آخر الأخبار

هبوط حاد فى الدورة الدموية

 






د.أحمد دبيان



( هبوط حاد بالدورة الدموية وتوقف بعضلة القلب )

 

تظل هذه العبارة هى الأشهر فى تقارير الوفاة باللغة العربية وهى العبارة التى ذيلت تقارير الوفاة للرئيس جمال عبد الناصر والرئيس السادات وهى تعبر عن تشخيص صحيح ولكنه يظل نتيجة وليس سبباً.

 

أسباب الوفاة عديدة وتختلف حسب التشخيص الأولى .

 

انتان الدم ، إحتشاء القلب ، السرطان ، التهاب البنكرياس اللوكيميا، الحمى النزفية السموم بأنواعها وغيرها من مسببات الأمراض سوف تؤدى فى النهاية الى هبوط حاد فى الدورة الدموية وتوقف فى عضلة القلب .

 

تتميز السموم والعقاقير بقدرتها على إحداث أعراض حادة قد تتشابه مع أمراض حادة عضوية مؤدية فى النهاية إلى الوفاة وتشخيصات ضبابية ما يجعلها الخيار الأمثل للتخلص من شخصيات وزعامات دون منحها زخم الاستشهاد.

 

تبرع الكثير من أجهزة المخابرات فى استخدام السموم بأنواعها ، وهناك أقسام خاصة منوط بها التعامل وإحضار السموم ودراستها وتطويرها .

 

بعض أنواع العقاقير و السموم المستخدمة قد تحدث انهياراً فى النخاع الشوكى لتعطى أعراضاً إكلينيكية لأمراض دم حادة مثل اللوكيميا ، وهو ما كشفته تسريبات الموساد فى حالة اغتيال الدكتور وديع حداد صاحب مقولة

"وراء العدو في كل مكان"

فتتراوح الرواية الموسادية ما بين أنه قد جرى تسميمه بدس السم فى الشيكولاتة البلجيكية التى كان يعشقها و بين انه قد جرى تسميم قهوته ومعجون أسنانه !!!

والبعض الآخر من السموم قد يعطى اعراضاً لبعض أنواع الليمفوما وامراض الدم كما الحال فى حالة الرئيس الجزائرى الأسبق هوارى بومدين والذى جرى تشخيصه بالإصابة بوالدنستروم ماكروجلوبيولينيميا أو



مرض فالدنشتروم.

 

فى كل الأحوال السموم سلاح فاعل داخل أجهزة المخابرات للتخلص من أهداف معادية يمثل وجودها أرقاً مستمراً لهذه الأجهزة والدول المكلفة بحمايتها .

ربما كانت أول حادثة اغتيال تاريخية بالسم هى حادثة اغتيال الفيلسوف سقراط حين حكمت عليه المحكمة بالموت لكفره بالآلهة وإفساد عقول الشباب وخيرته فى طريقة التنفيذ ففضل هو أن يتولى تجرع السم بنفسه حتى تلتزم الدولة بنفقات عائلته فتجرع كأس السم المنقوع فيه الشوكران

Common hemlock

 

والذى أدى إلى شلل متصاعد بالأطراف وعضلات التنفس بعد حدوث تشنجات أدت فى النهاية الى انخفاض حاد فى الأوكسجين وهبوط حاد فى الدورة الدموية وتوقف فى عضلة القلب .

تعددت حوادث الاغتيال التاريخية المدعاة أو الحقيقية عبر التاريخ .

 

ومن الشاة المسمومة التى تعطل سمها ( زعماً )من المرأة اليهودية الى حادثة قتل الخليفة عمر بن عبد العزيز .

يظل السم العلاج الناجع للتخلص من شخصيات مؤثرة غيرت حركة التاريخ الراكدة دون إعلان الاغتيال كيلا تنعم تلك الشخصيات بزخم الاستشهاد ولتضفى بغموض الإزاحة هالات القوة الغامضة على العدو الذى نجح فى مشاريع التصفية .

 

عقاقير وسموم كثيرة تتشابه فى تأثيرات سميتها مع أمراض عضوية فمن الشوكران الأبقع إلى زهور الدفلى وتأثيرها السمى المسبب لإختلالات ضربات القلب بسبب احتوائها على مواد تماثل فى التركيب عقار الديجيتاليس إلى السيانيد فى بذور التفاح فالسيانيدات بكمّيّات جدّ ضئيلة لا تتجاوز ٩،٨ مج تقريباً في بذور بعض النباتات مثل بذور التفاح والمانغو والدراق واللوز المر ولا لها تداعيّات على الجسم، غير أنّه يُنصَح بعدم تناول تلك البذور. فقد أطلقت وكالة المعايير الغذائية البريطانية من أن كمية ١٩٠جرام من بذور المشمش كافية لإنهاء حياة شخص. والجرعة القاتلة منه، وهي ٠،٢ جرام تقريباً كفيلة بانهاء حياة الانسان بمدة لا تتجاوز بضع ثوان. لبعض مركباته رائحة تشبه رائحة اللوز المر إلا ان أربعين بالمئة من البشر فقط لهم القدرة على تمييز تلك الرائحة.

اكتشف الانسان وجود السموم منذ فجر التاريخ حين كان البعض من اجدادنا توافيه المنية بعد تعاطى بعض انواع النباتات السامة وبدأ توظيفها فى حوادث الإغتيال السياسى والدينى .

يظل السيانيد والاكونتين من السموم الفعالة والتى يستخدمها رجال المخابرات ، سواء فى الانتحار عند سقوط العميل أو للتخلص من الخصم المطلوب إزاحته .

سم الأكونتين ناتج من نبات آقونيطن، وهذا الجنس من النباتات يضم حوالي ٢٥٠ نوع من النباتات المزهرة، تنمو في الأجزاء الجبلية من نصف الكرة الشمالي، وجميعها تقريبا تعرف بانتاج سم قوي يطلق عليه إسم الأكونتين

يتم زراعة الآقونيطن كاحد نباتات الزينة بفضل جمالها وألوانها الزرقاء الجذابة، وهذا الجمال يخفي سم يتواجد في جميع أجزائها تقريبا، خاصة الجذور، وتحتوي على العديد من السموم، منها الإكيتونين الذي يعد السم الأكثر خطورة بينها، وهو سم عصبي قوي وشديد السمية.

تم إختبار تاثير سم الأكونتين على مجموعة متنوعة من الحيوانات، بما في ذلك الكلاب والقطط والأرانب والفئران، وكانت الأعراض التي ظهرت على هذه الحيوانات، هي الإسهال والتشنجات وعدم إنتظام ضربات القلب، وفي بعض الحالات كانت النتيجة هي وفاة الحيوان.

بينما تشمل الأعراض المبكرة: الصداع، الدوخة، زيادة معدل ضربات القلب، ضيق في التنفس، والقيء. ويمكن أن يعقب ذلك تشنجات، بطء معدل ضربات القلب، انخفاض ضغط الدم، فقدان الوعي، والسكتة القلبية. وتبدأ الأعراض عادة خلال دقائق معدودة. تبدأ الأعراض عادة في غضون بضع دقائق.

 

فى الحالين قد تتشابه أعراض التسمم بالأكونتين والسيانيد مع أعراض الأزمة القلبية خصوصاً اذا لم يتم معرفة التاريخ المرضى للتعاطى وهو السيناريو المتوقع فى حالات الإغتيال بالسم .

عند الشك فى حالات الإغتيال بالسم قد يتم كشف الجريمة باخذ عينات من الجثة من المعدة والدم لكشف مستوى السم المراد البحث عنه بجهاز ال

TLC

Thin layer chromatography

 

وهو ما تتفاداه أجهزة المخابرات بابتكار وسائل جديدة لدس السم مثل استخدام لبوس السيانيد فى حالة إغتيال نجمة الإغراء مارلين مونرو لعلاقتها بالأخوين كنيدى .

 

لاجهزة المخابرات معامل ومختبرات لتطوير العقارات والسموم وابتكار مركبات عصية على الاكتشاف بالأجهزة التقليدية مثل استخدام الموساد لشكل الليفو من عقار الفينتانيل

 

ففي معهد "نيتسيونا"، جرى اختيار مادة "Levofentanyl" والتي تعتبر مادة سامة خطيرة ومتطورة، وكانت الخطة تتمثل بوضع وجبة كبيرة في جسد خالد مشعل دون ان يشعر، كونه سيعاني من الاعياء طوال اليوم ومن ثم يبدأ يدخل الغيبوبة وصولا الى الوفاة.

 

و بعد الاتفاق والتدريب على كيفية زرع السم في جسد خالد مشعل عادت عناصر الموساد الى الاردن، حيث اسندت مهمة الاغتيال وزرع السم الى عنصرين من الوحدة المختارة "كيدون"، ودخلا الاردن بجوازي سفر كنديين مزورين، ورافقهم في هذه العملية عناصر أخرى للدعم والاسناد وكذلك طبيبة من جهاز الموساد، والتي كانت تحمل معهما مادة السم والترياق المضاد حال وصل السم الى احد عناصر الموساد أثناء التنفيذ، وكل هذه العناصر أخذت مواقعها المتفق عليها مسبقا والتي كانت في الفنادق والشقق التي تم استئجارها لهذه الغاية.

وبعيداً عن انه قد تم اعطاؤه الترياق بعد ضغوط من الملك حسين كون حدوث الاغتيال على ارض الأردن ، وسواء كان سيناريو الاغتيال للتلميع والبلورة لسحب البساط من حركة فتح والسلطة الفلسطينية فان علم العقاقير والسموم من العلوم المتجددة والتى تصبح المصدر الأكثر أمناً لعمليات التنظيف المخابراتية .

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات