آخر الأخبار

الإخوان المسلمون القصة الكاملة (3)

 

 



 

محمود جابر

 

 

 

وحتى يتسنى للإنجليز أن يقوموا بهذا المخطط الجهنمي (المؤامرة الكبرى ) في هذه البقعة وبما لها من خصوصية دينية لدى جموع المسلمين كان لابد لهم من محاولة إنشاء أو إحياء منهج منحرف يتجمع عليه المسلمين إما طوعا (بفعل الرشوة والنفوذ) أو كرها بالحكم عليهم بالكفر والزيغ مع بعض المساعدات اللوجستية أو الفعلية إذا اقتضت الضرورة من هنا ظهرت الوهابية فالإخوان فالجماعات الإسلامية التكفيرية الإرهابية الخوارجية .

 

 

محمد بن عبد الوهاب والوهابية

 

تعرف الوهابية بأنها :  فرقة خرجت (صنعت) في مطلع القرن الثامن عشر ، على حين ضعف وفٌرقة بين المسلمين ، تقاتل أهل الإسلام ، وتكفرهم وتعتبرهم مشركين ، مالم يعتنقوها ، وبنوا مواقفهم الفكرية واختلافهم مع سائر المسلمين على مسائل فرعية (ثانوية) ، وهم يدعون أنهم السلفية الذين يتبعون سلف الأمة وهم لا يتبعون ولا يقتادون بغير ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب ، وقد رد على محمد بن عبد الوهاب أخوه سليمان وانتقده في هذا المذهب .[1]

وقد انكشف تهافتهم وسطحيتهم وجهلهم لدى كثير من العقلاء وعلماء الأمة ، فقد روى الشيخ إبراهيم المنصورى أن محمد بن عبد الوهاب (كان يمنع أتباعه من مطالعة كتب الفقه والتفسير والحديث ، وهذا ليس بغريب على واحد من تلامذة المستشرقين وضباط المخابرات الإنجليزية . هذا وقد ذكر جهل ابن عبد الوهاب أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب : ابتلى الناس بمن ينتسب إلى الكتاب والسنة ويستنبط من علومهما ولا يبالى من خالفه وإذا طلبت منه أن تعرض كلامه على أهل العلم لم يفعل بل يوجب على الناس الأخذ بقوله وبمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر. هذا وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال الاجتهاد ، ولا والله ولا عُشر واحدة ، ومع ذلك راج كلامه على كثير من الجهال) .[2]

والوهابيون هم الحشوية والخوارج الجدد ، وسبب تسميتهم بهذا الاسم هو أنهم يدخلون في العقيدة ماليس فيها ويقولون بالتجسيم والتشبيه على الله تعالى وتقولوا على الله بأفهامهم المعوجة .[3] يقول الشيخ محمد زاهد الكوثرى : كان أهل الحق يلقبونهم بألقاب تكشفهم لمن لا يعرفهم ، بالمشبهة لتشبيههم الحق تبارك وتعالى بخلقه في وصفه بما هو من خواص الخلق ، وبالمجسمة لقولهم في الله تعالى بالاتصاف بما هو من لوازم الجسم لزوماً بينا .. والحشوية نسبة إلى الحشو بسكون الشين ، وهو اللغو الذي لا اعتبار له ، فضلا عن أن يكون منسوباً إلى الله وإلى رسوله ، أو مذهباً يدان الله تعالى به [4].

أما شيخهم وقدوتهم ومرجعهم فهو : محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن على التميمى .[5] ولد محمد بن عبد الوهاب بقرية العيينة سنة 1111 وتوفي سنة1207هـ [6] . وأخذ في أول أمره عن كثير من علماء مكة والمدينة وكانوا يتفرسون فيه الضلال والإضلال وكان والده عبد الوهاب من العلماء الصالحين وكان يتفرس فيه ذلك ويذمَّه كثيرا ويحذر الناس منه وكذا أخوه سليمان بن عبد الوهاب أنكر عليه ما أحدثه وألف كتابا في الرد عليه.[7]

وكان في أول أمره مولعا  بمطالعة أخبار مدعي النبوة كمسيلمة وسجاح والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأمثالهم ، وابتدأ ظهور أمره سنة 1143 هـ . وكان يتردد على مكة والمدينة في صغره للأخذ من علمائها بتوجيه من أبيه ، وممن جالسه في المدينة من العلماء : الشيخ محمد بن سليمان الكردي ، والشيخ محمد حياة السندي ، وكان الشيخان المذكوران وغيرهما من المشايخ الذين أخذ عنهم يتفرسون فيه الغواية ، والإلحاد ويقولون : "سيضل الله تعالى هذا ، ويضل به من أشقاه من عباده " فكان الأمر كذلك ، وكان أبوه عبد الوهاب (وهو من العلماء الصالحين ) يتفرس فيه الإلحاد ، ويحذر الناس منه ، وكذلك أخوه الشيخ سليمان [8] . وجدير بالإشارة أن جده سليمان راعيا فقيراً رأى في منامه كأن شعلة نار خرجت منه وانتشرت في الأرض وصارت تحرق من قابلها فقصها على معبر فعبرها بأن ولدا له يحدث دولة قوية فتحققت الرؤيا في حفيده محمد بن عبد الوهاب .

ومن الثابت أن سليمان (جد بن عبد الوهاب ) اسمه الحقيقي شولمان قرقوزي (أي بائع البطيخ) من يهود الدونمة ، خرج من بلدة بورصة بتركيا ، مع زوجته إلى بلاد الشام ، فأصبح اسمه سليمان بن علي ، واستقر في ضاحية ( دوما ) في دمشق ، وأخذ يتاجر بالدين هذه المرة لا بالبطيخ ، فاكتشفه أهالي سوريا ، ورفضوا تجارته ، وربطوا قدميه ، وضربوه ضرباً أليما ، وبعد عشرة أيام أفلت من رباطه ، وهرب إلى مصر ، وما هي إلا مدة وجيزة وطرده المصريون ، فسار إلى الحجاز واستقر في مكة ، وأخذ يشعوذ فيها باسم الدين فاكتشفه أهالي مكة فطردوه ، فسار إلى المدينة المنورة ، لكنهم أيضا طردوه .. كل ذلك في مدة لا تتجاوز الأربع سنوات ، فغادر إلى نجد واستقر في بلدة اسمها العيينة ، وهناك وجد مجالا خصباً للشعوذة ، فاستقر بنجد وادَّعى أنه من سلالة ربيعة ، وأنه سافر به والده صغيراً إلى المغرب العربي .[9]

ورغم أننا نؤمن أن من الأعراب من هو أشد خطراً على الإسلام من أعدائه الأصليين ، حتى قال الله سبحانه وتعالى فيهم { الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله } فإن هذه الرواية لا تستبعد ، و لا يضير ذلك عبد الوهاب وابنه سليمان حيث اشتهرا بحسن الإسلام ، ويكون هذا المدعو محمداً قد نزغه عرقه اليهودي ، وفي تدميره لبلدته العيينة دليل على ذلك ، إذ حب الوطن من الإيمان وكيف لمسلم قتل أهله وعشيرته الموحدين ، ومن رأى صورة الحفيد محمد هذا في كتاب الفرقة الوهابية في خدمة من ؟! وهو يخطب على أجساد المسلمين في النجف بالعراق بعد أن غزاها وأنصاره لن يشك في يهوديته.

زوج أمير العيينة عثمان بن حمد بن معمر ابنة عمه الجوهرة بنت عبدالله بن معمر لمحمد بن عبد الوهاب فقال الشيخ للأمير (إني آمل أن يهبك الله نجداً وعربانها) [10]!! ولك أن تتأمل في هذا الكلام وتحلل شخصية قائلها على ضوئها ، فقيمة المسلمين في نظر شيخ الإسلام الذي جاء ليحرر البشرية في جزيرة العرب من نير الشرك وأغلال الضلال لا تتجاوز أن يكونوا عبيداً يوهبون وأرضهم للسادة الأمراء ؛ ولكن  الأمير لم يلبث أن طلب منه الخروج من أرضه بعد إصرار قائد الإحساء والقطيف سليمان بن محمد بن غرير الحميدي القوي وأهل حريملاء والبصرة على قتله لإثارته القلاقل والفتن ؛ فالتجأ إلى أمير الدرعية محمد بن سعود فما كان من الشيخ إلا أن وعده أيضاً (أن تكثر الغنائم عليه والأسلاب الحربية التي تفوق ما يتقاضاه من الضرائب) ثم انقلب على ختنه فاغتاله في المسجد ![11]

يقول مفتى مكة المكرمة الشيخ أحمد بن زينى دحلانى : كان ابتداء ظهور محمد بن عبد الوهاب سنة 1143هـ ، واشتهر أمره بعد الخمسين فاظهر العقيدة الزائفة بنجد وقراها فقام بنصره محمد بن سعود أمير الدرعية فخافته البادية وكان يقول لهم إنما أدعوكم إلى التوحيد وترك الشرك .[12]

ويقصد بالتوحيد عقيدة التجسيم ودعوى فناء النار ، وهذا أكثر ما أثر في دعوته التي ورثها عن ابن تيمية وابن القيِّم ، يقول الألو سي في تاريخه : ( أن ابن عبد الوهاب نشأ في بلد العيينة من بلاد نجد فقرأ على أبيه الفقه على مذهب أحمد بن حنبل وكان من صغره يتكلم بكلمات لا يعرفها المسلمون وينكر عليهم أكثر الذي اتفقوا على فعله لكنه لم يساعده على ذلك أحد فسافر من العيينة إلى مكة المشرفة ثم إلى المدينة ثم عاد إلى نجد ثم رحل إلى البصرة وأظهر هناك من الزيغ ما دعا المسلمين إلى طرده فخرج هاربا إلى بلد (حريملاء) فوقع بينه وبين أهلها نزاع بسبب آرائه فنهاه أبوه عن ذلك فسكن إلى أن مات أبوه بعد سنتين أي عام 1153 هـ ، فتجرأ على إظهار عقائده التي ترمي أهل الإسلام بالشرك ، وتبعه حثالة من الناس إلى أن غص أهل البلد من مقالاته فهموا بقتله فانتقل من حريملة إلى العيينة ، ورئيسها يومئذ عثمان بن أحمد بن معمر ، وطلب منه مناصرته وقال له : (إن نصرتني ملكت نجداً) فلم يسمع منه وخرج إلى الدرعية سنة 1160 هـ ، وهي بلدة مسيلمة الكذاب ، فبايعه محمد بن سعود فخرجا لقتال المسلمين . ومات ابن عبد الوهاب سنة 1206هـ .[13]

ولقد كان بقاء محمد بن الوهاب هذا في البصرة نقطة تحول جذري في حياته ، حيث وجد فيه رجال المخابرات البريطانية ضالتهم ، فهو شاب مهووس بجنون العظمة ، يتجرأ على الفتيا ويدعي الاجتهاد ، ويريد الوصول إلى الشهرة بأقصر السبل ، فما كان من ضابط بالمخابرات البريطانية ، ويدعى المستر همفر إلا أن تبنى قضيته ، ولازمه في صداقة حميمة ، ليصنع منه زعيماً روحياً تموت على يديه روح الجهاد المقدس ضد المستعمرين والتي عانى منها الإنجليز الأمرَّين في شبه القارة الهندية ، ويتحول الجهاد إلى فتك بالمسلمين بدعوى محاربة الشرك والوثنية وعبادة القبور على الرغم من أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قد نصَّ على أن الشيطان قد آيس أن يعبده المسلمون عموماً وأهل الجزيرة خصوصاً في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (قَدْ يَئِسَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ )[14]، وقوله : (إنَّ الشَّيطانَ قد أيِس أنْ يَعبدَه المصلُّونَ في جَزيرةِ العَربِ ولكنْ في التَّحريشِ بينَهم ) [15]، وقوله في آخر حياته (.. وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا ).[16]

عاد محمد بن عبد الوهاب من البصرة برفقة أستاذه همفر ومجموعة من رجال المخابرات الإنجليزية في صورة رقيق اشتراهم من البصرة ، وسرعان ما اتفق مع محمد بن سعود أمير مدينة الدرعية في نجد فقوى كل منهما بالأخر حيث تقاسما السلطة وفقا للمخطط .[17]

بموجب هذا الاتفاق خرجت حملاتهم تستبيح الدماء وتسبى النساء والذرارى وتغنم المسلمين ، فكان عدوانهم (جهادا) وغاراتهم (غزوات ) وقهرهم واستيلائهم (فتوحات ) ورعايهم (مسلمين ) والخروج عليهم (ردة وكفر) .[18]

سارت أول سرية للإغارة على المسلمين في بلاد الجزيرة بمباركة الشيخ حيث يقول مؤرخ الوهابية عثمان بن بشر النجدي : ثم أمر الشيخ بالجهاد وحضهم عليه فامتثلوا ، فأول جيش غزا سبع ركايب ، فلما ركبوها و أعجلت بهم النجائب في سيرها سقطوا من أكوارها لأنهم لم يعتادوا ركوبها ، فأغاروا أظنه على هؤلاء الأعراب فغنموا ورجعوا سالمين[19]!!.والسؤال الواجب هنا ما المسوغ من قتال هؤلاء الأعراب وسلب أموالهم ؟ هذا ولقد كان تاريخهم منذ أن جاءت هذه الفتنة ملطخ بالدماء ، فقد هجم محمد بن عبد الوهاب على بلدته الأصلية العيينة فجعلها صفصفا ، حيث اغتال حاكمها عثمان بن حمد بن معمر في مصلاه بالمسجد يوم الجمعة وسماه مشركا ، ثم قتل رجالها وهدم بيوتها ، وأحرق أشجارها وقطع نخيلها واستولى على النساء والحيوانات وتركها خرابا ، وحرم بناءها أو سكنها منذ مئتى سنة وزعم كذبا وفجورا أن الله أرسل عليهم الجراد فأكلها عن آخرها .[20]

ويستكمل مؤرخهم: وكان الشيخ – رحمه الله – لما هاجر المهاجرون[21]،  يتحمل الدين الكثير في ذمته لمؤونتهم وما يحتاجون إليه ، وفى حوائج الناس وجوائز الوفود أليه من أهل البلدان والبوادي ، ذكر لي انه حين فتح الرياض وفى ذمته أربعون ألف محمدية( عملة نقدية ) فقضاها من غنائمها [22] . هذا مع العلم أن أهل الرياض كانوا مسلمين وليس فقط بل كانوا حنابلة المذهب (!!) فكيف استباح الشيخ دمائهم وكيف استباح دمائهم وأموالهم بل كيف فتحها هذا الشيخ بجنده وهل كانت الرياض وأهلها بلاد كفر في نظر الشيخ ، ثم يقول بن بشر : وكان لا يمسك على درهم ولا دينار،وما أوتى من الأخماس والزكاة يفرقه في آوانه ، وكان يعطى العطاء الجزيل

يقول مؤرخ يقول مؤرخهم عثمان بن بشر النجدي في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد): (وكان الشيخ -رحمه الله- لما هاجر إليه المهاجرون، يتحمل الدَّين الكثير في ذمته لمؤونتهم وما يحتاجون إليه ، وفي حوائج الناس وجوائز الوفود إليه من أهل البلدان والبوادي ، ذكر لي أنه حين فتح الرياض وفي ذمته أربعون ألف محمدية (عملة نقدية) فقضاها من غنائمها) مع أن أهل الرياض كانوا حنابلة لكنهم استباحوا أموالهم ، فترى أنه قضى أربعين ألف محمدية من أموال أهل الرياض ، كيف استباح الشيخ ذلك من هؤلاء الناس ؟! أليسوا أهل عقيدة ؟! ألا يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ؟! أما في كلمة "لا إله إلا الله " معصم لهؤلاء ؟! تم قال : (وكان لا يمسك على درهم ولا دينار، وما أوتي إليه من الأخماس) ولنقف عند كلمة الأخماس ، فإنه لا يخمَّس إلا ما يغنم من مال المشرك أما مال المسلم فلا يخمس بأي حال من الأحوال . يقول : (وما أوتى إليه من الأخماس والزكاة يفرقه في  أوانه ، وكان يعطى العطاء الجزيل ، فكانت الأخماس والزكاة وما يجبى إلى الدرعية من دقيق الأشياء وجليلها تدفع إليه بيده ، ويضعها حيث يشاء). أليس هذا وبكل وضوح هو أسلوب عصابات اللصوص قطَّاع الطرق الذين يتقاسمون المسروقات بعد كلِّ غارة ؟!.

وكان ابن عبد الوهاب يكفر كل من لم يتبعه وإن كان من اتقى المتقين ويسميهم مشركين وعليه يستحل دمائهم وأعراضهم . وقد سأله أخوه الشيخ سليمان يوما كم أركان الإسلام يا محمد ؟ فقال خمسة ،فقال : وأنت جعلتها ستة ، السادسة من لم يتبعك ليس بمسلم .

ولقد كان ابن عبد الوهاب يدعى التمسك بفهم سلف الأمة (الاقدمون ) رغم أنهم لم يجمعوا يوما على رأى في المسألة الواحدة ، غير أنه أراد أن يدلس على الناس انحيازه المطلق لابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية اللذين مثلا له المرجعية الفكرية والرافد الرئيس في منهجه .

 

يتبع

 

الإخوان المسلمون القصة الكاملة (2)



إرسال تعليق

0 تعليقات