين كان لابد لهم من محاولة
إنشاء أو إحياء منهج منحرف يتجمع عليه المسلمين إما طوعا (بفعل الرشوة والنفوذ) أو
كرها بالحكم عليهم بالكفر والزيغ مع بعض المساعدات اللوجستية أو الفعلية إذا اقتضت
الضرورة من هنا ظهرت الوهابية فالإخوان فالجماعات
الإسلامية التكفيرية الإرهابية الخوارجية .
0 تعليقات