آخر الأخبار

مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه (3)

 




 

 

محمود جابر




  قلنا فيما سبق أن (فرعون) اسم وليس لقب أو منصب، ولو كان لقب فهل تجاهل القرآن الكريم اسم هذا الملك الجبار ؟ !

وكيف يتجاهله ولا يأتى به وقصته مع بنى إسرائيل من أهم وأطول قصص القرآن الكريم وأكثرها جدلاَ ؟

هان نطرح سؤال:

 

لماذا لم يذكر القرآن الكريم اسم فرعون ؟

إذا توجهت بهذا السؤال لأغلب رجال الدين سوف يكون الجواب :

 

القرآن يستهدف العبرة من التاريخ ولا يستهدف الأشخاص !!

لكنها إجابة ليست منطقية ذلك لأن القرآن قد أتى وفى نفس القصة بأسماء مثل (قارون) و(هامان) وكلاهما كان جباراَ ومعاصراَ لفرعون وكلاهما أقل شأنا وتأثيراَ ومع ذلك أتى الله بأسمائهم. وفى آيات أخرى ذكر عاد وثمود وآزر وغيرهم.

الآن ... نستطيع الإجابة عن السؤال ونقول :

لا ...لم يتجاهل القرآن الكريم اسم هذا الملك الجبار الذي عذب بنى إسرائيل ، بل أورده أربع وسبعين مرة ، باسمه " فرعون ".

كذلك لم تتجاهل التوراة اسمه بل أتت به مجرداً هكذا " فرعون " رغم محاولات تعميمه على كل ملوك مصر.

لماذا أصبح اسم فرعون لقب لكل ملوك العماليق؟

يقول المقريزى: ( فرعون ) صار اسماً لكل من تجبر وعلا أمره .

من هنا أطلق المؤرخون هذا الاسم على كل ملوك العماليق حتى الذين سبقوا فرعون نفسه ، وأصبح قاصراً عليهم فقط ، وهو على كل حال أمر شائع فكثير من أسماء الأعلام تحولت مع مرور الوقت إلى ألقاب مثال :

- كسرى ...كان حاكماَ للفرس ولكنه تحول مع الوقت الى لقب لكل من ملك الفرس وتسموا بالأكاسره.

-    يوليوس قيصر ...كان حاكماَ للرومان ، ولكن اسمه تحول للقب لكل من حكم بعدة وتسموا بالقياصره.

-    وهكذا النجاشى أصبح لقباَ لملوك الحبشة.

منذ أن أسسنا نحن المصريين حضارتنا نطلق على الحاكم اسم الملك ، ورغم ظهور كلمة فرعون واستعمالها للدلالة على الحاكم بعد طرد الهكسوس ، إلا انه لا يوجد ملك مصري واحد نقش هذا اللقب فى الخرطوش الخاص به – فمن المتعارف عليه أن أسماء الملوك تكتب فى مستطيل يسمى بالخرطوش الملكي يحتوى الاسم والألقاب - ولم يحدث أن وجدت كلمة فرعون داخل أي خرطوش ، فلم نكن نكتب إلا الألقاب الملكية المصرية مثل

1- ن ب ( nb) : وتعني السيد ، وهناك " ن ب - ب ر " ومعناها سيد البيت ، و " ن ب ت . ب ر " ومعناها ربة البيت .

2- ن س و (NSW ): وكان يدل على ملك الوجه القبلي .

3- ب ت ( B T ) :استعمل هذا اللقب للدلالة على ملك الوجه البحري ولكن بعد توحيد القطرين ادمج اللقبان واصبحا لقباَ واحداَ " ن س و ب ت " أي ملك الوجهين.

4- ح ق ( H K ) : وهى تعنى الحكمـــة والحــق ، كما تعنى العالم بأسرار

الطبيعة وما وراء الطبيعة . وفى معجم جاردنر نرى كلمة " ح ق ت " تعنى السيف كما تعنى أيضا العدل والوزن.

5- سا – رع : لقب من الأسرة الرابعة ويعنى ابن الشمس .

6- حر – نوب : وهو يعنى صقر السماء الذهبي .

نخرج من هذا بأنه كان هناك أقوام بدو جبارين همج من الأعراب والعبرانيين استولوا على حكم جزء فى أطراف مصر الشمالية الشرقية أُطلق عليهم اسم (الهكسوس) ، وفى آخر أيامهم ملكهم رجل طاغية اسمه فرعون ، فأرسل الله إليهم من أنفسهم رسولاَ كريماَ هو موسى عليه السلام ، الذي طالب بإخراج قبيلته بنى إسرائيل من وسط قبائل الهكسوس الهمجية ( والتي تم طردها على يد أحمس ملك مصر العظيم أثناء خروج موسى مع قومه) ولجبروت هذا الملك " فرعون " تحول اسمه إلى لقب لكل ملوكهم المحتلين لمصر، ولكن اليهود نجحوا في جعله لقباَ لملوكنا نحن المصريين بهدف الإدانة. وتقنن الوضع الكاذب ، لسيطرة الإسرائيليات على القصص الدينية التي أصبحت مرجعنا الوحيد من جهة ، وعدم إجادتنا لقراءة تاريخنا بل وكتابنا المقدس الكريم من جهة أخرى ، ومع التكرار ، تقرر الوضع الكاذب وأصبح هو الحقيقة.

لم يحدث أن وجدت كلمة فرعون داخل أي خرطوش طوال التاريخ المصري لأنه ببساطة لم يكن رجل مصرى.

 

 امرأة فرعون من قوم موسى :

إنها واحدة من أقوام الأعراب والعبرانيين( الهكسوس) غير أنها آمنت بدعوة موسى المرسل إليهم .

يقول أبن كثير في قصص الأنبياء : (أنها آسية بنت مزاحم بن عبيد ابن الريان الذي كان فرعون مصر فى زمن يوسف ).

وفي كتاب أضواء على السيرة النبوية : قال الإخباريون أنها آسيه بنت مزاحم بن عبيد بن الريان فرعون يوسف وجعلوها من العماليق.

هذه ليست أقوالنا، بل جزء من فيض من أقوال المؤرخين المسلمون فأرجع إليها إن شئت الحقيقة .

نرجع أيضاً إلى أسمها " آسيا بنت مزاحم " إننا أمام أسماء من صلب بنى إسرائيل، وليس بها مجرد ملمح أسم أو لقب مصري ، ومع ذلك نتغاضى ونسد آذاننا و نجعلها وزوجها من المصريين ؟!!!

إن نسبها يصل لملك العماليق فى زمن يوسف لهذا من الطبيعي أن يتزوجها ملك العماليق فى زمن موسى .

وأخيراً يحكى السهيلى ويؤكد : …. أنها كانت من بنى إسرائيل من سبط موسى بل وكانت عمته !!!

ليؤكد كلامنا : أن فرعون كان من قوم موسى .

عندما انتشل آل فرعون موسى من الماء قالت زوجته :

{.. قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } 9القصص

تقول المرأة التى وجدت الطفل : { عســــى أن ينفعنا....}

إن كانت هذه المرأة زوجة ملك مصر فإنها ستكون سيدة ملكات الأرض وزوجة أقوى الملوك وأكثرهم جاهاَ وسلطاناَ.

بعد هذا المقام والسلطان ..أمن المنطق أن تشير لطفل انتشلوه من الماء وتقول : عسى أن ينفعنا ؟

ينفع من ؟!!! وينفعهم بأي شيء ؟!!!

انه مجرد طفل قد يكون لقيطاَ أو يتيماَ ، لا هي ولا غيرها يرى أو يدرى غير هذا في هذه اللحظة .

أيستقيم أن تكون القائلة زوجه ملك دولة مثل مصر ؟ أو أي دولة ؟

سيكون القول مقبولاً فقط في حدود قبائل البدو العبرانيين والرعاة الأعراب التي تنتسب إليهم هذه المرأة رغم إجلالنا لها ولحكمتها .

وحتى تزداد ثقة فيما نقول أرجع لما قاله الذي اشترى يوسف (عليه السلام) وكان دون أدنى شك من الهكسوس الأعراب فقد قال لامرأته: {..أكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } 21 يوسف .

أرأيت أي خلاف بين كلام الرجل وكلام المرأة ؟!

إنهما من شعب واحد ، بعقلية واحدة ، ويستخدمون عبارات واحدة بل وبنفس المفردات والترتيب.

أرجو أن يكون هذا معقولاً ؟!!!

قابلتي بنى إســــــــــــــــــــــــــرائيـل :

" وكلم ملك مصر قابلتي العبرانيات اللتين اسم إحداهما شفرة والأخرى فوعه . وقال حينما تولدان العبرانيات وتنتظرانهن على الكراسي ، إن كان أبنا فاقتلاه وإن كان بنتاً فتحيا ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا " إصحاح1 خروج 15 .

دعونا نذهب للمنطق ... إذا كان هذا الملك فرعون مصرياً لماذا عين قابلتين من العبرانيات ليقتلا الأولاد من بني إسرائيل ، أكان من الصعب عليه وهو ملك ملوك الأرض أن يأتي بعساكره و جنده أثناء ولادة العبرانيات وينتظروهم على الكراسي ؟

                    ·ولماذا لم يعين قابلات مصريات ؟!

                    ·ولماذا لم يأمر من الأساس بإبادة هؤلاء العبيد ؟!

                    ·ولماذا ترك الملك ( بافتراض أنه مصري ) كل أساليب الهيمنة والجبروت والقوة والسطوة والسلطة والوزراء ورجال الدولة والهيلمان والمقام الكريم ونزل بنفسه ليتفق أو بمعنى آخر ليتآمر مع قابلتين من بني إسرائيل ليقتلا أولادهم ؟!

ألا ترى معي أنها قصة ساذجة إن كانت تتحدث عن مصر وملك مصر ؟ اللذان تم لصقهم بالقصة بسوء نية ، وتبدو فقط معقولة إن كانت أحداثها تجري هناك في [مدينة ] على حدود مصر يعيش فيها طائفة مستضعفة صغيرة العدد ( لهما قابلتان فقط ) مع طوائف أخرى مستبدة وللجميع زعيم بدوي جلف اسمه فرعون .

تقرر التوراة أن القابلتين ومعهم نساء بنى إسرائيل كثيراً ما كن يخدعن فرعون ويتركن أولادهن على قيد الحياة دون أن يدرى بهم أحد ، بيد أن أم موسى لم تنجح في ذلك إلا لمدة وجيزة اضطرت بعدها لقذفه فى اليم ، ذلك لأنها كانت تعيش داخل القصر ومن الصعب عليها إخفائه أكثر من هذا.

 

مصر التى لم تعرفها والقرآن الذى لم تقرأه (2)

وللحديث بقيه

 

إرسال تعليق

0 تعليقات