آخر الأخبار

البعُد السياسي فى حركة الأئمة (3)

 





 

علي الأصولي

 

 

التغيرات الإدارية دليل المستحدثاث السياسة،

 

 

لعل أهم دليل على ما نزعم هو أن سلطة بغداد قامت بتغيير والي المدينة آنذاك. وهذا التغير المفاجئ لم يكن إلا خطوة استباقية لأي مفاجئة مستقبلية،

 

تم تعيين داوود بن علي العباسي وهو من الأسرة العباسية كما هو الملاحظ. وفي هذه الأثناء اختفى المعلى عن الأنظار وتم طلبه إلا أن وقع تحت قبضة السلطات. وهنا سأل الوالي الجديد عن شيعة جعفر بن محمد !

 

طبعا ليس السؤال عن الشيعة الموالين أو المحبين أو الطلبة الظاهريين،

 

بل السؤال عن النخبة منهم ومن يحرك الخيوط ومن أين يصدر القرار بعد جعفر بن محمد الصادق(ع)

 

إلا أن المعلى نفى أن يعرف أي منهم بل حاول أن يبرر عمله بأنه قاض لحوائج الإمام فحسب. وهنا انقل لكم محاورة جرت بين المعلى والوالي بما مضمونها:

 

أين هم شيعة جعفر بن محمد؟

 

المعلى: ما اعرف من أصحاب أبي عبد الله أحدا ..إنما أنا رجل اختلف في حوائجه وما اعرف له صاحبا:

 

الوالي: تكتمني؟! أما إنك إن كتمتني قتلتك،،

 

فقال المعلى: بالقتل تهددني! والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم... - الكشي –

 

نعم " هذه المحاورة التي جرت آنذاك فلا علاقة بما فسره العلماء وسبب القتل وإفشاء الإسرار المعرفية كما تلاحظ،

 

الأسئلة انحصرت بضرورة إفشاء أسماء شيعة جعفر الصادق (ع) ولا يعني أن السلطات لا تعرف جعفر أو مؤيديه بل تطلب النشطاء منهم فقط وفقط ومن يشكل ما يسمى برجال الظل،

 

وبالنهاية عندما أيقن شهيدنا المعلى بأنه مقتول لا محالة حاول إغاظة داوود بن علي وكونه يعرفهم ولا يفضح أسمائهم مهما كلف الأمر!

 

بالتالي انكشف أحد أهم أركان رجال الظل في عهد الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) وأن كان هو من يتحمل المسؤولية والورطة التي جلبها على نفسه إلا أن الإمام لا ينسى رجاله فترحم عليه كما في النصوص الإمامية.



إخلاص النخبة، المعلى أنموذجا ،

 

قبل تنفيذ جريمة القتل بحق المعارض المعلى بن خنيس طلب من الوالي العباسي إخراجه للسوق بدعوى تسويه بعض الحاجات المالية. ونحو ذلك.

فقد نص الكشي: على أن المعلى قال لداوود أخرجني إلى الناس ، فإن لي دينا كثيرا ومالا، حتى اشهد بذلك...

 

فأخرجه الوالي إلى السوق فلما اجتمع الناس قال المعلى: أيها الناس ، أنا المعلى بن خنيس، فمن عرفني فقد عرفني، اشهدوا لي أن ما تركت من مال عين أو دين أو امة أو عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمد...

 

نعم " قيل بالفقه إقرار العقلاء على أنفسهم جائز أي ماض ويؤخذ به. وهذا الكلام تصريح واضح أن جميع ما تحت اليد هو للإمام جعفر بن محمد(ع) وهذا يعني أنه ليس له من المال شيء يذكر فلم يجعل المعلى الأموال التي كانت تحت يده ورثا يتوارثه الأبناء والأحفاد والأصهار!!

 

بل بين أن ما عنده فهو لغيره وهذا الإخلاص من قبل الوكيل المالي والناشط السياسي والجندي العقائدي له دلالات سامية خلاف من يحاول أن يشكك بأصحاب الإمام الخلص متخذا مدينة الضباب منطلقا !!


صدمة ابن خنيس والانتقال لخطة باء،

 

انصدمت القواعد الشيعية بما جرى على المعلى بن خنيس. بينما أن الإمام جعفر الصادق(ع) كما ذكرنا سابقا كان يتوقع هذا الحدث المحزن. كما قال - كنت أتوقع - على ما نقل الكشي،

 

وبينما الشيعة وهذه الصدمة واسترخاء الجهاز العباسي الأمني بعد كشف وإعدام أهم رجل في منطقته.

 

سارع الإمام الصادق(ع) بتعيين وكيل آخر لشغل مكان سلفه فكان الأمر من نصيب - نصر بن قابوس اللخمي - الذي تحرك بسرية وهذه المهام بشكل فائق وعلى حد تعبير النجاشي- ظل لمدة عشرين سنة - وكيلا للإمام الصادق(ع) ولم يكن يعلم أنه وكيل!!

 

نعم" السرية بالعمل أشبه ما تكون بسرية العمل المخابراتي و هذا لا يتقنه أي عقل سياسي آنذاك سوى عقلية جعفر بن محمد الصادق (ع) والمفارقة أن هذا الوكيل. ظل في عمله على أيام الإمامين الكاظم والرضا(ع) ومات على ولايته،

 

استعادة المبادرة،

بعد أن اتخذت السلطات العباسية سياسة تقليم الأظافر والإطاحة برمز كبير من رموز الشيعة على المستوى التنظيمي. بادر الإمام الصادق (ع) بالعمل الأكثر سرية، وقد عرفنا أنه نصب بدل الشهيد المعلى. نصر بن فارس. بل وعززه بآخر وهذا المنصب متمثلا بعبد الرحمن بن الحجاج البجلي الكوفي.

 

والكوفي هذا مشهور في الوسط كونه من وجوه المحدثين وعادة السلطات تتجاوز عن الشخصيات البارزة في التنظيمات السرية. فقد تم تعيينه على الكوفة زائدا بغداد وهذه أول مبادرة في توسيع الرقعة الجغرافية في التنظيم آنذاك.

 

بل وفي سبيل توزيع الجهد والغش والاختفاء كما يعبرون عمد الإمام (ع) إلى تجنيد جملة من صيارفة الكوفة لغرض تنظيم الشؤون المالية. وطبيعة الصيرفي وبحكم عمله لا تجد السلطات أي غرابة في ثروته وأملاكه التي يعلن عنها هنا أو هناك.



منطقة النفوذ الإداري،

اقتصرت مناطق الوكلاء على جملة من المدن وبتعبير أدق أينما وجدت القواعد الشعبية وجد الوكلاء - وهذه الطريقة متبعة لحد كتابة هذه السطور حيث أن المرجعيات الدينية لا تبعث بالوكلاء في غير مناطق جمهورهم من المقلدة ولذا يمكن أن تجد بعض وكلاء المرجعيات في جزر القمر مثلا وساحل العاج وفي بعض المناطق الإفريقية. وهؤلاء الوكلاء لم ينتشروا هناك إلا بعد حملات تبشرية لهذه المرجعية أو تلك –

 

ما يعنينا هنا أن المناطق التي وجد فيها وكلاء للإمام لا تعدوا بغداد وضواحيها كالمدائن وقراها. والكوفة وسوادها والبصرة والاحواز ونيسابور وقم وهمدان. وعدد الوكلاء يعتمد على الثقل الشيعي السكاني هناك جريا على ما يقرره العقلاء.


البعٌد السياسى فى حركة الأئمة (2)

 

إرسال تعليق

0 تعليقات