علي الأصولي
حذر الإمام جعفر بن
محمد الصادق (ع) من ظاهرة الصنمية في حديث دار بينه وبين أبي حمزة المعروف
بالثمالي، إذ قال(ع) ( إياك أن تطأ أعقاب الرجال - فقال أبو حمزة للإمام - جعلت
فداك. أما الرئاسة فقد عرفتها ، وأما أن اطأ أعقاب الرجال فما ثلث ما في يدي إلا
مما وطأت أعقاب الرجال - فقال الإمام (ع) ليس حيث تذهب. إياك أن تنصب رجلا دون
الحجة فتصدقه في كل ما قال ) معاني الأخبار.
( فقه
الحديث )
وكما هو ظاهر الكلام أعلاه.
الإمام (ع) بصدد البيان التحذيري من اتخاذ الولائج ما دون المعصوم.
وقوله( وإياك أن تطأ أعقاب
الرجال ) يعني أن تسير خلفهم وقد استخدم الإمام التعبير الكنائي ( أعقاب الرجال ) أي
نهايات الأرجل، وهو السير خلفهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، فعلاوة على تكثير
سوادهم فهو تغريرا بالغير والمشي خلفهم. فغاية هؤلاء هو سماع خفق النعل وكثرتها
ومن امنيانهم أن تطأ أعقاب أرجلهم لكثرة الإتباع. ويمكن - فهم عدم الخصوصية - إسراء
حكم ذلك حتى على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، فالكثير من المدونين من
امنياتهم كثرة الاعجابات والمشاركات والمداخلات بصرف النظر عن محتوى موضوعاتهم في
النشر ، فاتباع مثل هؤلاء وكيفما اتفق يدخل ضمن النطاق التحذيري المعصومي -
وعلى كل حال الرئاسات
الغير معصومة هي الهدف من هذا الحديث بعد ملاحظة ذيله ( إياك أن تنصب رجلا دون
الحجة ) يعني دون المعصوم بل يمكن أن يقال دون الدليل إذا وسعنا من معنى ( الحجة )
أو ( الحجية ).
وهنا حاول الثمالي، أن
يقدم فهمه بعد أن سمع التحذير المعصومي بقول ( فما ثلث ما في يدي إلا مما وطأت أعقاب
الرجال ) يعني أن المعارف التي اكتسبتها فهي نتيجة السعي الحثيث خلف العلماء فكيف
اجمع بين طلب العلم وأطأ أعقاب الرجال لأجله. وبين ( إياك أن تطأ أعقاب الرجال )!!
وهنا تدخل الإمام
لرفع الالتباس إذ قال ( ليس حيث تذهب ) يعني أنا لم أنهك عن أن تذهب وتطلب العلم
من أهله. وإنما أحذرك من ظاهرة الصنمية بعد أن تنصب رجلا دون الحجة ( دون الإمام )
ودون الفقيه العالم الدال على الله والإمام، وبالتالي تصدقه في كل ما قال، بل يقال
أكثر من ذلك وهو أتباع الفقيه العالم. وأخذ آراءه إذا تم تصديقه بكل ما يقول بلا
حجة ودليل. فهذا تنصيب دون الحجة ويدخل في مفهوم الولائج التي قال عنها الإمام
الباقر (ع) ( إياكم والولائج، فإن كل وليجة دوننا فهي طاغوت ) بصرف النظر عن ماهية
الوليجة فرد أو حزب أو مؤسسة بأي عنوان كانت ما دامت فاقدة للحجية الدليلية فهي
ضمن نطاق المشكل الشرعي والأخلاقي الذي حذر منه المعصوم وبالتالي هي الصنمية
الممقوتة، والى الله تصير الأمور.
0 تعليقات