محمود جابر
لا يوجد اضطهاد للمسيحيين في مصر بالمعني المعروف، إنما الحاصل أن
هناك تمييزا ضد المسيحيين بوصفهم -عرفيا- أقلية لأغلبية مسلمة تأخذ حقوقهم في أغلب
الجوانب كالمسئوليات والوظائف والرياضة والإعلام .. إلخ.
التمييز ضد المسيحيين هو
الوصف الأدق للحالة المصرية، أما الاضطهاد بمعنى وجود قمع وقتل وحرق هذا بدأ منذ
السبعينات مع صعود التيار السلفي الوهابي، لكنه يحدث بمعزل عن الحالة الأشمل، الكل
تضرر من صعود السلفية بمن فيهم المسلمين مخالفي وجهة نظر مشائخهم في دول الخليج
بالخصوص. أقباط مصر يضطرون أحيانا للرضوخ واستكانة للجماعات الإسلامية المتواجدة
في أرياف مصر. .
غير أن المتابع لتاريخ المسيحية فى مصر يدرك ان المسيحيين يعيشون
فى جو أخوى وأنهم لم يحرموا من بناء كنائسهم يوما من الأيام ففى مدينة الزقازيق -
التى أعيش فيها - تجود فى حى يوسف بك كنيسة عتيقة تعرف باسم كنيسة الأنبا بشاي والأنبا
بطرس وقد بنيت هذه الكنيسة فى عام 1897م .
والحديث عن بناء كنيسة فى الزقازيق قبل مئتى عام يعنى أن حرية
المسيحيين فى البناء مسألة عادية جدا ... بل إن البناء أحيانا يخضع لرغبات وهوى
وخلاف مسيحي مسيحي فى باء الكنيسة ومع هذا السلطة لا تعارض فى شىء ...
تقع كنيسة الأنبا بشاي والأنبا بطرس بالزقازيق بشارع محمد السجان
بحي (يوسف بك) وعلي ناصية شارع محجوب بالزقازيق. وقد كان في مكانها أولاً منزل
مملوك للمقاول (محمد الرشيدي) الذي يوجد باسمه شارع في نفس الحي قريب من الكنيسة.
وحدث بعد ذلك أن اشتري هذا المنزل المرحوم (بشاي عيد باسيليوس) بالمساحة بمديرية
الشرقية آنذاك.
وحدث ليلة عيد القيامة عام
وكان أن تبرع أحدهم وهو المرحوم بشاى عيد (جد القمص بيشوى
عبدالمسيح بشاى) بالمنزل سكنه لإقامة الكنيسة مكانه. وذهب وفد منهم للمرحوم
المقاول (محمد الرشيدي) بالمنزل سكنه بشارع الرشيدي لبيعهم مواد البناء اللازمة
لتحويل المبني إلي كنيسة فاعتذر الرجل عن أن يأخذ منهم أي ثمن للطوب لأن قديسا
نورانيا في عمر الشباب لابساً ملابس بيضاء وذا شعر أحمر بصفار قد وافاه في حلم أو
رؤيا بالليل وطلب منه مساعدتهم فأخبروه بأن من راَه في الليل هو شفيعهم الأنبا
بشاي الذي ستبني الكنيسة باسمه. و بعد عام فعلا و فى يوم أحد عيد القيامة الموافق
18 برمودة 1613 للشهداء الموافق 25 أبريل 1897ميلادية تم أول صلاة بالكنيسة ترأسها
القمص عبدالملك غالى ( وقد نشر خبر افتتاح الكنيسة بمجلة الحق التى كان يرأسها
يوسف منقريوس ناظر الكلية الاكليريكية في ذلك الوقت ) وهكذا تم بناء الكنيسة
وفرشوها بالحصر.
وقد استمرت الكنيسة مفروشة بالحصر حتي عام 1912 ، ووقتئذ بدئ
بإعداد مقاعد خشبية لجلوس المصلين وراحتهم. وشجعهم علي ذلك المرحوم بسطا بك بشاي
باشكاتب المديرية آنئذ.
و بعد ذلك حضر المتنيح مثلث الرحمات البابا البطريرك الأنبا كيرلس
الخامس بنفسه للزقازيق ليكرسها، وعند حضوره للزقازيق، جاء بموكب حافل تحيط به
الخيول وتتقدمه وركب في عربة فاخرة قدمها له الأرخن الكونت (سليم شديد) أحد أعيان
الزقازيق في ذلك الوقت، وقد رافقه فيها المرحوم خليل بك جمال الدين مدير الشرقية.
ونحرت الذبائح في الفترة التي قضاها الأب البطريرك بالزقازيق هذا مع العلم أن
المتنيح البابا كيرلس الخامس هو عم جد جناب الأب المتنيح القمص روفائيل نجيب (=
كاهن كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالزقازيق) من والدته السيدة ماري، بحسب حديث
روته المرحومة والدة أبينا القمص روفائيل للقمص بيشوي عبدالمسيح.
و هكذا ولدت كنيسة الأنبا بشاى و الأنبا بطرس كجزء من إيبارشية
الكرسى الأورشليمى متسعة الإطراف و التي كان يتبعها إلى جانب القدس القليوبية و
الشرقية و الدقهلية و الغربية و دمياط و مدن القنال في حبرية أسقفها القديس الأنبا
باسليوس مطران الكرسي الاورشليمى (تنيح فى 26/ 3 / 1899 و مذكور فى السنكسار تحت
يوم 17 برمهات )......
0 تعليقات