آخر الأخبار

الإبراهيمية بوابة الشرق أوسطية

 




 

عمر حلمي الغول

 

الغرب الرأسمالي عموما، والعدو الصهيو أميركي البريطاني خصوصا يعمل على مدار الساعة لتقويض المشروع القومي العربي النهضوي، وحتى المشاريع الأصلانية الأخرى في الإقليم الشرق أوسطي مثل المشروعين التركي والإيراني لصالح المشروع الصهيوني ليتسيد على الشرق الأوسط الجديد. ويلعب على التناقضات بينها، ويقوم بين الحين والآخر بإنتاج وتعميم سيناريوهات بأسماء وعناوين مختلفة لترويض الشعوب ونخبها، وبما يخدم المخطط الجهنمي. ومن هذه السيناريوهات "مشروع الشام الجديد"، وصياغة "كتاب مقدس" جديد باسم "الديانة الإبراهيمية" أو "الإيمان الإبراهيمي"  الجامع بين الديانات السماوية الثلاث، لا سيما  وأن النبي إبراهيم، عليه السلام، هو أبو الأنبياء.

 

 

كما تقوم تلك القوى بشكل متواصل على طرح أفكار ورؤى وعناوين ذات صلة بالمشروع الأساس "الشرق الأوسط الكبير" منها "بناء لبنان الجديد" و"العراق الجديد" و"مصر الجديدة" وحتى "فلسطين الجديدة" التي تروج لها صفقة القرن الترامبية، إلخ

 

 

وتعمل الدولة العميقة في دول الغرب الرأسمالي، وتحديداً العدو الأنجلو ساكسوني مع الدولة الصهيونية المارقة من خلال المراكز البحثية الأميركية مثل معهد "بروكنز" ومراكز جامعة هارفارد وفرجينيا وغيرها من المراكز في إسرائيل وبريطانيا بضخ مفاهيم عديدة منها "الدبلوماسية الروحية" و"الأمن الروحي" و"حوار الأديان" و"المياة والمقدس" لخلط المفاهيم والمعايير والقيم، وتشويه التاريخ باسم "الدين" و"التسامح" و"التكامل" بين الأديان السماوية، وفي الوقت ذاته بالضبط تسعى بشكل منهجي على تأجيج الصراعات البينية داخل حدود الدول العربية والشرق أوسطية من خلال تعميق النزعة الهوياتية القزمية المناطقية أو المذهبية أو الطائفية أو الدينية، فضلا عن توسيع وتعميق وتغذية نزعة الإرهاب والحروب بين دول الإقليم العربية العربية، والعربية التركية والعربية الإيرانية، واستثمار القوى المأجورة، التي شكلت رديفا أساسيا مذ وجدت في عشرينيات القرن العشرين في المشهد الديني والسياسي كجماعة الإخوان المسلمين ومتفرعاتها الحديثة مثل "داعش" والنصرة" وقبلها "القاعدة"، وما يسمى بـ "أحزاب الله" الإيرانية و"الحشد الشعبي" وغيرها من القوى ذات الصلة بالطائفة الشيعية. والهدف خلط الأوراق والمعايير والقيم وركائز التاريخ والجغرافيا والهويات الوطنية والقومية، لإشاعة فوضى مفاهيمية، وإحداث نكران للذات داخل الذات الفردانية، والذات الوطنية القومية باسم المشترك الروحي الإيماني..

 

فنلاحظ بشكل مباشر الشيء ونقيضه، مرة المناداة ب"بناء الديمقراطية" و"تعزيز الحرية" و" إشادة التسامح" و" وإقامة الديانة الواحدة" لكل أتباع الديانات السماوية لإزالة الفوارق الوهمية والكاذبة، ومرة أخرى فتح بوابات الحروب الدينية، والتأصيل للخزعبلات الميثالوجية كحروب يأجوج ومأجوج وغيرها من الأوهام، والهدف فتح الأبواب أمام التمدد الصهيوني في داخل فلسطين وعلى امتداد الوطن العربي والشرق أوسط الكبير. وفي ذات الوقت تأجيج الصراعات المتعددة الأوجه في اوساط الشعوب العربية، وبينها وبين أصحاب المشاريع القومية الأخرى لإضعاف كل المشاريع القومية لصالح المشروع الاستعماري الصهيو أميركي البريطاني.

 

ولتحقيق هذه الغاية الخطيرة ضخت، ومازالت تضخ قوى الاستعمار الغربي الصهيوني الأموال، وتروج لهاعبر آلتها الإعلامية الضخمة وتقيم مراكز ومدارس ومعاهد تحت يافطة "المدارس الإبراهيمية"، وهي مدارس مشبوهة، الهدف منها تشويه الوعي الوطني والقومي، والتمكن من غسل دماغ شامل للشعب العربي الفلسطيني خصوصا والشعوب العربية عموما، بالإضافة للشعوب الأخرى في الإقليم.

 

وبرزت المسألة الإبراهيمية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومع بداية الألفية الثالثة التقطتها الإدارات الأميركية المتعاقبة من ديك تشيني، نائب الرئيس بوش الأبن، إلى بيل كلينتون، الذي حول الملف لزوجته آنذاك هيلاري كلينتون، مرورا بإدارة اوباما ووزيرة خارجيته المذكورة انفا، إلى إدارة ترامب، ولنلاحظ ان الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء قامت بالعمل على الترويج للبضاعة الإبراهيمية الفاسدة، وبالتكامل والتنسيق مع بريطانيا وإسرائيل لتحقيق الهدف الصهيو أميركي البريطاني، والمرتبط ارتباطا عميقا مع وعد بلفور الصادر في الثاني من نوفمبر 1917، وقبله إتفاقية سايكس بيكو 1916 ومؤتمر سان ريمو 1919

 

ما دونته ليس سوى رؤوس أقلام متواضعة عن موضوع واسع ومتشعب وخطير يستهدف الأمة العربية أولا وثانيا وثالثا، تملي الضرورة على القوى الوطنية والقومية والديمقراطية التصدي المشترك له، وكل من موقعه وفي ساحته للهجمة الصهيو أميركية البريطانية، وفتح باب الحوار مع القوى الديمقراطية في كل من تركيا وإيران وباكستان والهند لتوسيع دائرة المواجهة، وإضافة باكستان والهند ليس من باب الترف أو إسقاطا رغبويا، بل لأنها جزء من الاستهداف، حيث يوجد في الباكستان اكثر من 200 مدرسة ومعهد تابعة للجماعات الإبراهيمية المتورطة مع أجهزة الأمن الصهيو اميركية.

إرسال تعليق

0 تعليقات