علي الأصولي
عرفت أقامت المأتم قديما بإقامة أهل الميت. جملة من الأمور لبيان
الحزن والفقد على من رحل عنهم.
ومن أهم تجليات المأتم هو البكاء الذي يعتبر حالة عاطفية نفسية لا
يمكن انفكاكها من عامة البشر.
ما نحن فيه: أن المأتم الحسيني لوحظ في بدايات غروب العاشر من محرم
الحرام. مرورا بالكوفة وصعودا للشام ونزولا لكربلاء بعد العودة وانتهاء بالمدينة.
بل بقي الإمام السجاد(ع) دائم الاستذكار والبكاء على ما حصل في
كربلاء. حتى عد من البكائين
وكل المآتم التي عقدت لا يمكن للفقيه أن يستشف مطلوبيتها واستحبابها.
وأن كانت بإشراف أو إقامة المعصوم(ع) وهو الإمام السجاد (ع) إذ غاية ما يستفاد من
ذلك الإباحة فقط.
وما زاد على الإباحة يحتاج إلى مؤونة.
نعم: في عصر الصادقين(ع) ونزولا. سمعنا من التاريخ والكتب الحديثية
وهي بصدد الحث على إقامة المجالس والمآتم والمراثي وحث الشعراء على القاء القصائد
والتوصيات بضرورة استذكار المصاب. وبيان الفضل للبكاء ومعاهدة الزيارة والإمساك عن
الطعام والشراب حتى الغروب وغير ذلك من الدلائل الواضحة بإرادة إقامة العزاء
الحسيني.
وهنا لا مناص للفقيه وأن يتحرك و هذه المساحة التي بينها
المعصوم(ع) وضرورة استذكار عاشوراء والتهيئة لاستقبال محرم الحرام. وعلى هذا الاهتمام
النوعي شيدت المآتم الحسينية منذ ذلك التاريخ وصولا لحد كتابة هذه السطور
وعليه: فلا معنى ورمي الكرة في معلب الدولة البويهية أو الفاطمية
أو أي حكومة ذات طابع شيعي أو قريب منه. والكلام بلحاظ التأسيس لا بلحاظ التوسعة
وهذا التأسيس.
( تصحيف مفردة زياراتية )
في مقال - التحريف في السيرة الحسينية - للشيخ محمد صحتي سردرودي -
ترجمة حيدر حب الله - قال وتحت عنوان : وقفه في تصحيف زيارة عاشوراء، ثمة في متن
زيارة عاشوراء فقرة تقرا كما يلي: ( اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين .. )
المفاتيح للمحدث القمي،
ومن الواضح أن تحريفا ما قد حصل في هذه الفقرة وأن الشكل الصحيح
لها إحدى صيغتين:
١- اللهم ألعن العصابة التي حاربت الحسين(ع) كما في كامل الزيارات.
٢- اللهم ألعن العصابة التي جاحدت الحسين (ع) كما في الأخبار
الدخيلة للتستري.
ومعنى جاحدت اي أنكرت وعاندت وكذبت. جحد. أنكر. كذب.
وقد ذهب الكاتب على أن هناك ثمة تصحيف واشتباه من النساخ والأصح هي
عبارة كامل الزيارات ولفظ - حاربت - بلحاظ اعتبار الكاتب والكتاب - ابن قولوية
وكتابه –
وكيف كان: لا يمكن بقبول لفظ - جاهدت - لما تحمله هذه اللفظة من
دلالة ولا يمكن نسبة الجهاد إلى أعداء الحسين (ع)
أقول: أن التمسك لاختيار لفظ ما ، بدعوى ضبط - المؤلف والمؤلف -
ليس علة تامة للتصحيح.
وكذا التذرع بلفظ الجهاد ولالته الايجابية ولا يمكن استعماله بحق
أعداء الحسين (ع) وكونهم مجاهدين،
فهو أوجه من سابقه.
على أننا يمكن أن ندعي أن لفظ - المجاهدة - جاهدت - بلحاظ لغوي لا
بلحاظ اصطلاحي لمعنى الجهاد.
فالجهاد لغة: مأخوذ من الجهد: وهو الطاقة والمشقة،
وقيل: هو بالفتح المشقة، وسمي الجهاد بذلك لما فيه من المشقة،
وبالضم: الطاقة والوسع، وسمي الجهاد به لما فيه من بذل الوسع
واستفراغ الطاقة.
وكيف كان: فتحا أو ضما. فالمعنى حاصل وهو أن أعداء الحسين(ع) بذلوا
طاقتهم ووسعهم ونحو ذلك لمقاتلة الحسين(ع) وبهذا أمكن قبول لفظ ( اللهم ألعن
العصابة التي جاهدت الحسين(ع) بهذا المعنى واللحاظ اللغوي لا الاصطلاحي.
0 تعليقات