آخر الأخبار

مستخدمو الأنترنت قساة

 


 

 

هادي جلو مرعي

 

 

العاطفة الجياشة تغيب في العالم الافتراضي، بينما يخلو الجو للغرائز، فمعظم مستخدمي الانترنت يبحثون عن أشياء يفتقدونها في عالمهم الواقعي كما إن الحياة مملة، غير إن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل مع أشخاص افتراضيين لايتطلب الرومانسية الصادقة، وفي الغالب فإن كل شخص يستخدم الانترنت هو شخص محتال لسبب بسيط لأنه يرغب بالظهور متانقا جميلا وصادقا وهو خلاف مايعيشه في حياته الواقعية لأنه يفعل فيها ماكان معتادا عليه، بينما هو على الانترنت يجب ان يكون ممثلا ناجحا ليرضي الآخرين، او ليقنعهم بشخصية مميزة، بينما لايستطيع أن يكون واقعيا تماما في عالم افتراضي دخل إليه للتسلية فوجده حياة مماثله لحياته الحقيقية لجهة القيام بأفعال لايقوم بها في عالمه الواقعي.

 

لنقم بتجربة.

 

ساقوم الآن بنشر خبر زائف عن شخصية ما تعمل في مجال من المجالات وتحظى ببعض الشهرة والحضور، واقول عنها: إنها شخصية سيئة أو أنها قامت بعمل لايحبذه الناس، وعند ذلك سيعلق العديد من المشتركين بتعليقات سيئة للغاية وسيتهمونه باكثر مما إتهمته انا في المنشور المزيفة، وسيتلقى المزيد من الشتائم والتوبيخ والإفتراءات بالرغم من عدم توفرهم على الدليل الذي يؤيد مزاعمي، وعدم معرفتهم بتفاصيل حياته، وهل قام بالفعل بمااوردته في المنشور المزيف الذي بات حقيقيا في نظرهم برغم ظهوره في العالم الإفتراضي.

 

لنقم بتجربة مغايرة ونقوم بنسج علاقة حقيقية بين مجموعة المعلقين تلك التي هاجمت الشخصية المعروفة واشبعتها شتما وتوبيخا وإفتراءات، ونظهر لهم الوجه الإنساني والحياة الطبيعية التي تعيشها تلك الشخصية في المنزل ومع الاصدقاء، وننظر في طريقة تعاطي المعلقين مع العالم الحقيقي للشخصية، ثم نعيد لاحقا نشر ماكنا نشرناه في المرة الاولى من زيف عن تلك الشخصية، فهل سيعلق هولاء بذات الطريقة أم أن تحولا سيطرأ؟ البعض يرى أن هولاء المعلقين سيتصرفون بطريقة مختلفة، فبعضهم سيعلق مادحا، وآخرون ربما إعتذروا عن تعليقاتهم المسيئة، وهناك من سيتوارى ولايعلق أبدا ليتجنب الإحراج.

 

الكثير من مستخدمي الانترنت يتعاملون مع اوهام تحيلهم الى مجموعات قاسية من البشر لديهم الرغبة في تقطيع جسد الضحية طالما انهم يشبعون رغباتهم في التنكيل والتجريح ولايخشون ملاحقة قانونية، ويتحول التنمر الى هواية، والقسوة الى شعور بالراحة.

إرسال تعليق

0 تعليقات