عز الدين البغدادي
أعلن قبل يومين عن إرسال "قانون العنف الأسري" من مجلس الوزراء إلى
البرلمان لغرض إقراره، وهنا أريد أن أثير النظر إلى أن هذا القانون يأتي ضمن الدجل
القانوني السياسي المستمرة منذ 2003 والى الآن، فرغم أني من الناقدين لجمود الفقه الإسلامي،
وضعف مناهجه وفلسفته لا سيما إذا قورن بالفقه الغربي إلا أن المؤكد أن هناك جزءا
من الفقه الإسلامي لا زال أفضل بكثير من الفقه الغربي وأكثر اتزانا وهو ما يخص الأحوال
الشخصية..
أقول هذا رغم إدراكي لوجود ثغرات كثيرة فيه لم يقم الفقهاء بمعالجتها بسبب
رؤيتهم إلى هذا الأحكام وتصورهم أنها أحكام ثابتة وتعبدية، بينما هي أحكام ترجع في
واقعها لتحقيق المصلحة الاجتماعية للأسرة كيانا وأفرادا، وبسبب هذا الضعف وأسباب
أخرى كنت من الرافضين لفكرة سن قانون الأحوال الشخصية الجعفري لأسباب فقهية
وسياسية.
واعتقد إننا نلاحظ بأن البلدان الإسلامية لا تطبق أحكام الفقه الإسلامي في
العقوبات مثلا أو حتى في المعاملات، إلا أنها في الأحوال الشخصية تطبق رؤية الفقه الإسلامي
مع تعديلات بحسب الحاجة، والسبب هو ما ذكرته من أفضلية هذا الفقه على الفقه الغربي.
في السنوات السابقة صرنا نسمع عن جرائم أسرية مروعة من أب يعذب أبناءه إلى امرأة
تقتل زوجها بطريقة بشعة إلى أم تغرق طفليها في خزان ماء إلى امرأة كبيرة السن تعشق
صبيا صغيرا وتتعاون معه لقتل زوجها الذي يوفر لها أفضل ظروف معيشة يمكن أن تحلم
بها امرأة.
في محاولة تعيسة بائسة أرسل مجلس الوزراء مسودة قانون العنف الأسري الى
البرلمان لغرض المصادقة عليه، وذلك لحل هذه المشاكل المرعبة والمتتالية التي تهز
المجتمع باستمرار دون وجود أي حلول لها. هذا القانون لا يمكن أن يحل المشكلة بل
وضع لكي يعقد الشاكل ويزيدها، وهو أيضا لا حاجة لها فليس هناك فقر في المنظومة
التشريعية لمعالجة هذه الحالات، لأنها تحتوي على ما يكفي من القوانين التي تحمي
الطفولة والمرأة والضمان الاجتماعي للأسرة فضلا عن قانون العقوبات.
ان معالجة هذه الحالات قانونيا هو آخر شيء يمكن القيام به، بل لا بد من
معرفة الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تؤدي اليها، ومن ثم
حلها.. وأما حلها عن طريق هذا القانون في مجتمع متمرد كالمجتمع العراقي فإنه لن
يخلق إلا مشاكل أكبر وأخطر.. إن أسوأ أمر يجده في المنظومة القانونية الغربية هي
تلك القوانين التي كثيرا ما أدت إلى تحطيم أسر، والتي تجعل الأب غير قادر على
توجيه أبناءه وبناته فضلا عن اي ضغط عليهم، خصوصا وأن الطفل المتمرد في السويد
مثلا عندما يترك أسرته فإن الدولة تستطيع أن تهيء له وضعا جيدا أما في العراق فإن
الطرق تؤدي الى نهايات مأسوية كارثية.
0 تعليقات