علي الحفناوى
حضرت السيدة الوزيرة
إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة المصرية، مراسم افتتاح معرض قناة السويس فى باريس
كممثلة للحكومة المصرية، أما عن الجانب الفرنسى فقد حضر كل من وزير الخارجية "ايف
لودريون" ووزيرة الثقافة السيدة "فرنسواز نيسنز"، بالاضافة إلى
رئيس معهد العالم العربى السيد "جاك لانج" وزير الثقافة الأسبق. وإلى
جانب الشخصيات الرسمية والشخصيات العامة، حضر أيضا الأمير محمد على (حفيد الملك
فاروق) وزوجته، والأمير حسين طوسون (حفيد محمد سعيد باشا).
ما لفت نظرى عند
افتتاح المعرض هو وجود عددا كبيرا من أحفاد أسرة ديليسبس. كانوا سعداء بما يمثله
المعرض من اظهار لدور جدهم فرديناند ديليسبس، رغم احتواء المعرض على خطاب عبد
الناصر في تأميم القناة.. ولكنى أخص بالذكر اثنين من شباب هؤلاء الأحفاد وهما "نيقولا"
و "لودوفيك". فقد كنت التقيت بأولهما سابقا وزرت المصنع الذى يعمل به،
وتناولنا وجبة غذاء سويا وتحدثنا مطولا عن تاريخ جده الأكبر. أما الثانى، ورغم صغر
سنه نسبيا، إلا أنى وجدته متحمسا لمعرفة تاريخ أسرته وجده، كما أنه أفاد بحيازته
للعديد من المستندات والمراسلات الخاصة بفترة انشاء قناة السويس، واللطيف منه أنه
دعانى لمشاركته الاطلاع على تلك المراسلات يوم سيقوم بفتح الصناديق التى أودعت بها..
(ولا زلت منتظرا تنفيذ الدعوة).
ورغم ما هو معلوم
لكلا الحفيدين عن دور والدى، الدكتور مصطفى الحفناوى، فى تأميم قناة السويس
وانتقاده الشديد في كل كتبه لدور ديليسبس بصفة خاصة، إلا أنى وجدتهما يتعاملان معى
بمنتهى الاحترام والأدب بما قد يفسر برُقى أخلاقهما وحسن تربيتهما وصفاء نفوسهما (والله
أعلم بما في النفوس) ... فسعدت بهذا التعارف.
وقد انتهزت هذه
الفرصة لتعريفهم بالدور الأهم والخطير الذى قام به والد فرديناند ديليسبس، ماتيو
ديليسبس، فى التاريخ المصرى منذ بداية القرن التاسع عشر، مقارنة بدور ابنه في خداع
محمد سعيد والاستحواذ على حق امتياز حفر القناة عام 1854... فماتيو الأب، المعين
مفتشا بدرجة قنصلا عاما لفرنسا فى مصر، قد قام بناء على تكليف من نابليون بونابرت
باختيار محمد على كحاكم احتمالى لمصر، ثم قام بتقديمه لعمر مكرم وعلماء الأزهر
متبنيا اياه كأفضل من يستطيع حكم مصر وتخليصها من سطوة المماليك، وطلب من الحكومة
الفرنسية السعى لدى السلطان العثمانى لتقبله كوالى على مصر بديلا عن المماليك
المزعجين للباب العالى. وقد كان... وتلى ذلك عملية تنمية وتحديث واسعة لمصر فى ظل
حكم محمد على، وبصفة خاصة بمعاونة الكثير من علماء فرنسا. فكان هذا التواجد
الفرنسي هو بداية للفترة التي سميت بالتنوير العلمى والثقافى والصناعى فى مصر،
ولكنها كانت أيضا فترة هيمنة غير مباشرة من فرنسا على مصر.. حتى جاء الاحتلال
البريطانى، وتم استبدال التواجد الادارى والثقافى الفرنسى بالتواجد العسكرى
والسياسى الانجليزى.
لذلك، قلت لأحفاد
ديليسبس أنى أعتبر أن دور جدهم الأكبر "ماتيو ديليسبس"، دور أهم من دور
المغامر المُدلس الذى قام به ابنه فرديناند فى تاريخنا الحديث.
اهتم حفيدى ديليسبس
كثيرا بحديثى، حتى أن اقترح أحدهما معاونتى فى نشر مذكرات والدى، والتى قمت
بترجمتها إلى اللغة الفرنسية، رغم ما تحتويه من أراء سلبية عن دور جدهما فرديناند،
وبالطبع تم طباعة ونشر المذكرات في فرنسا بدون أي تدخل منهما. إلا أنى أرسلت لهما
كتاب "قدر مصري" الذى يحوى مذكرات الوالد ورأيه الصريح في جدهما.
0 تعليقات