علي رجب
تعيش
العلاقات المصرية التركية مرحلة شديدة التوتر والتعقيد، تتشابه في مسارها إلى حد
كبير مرحلة الثورة الخمينية وإسقاط نظام شاه ودعم عمائم إيران للتنظيم الدولي
للإخوان، اتخذت إشكال عدة من حرب سياسية وصراع خفي بين مصر (السادات-مبارك)، وإيران
(الخميني- خامنئي)، إلى دعم جماعات التطرف والدعم مثل تنظيم الجهاد ، والجماعة الإسلامية،
والإخوان وغيرهم من هذه الجماعات، وصلا لمحاولة اختراق مصر سياسيا عبر أحزاب قومية
وناصرية، ولكن مصر حورس استطاعت ان تتغلب في كل جولة من جولات العقول والدهاء في
المنطقة.
اليوم
في ظل وجود نظام حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان ابن وزعيم التنظيم
الإخواني في تركيا وأحد تلامذة أحد قادة التمرد الأفغاني- من أفغانستان وما يسمى
حرب الجهاديين تنطلق كل تجارب جيوش الميليشيات لإسقاط الدول- تعيش تركيا أزمة إستراتيجية
مع مصر، تجعل من الصعب على صناع القرار في اسطنبول التغلب على الغرور التركي في
مواجهة الصلابة المصرية بصلابة الأهرامات ومسلة التحرير.
أردوغان
الذي خسر جولات الصراع ضد الدولة المصرية ، حيث لم يستطع في عهد مبارك ان يتغلل
بعمق في البنية الصلبة للدولة المصرية، رغم وجود الإخوان في كل مؤسسات الدولة، كما
فعل في سوريا وليبيا، بصداقة واسعة مع الرئيس بشار الأسد والعقيد معمر القذافي ومن ثم خيانتهم والانقلاب عليهم لصالح التنظيم.
خسر
أردوغان اختراق البنية الصلبة للدولة المصرية والإخوان على رأس الحكم، كما خسر
أردوغان اختراق الدولة اليوم، وكل اختبارات وقنابل الدخان التي يرميها أردوغان في
مصر، تسجل ضده نقاطا وتجعل فاتورة حسابه تمتلئ، ليزداد رعبا من كيفية سداد الدين
المصري الكبير.
خسر أردوغان أيضا لعبة النفوذ والتمدد ضد مصر رغم مليارات الدولارات التي ينفقها
في "العالم الافتراضي" وعلى الأرض ضد الدولة المصرية، فقد نجح أحفاد
حورس العظيم في إدارة ملفات الشرق بدهاء كبير ضد ابن الدماء والخيانة في اسطنبول.
نجحت
القاهرة في كسب جولات البحر والبر في المتوسط وليبيا والسودان وصولا إلى سوريا
والعراق، بنقلات ذكية واحترافية ، أزعجت أردوغان،وتحولت أوراق الأغا العثماني في
مصر المنطقة، إلى أحبال تلتفت حول عنق الخليفة.
اليوم
تعيش تركيا أردوغان حالة الأزمة الإستراتيجية في علاقتها مع مصر، خسارتها يعني
خسارة الشرق، وان لم يكن خسارة تركيا ذاتها، كيف سيكون مصير العلاقة بين مصر
وتركيا .
هناك
العديد من السيناريوهات حول مستقبل العلاقات المصرية التركية، هي أقرب الى الحالة الإيرانية.
-العلاقة
قطيعة بشكل دائم، مع استمرار نظام رجب طيب أردوغان، وهي ما يترتب عليه خسارة فادحة
لتركيا أردوغان استراتيجيا، وعلى الجانب الأمني والاقتصادي أكبر من الجانب السياسي.
-
علاقة فاترة وعلى مستوى "مكاتب دبلوماسية" وليس تبادل سفراء، وهي أكثر
المكاسب التي يمكن ان تحصل عليها تركيا أردوغان، مع تعديل نهج سياسته ضد مصر، لكن
الغرور العثماني لن قد يحرق هذه الفرصة.
-علاقة
دبلوماسية طبيعية، هذا يتوقف على خروج أردوغان من المشهد السياسي التركي، وإعادة
ترتيب البيت التركي من الداخل وبروز شخصيات تركية قادرة على توجيه خطاب معتدل يليق
بمكانة وتاريخ مصر.
-
الرهان التركي على تغير في القيادة السياسية المصري(رحيل الرئيس عبد الفتاح
السيسي) ، هو رهان خاسر، الدولة المصرية مهما تغيرت (القيادة السياسية) ستبقى
نهجها واحدا في الخطوط الحمراء للأمن القومي المصري والعربي.
ختاما.. كثيرا ما أشبه السياسية المصرية بـ"السلحافة" التي تدرك جيدا
الطرق وتعرف الوصول الى الهدف، فيما يعجب الناس بـ"الأرنب" التركي الذي
يقف سريعا، ولكن يسقط في حفر الطريق ولا يصل.
0 تعليقات