عمر حلمي الغول
الإدارة الأميركية
تلهث كالكلاب الضالة تبحث عن إنجاز هنا، أو إنجاز هناك لتحسين رصيد مرشحها للانتخابات
الرئاسية، خاصة وأن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية الرئيس دونالد ترامب لأسباب
عدة، منها:
أولا مواصلة سياساته
العنصرية؛ ثانيا الدفاع عن رجال الشرطة، الذين ارتكبوا جرائم قتل عنصرية، كما حصل
مع قتلة جورج فلويد، وجايكوب بليك مؤخرا؛ ثالثا الفشل في إدارة أزمة الكورونا؛
وتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، وعنوانها انكماش اقتصادي، وزيادة أعداد
العاطلين عن العمل ... إلخ من الأسباب الداخلية ولم أتعرض للأسباب الخارجية، التي
تضاعف من حجم وحدة الفشل على الصعد المختلفة للرجل المأزوم.
ولهذا يحرص ساكن
البيت الأبيض على اللعب بالورقة الرابحة المتوفرة باليد، وهي ورقة اليمين العنصري
الأميركي، وحلفائه من الجماعات الصهيونية المؤيدة لسياسات الفاسد نتنياهو. حيث قام
في ال13 من آب/ أغسطس الماضي (2020) على الإعلان عن الإعلان "الإبراهيمي"
الثلاثي بين إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، اي التطبيع المجاني والخياني
الضبياني مع دولة الاستعمار الإسرائيلية. وللمراكمة على الإنجاز المشبوه، قام يوم
الجمعة الماضي الموافق 4 أيلول / سبتمبر الحالي بعقد قمة مع رؤساء صربيا، الكسندر
فوتشيتش، والكوسوفي، هاشم تاتشي وفرض عليهما نقل سفارتي بلديهما من تل أبيب إلى
القدس، حتى بدا وكأن الرئيس الصربي فوجىء بما أعلنه الرئيس ترامب، والدليل على
ذلك، انه نظر باتجاه وفد بلاده، ماوكأنه يسأل: ما هذا؟ ثم قام بحك رأسه، ومراجعة
الوثيقة التي وقع عليها.
لكن القانون لا يحمي
المغفلين، ولا القيادات الأمية، التي تسلم رقبتها وقرارها لغيرها. فالمفاجأة لن
تغير من الأمر شيئا، لإنه كان الأجدر بالرئيس فوتشيتش الوقوف بشجاعة أمام المؤتمر
الصحفي، ليعلن عدم موافقته على ما أعلنه الرئيس ترامب، وعلى اقل تقدير أن ينسحب من
المؤتمر الصحفي، إحتراما لذاته ولبلده وشعبه واستقلالية قراره السياسي.
غير ان المؤكد ان
القرصان ترامب، المستكلب على تحقيق إنجاز ما، لا يأبه بكرامة ومكانة ضيوفه،
ويتعامل معهم بعجرفة وغطرسة مفرطة، تعكس سياسة القرصان، غير الآبه بالمعايير
والقيم والقوانين الدبلوماسية.
وكان الإتحاد
الأوروبي أعلن موقفا رافضا للخطوة الصربية والكوسوفية، التي أعلنت في البيت
الأبيض، لإن ما قامت به صربيا وكوسوفو لا يتوافق مع سياسة الإتحاد، وهو ما عبر عنه
المتحدث باسم الإتحاد، بيتر ستانو، الذي وصف القرار الصربي بنقل السفارة إلى القدس
العاصمة الفلسطينية الأبدية، بانها خطوة تثير "الحزن"، واوضح ان الإتحاد
الأوروبي لم يكن على علم بنقل السفارة قبل الإعلان الرسمي يوم الجمعة." لكن
هذا الموقف على اهميته، لا يكفي، ويتطلب من الإتحاد الأوروبي إتخاذ موقف حاسم تجاه
الخطوة غير الشرعية والمرفوضة اوروبيا وامميا.
وعلى الصعيد ذاته،
اعلنت القيادة الفلسطينية عن رفضها وإدانتها للخطوة الصربية والكوسوفية المتناقضة
مع القانون والشرائع الدولية وخاصة قرار مجلس الآمن الدولي 478 الصادر عام 1980،
وغيره من القرارات ذات الصلة والمتعلقة بالقدس الشرقية، كجزء لا يتجزأ من الأراضي
المحتلة في الخامس من حزيران 1967. وتراهن قيادة منظمة التحرير على شعبي البلدين
وقواها السياسية لإعادة الإعتبار لسياسات بلدانها وثوابتها في رفضها العدوانية
الإسرائياية، ودعمها للحقوق الوطنية الفلسطينية. كما انها تعول على مواقف الإتحاد
الأوروبي، الذي مازال حتى اللحظة الراهنة يرفض الإقرار بالسياسات الأميركية
والإسرائيلية المتناقضة مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ولا يعنيها شيئا ما
أعلن عنه الرئيس المنفلت من عقاله في عدائه للشعب العربي الفلسطيني ولحقوقه
السياسية، لإنها (القيادة الفلسطينية) باتت تعي جيدا إستخفاف ساكن البيت الأبيض
بكل القيم والمعايير والحقوق والقوانين والمواثيق الدولية. ولم يخفها، ولم يرهبها
غطرسته وتغوله وجنون القوة، الذي يتسلح به لفرض نفوذه وإملاءاته على قادة الدول
والشعوب عنوة.
المعركة ضد نقل
سفارتي صربيا وكوسوفو يفترض ان تتوسع وتتعمق لإيقاف المهزلة، ولحماية القانون
الدولي، ولصيانة الحقوق السياسية الفلسطينية، وتملي الضرورة الإستفادة من عقد
الإجتماع الوزاري العربي بعد غد لإتخاذ موقف واضح وصريح، وكذلك مطالبة الدول
العربية كل على إنفراد لممارسة الضغوط على البلدين لوقف المهزلة السياسية، وفي ذات
الوقت إدانة الإعلان الثلاثي الإماراتي الإسرائيلي والأميركي، الذي فتح الباب
واسعا لتهافت بعض الدول وسقوطها في متاهة الخروج على قرارات الشرعية الدولية،
والإنتقاص من الحقوق السياسية الفلسطينية، التي كفلها القانون الدولي.
0 تعليقات