آخر الأخبار

تيه العرب بين المشاريع المعادية

 



 

عمر حلمي الغول

 

 

ونحن نقف أمام اللوحة العربية الرسمية، وننظر بالعين المجردة للعمليات الزلزالية الإردتداية في المنظومة السياسية العربية، نلحظ الإنهيارات القيمية والسياسية والإقتصادية والقانونية والأمنية والثقافية التربوية والإعلامية في خطوات تراكمية كمية في متوالية هندسية، حتى بلغت لحظة نوعية من السقوط الكلي في حضن المشروع الصهيو أميركي. بيد ان التسليم والترسيم لعملية تأبين العروبة بمعاييرها الشكلية يحتاج إلى إخراج أكثر هدوءً، وبعيدا عن ردود الأفعال من الشعوب ونخبها الرافضة الإنهيار، وبالتالي لإزالة آخر او بقايا ورقة التوت عن المنظومة العربية الرسمية وعقدها السياسي، ومرتكزاتها الناظمة للعمل العربي المشترك منذ خمسينيات القرن الماضي تحتاج إلى بعض الوقت للإعلان السافر عن تشييعها وبعد الإلتفاف على قضية العرب المركزية سابقا، قضية فلسطين، وتطويع الشعب والقيادة الفلسطينية وكل النخب العربية السياسية والثقافية القومية والديمقراطية لمشيئة رواد التطبيع المجاني، والتسليم بقيادة دولة الإستعمار الإسرائيلية للوطن العربي، ولإقليم الشرق الأوسط الكبير، والتخندق في خنادق العدو الصهيو أميركي في مواجهة المشاريع القومية الأخرى، وأقصد المشروعين التركي والإيراني تحت مسميات وعناوين مختلفة.

 

 

ولا يفهم مما اشير له في قراءة سيرورة وصيرورة التطورات، اني مع اي من المشروعين الآخرين النقيضين للمشروع القومي العربي، لإن لكل منهما حساباته المتصادمة مع القومية العربية، مع ان هناك إمكانية نسبية لإيجاد قواسم مشتركة مع كلا المشروعين، بعكس المشروع الصهيو أميركي، الذي لا يوجد اي قاسم مشترك معه لا بالتاريخ، ولا بالجغرافيا، ولا بالدين، ولا بالثقافة، ولا بحساب المصالح الإقتصادية والأمنية، وهو النقيض الحقيقي والأول لشعوب الأمة العربية، ومشروعها القومي النهضوي. لا بل ان المشروع الصهيوني انشأه وزرعه الغرب الرأسمالي في الوطن العربي، وفي فلسطين خصوصا ليجهض كل نهوض مهما كان متواضعا في اي بلد عربي، وليخصي التوجهات القومية الديمقراطية التحررية.

 

 

في حين اننا نرى المشروعين التركي والإيراني موجودين وجودا طبيعيا في الإقليم، وهناك شراكة تاريخية جمعت بينهما وبين العرب. والصراع الدائر معهما يقوم على مبدأ "صراع شراكة صراع" بغض النظر عن كل انواع التناقض التناحري مع المشروعين على مدار حقب التاريخ القديمة والوسيطة والحديثة.

 

 

إذا وبعيدا عن الغوغائية، والديماغوجيا لا يجوز وضع المشاريع الثلاثة في سلة واحدة، رغم انهم جميعا متفقون على وأد وتصفية المشروع القومي العربي، وكل منهم ينهش اللحم العربي في كل بقعة من الوطن العربي، من المحيط إلى الخليج العربي. وبالتالي لا يكون المخرج للعرب من دوامة الإستكلاب والعدوانية الصهيو أميركية والإيرانية والتركية بالإرتماء في احضان اي منهم. دون إلغاء أو إسقاط حق المناورة معهم وبينهم، واللعب على تناقضاتهم، ومحاولة كشف وفضح وجوههم العدوانية ضد بعضهم البعض، والمشترك بينهم ضد المشروع القومي العربي، والعمل على: أولا وقف كل الصراعات البينية العربية؛ ثانيا وقف كل اشكال التطبيع المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية فورا، ودون تردد؛ ثالثا تقديم الدعم المادي واللوجستي والإقتصادي والأمني لكل بلد عربي ليستعيد وحدة أراضيه، وحماية نظام الدولة الوطنية؛ رابعا تقديم الدعم المالي والسياسي وبكل الأشكال لمنظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها الشرعية، ومساعدتها على طي صفحة الإنقلاب والإنقسام بالطرق السلمية؛ خامسا وضع برامج عمل تكاملية عربية عربية لمحاربة الإرهاب بكل مسمياته وعناوينه، وفضح وتعرية الدول والقوى الداعمة للتكفيريين حيثما وجدوا؛ سادسا بنفس السوية وضع برامج تكافلية وتكاملية على المستويات السياسية والإقتصادية والدفاعية والثقافية التربوية والإعلامية لحماية المنظومة العربية؛ سابعا التركيز في عمليات البناء على بناء الإنسان، وبناء الإقتصاد، ووضع خطط التنمية المستدامة المعتمدة على الإنتاج الصناعي والزراعي والهاي تك؛ ثامنا نشر وتعميم مراكز البحث بصنوفها وعناوينها العلمية والإقتصادية والأمنية والسياسية المختلفة؛ تاسعا قلب معادلة التحالفات رأسا على عقب في الإقليم والعالم، ووضع خطط لإعادة الإعتبار للأمة العربية ومشروعها القومي النهضوي، والذي يخدم كل مواطن يعيش بين ظهراني الشعوب والأنظمة العربية، وتعزيز لغة التسامح والتكامل بكل المعايير.... إلخ

 

 

اما بقاء العرب في حالة مراوحة وضياع بين قطعان وغلاة المشاريع الثلاثة الأخرى، فهو يعني طحن العرب بايد العرب، وقتل انفسهم بايديهم، وليس باليد الصهيونية ولا التركية او الإيرانية.

إرسال تعليق

0 تعليقات