آخر الأخبار

مقالة في التلقيح الصناعي ..(2)

 




 

علي الأصولي

 

 

إذن: وخلاصة مما تقدم الآية دلت على وجوب الحفظ ، حفظ الفرج بمختلف تقلبات الحفظ ، الا ما خرج بدليل كما يعبرون.

 

والحفظ هو صون الفرج للرجل والمرأة على حد سواء ، بمطلق الصون عن التعدي الشرعي ،

 

وكيف كان: التلقيح خلاف الحفظ المأمور به شرعا ، وهو نوع من أنواع الهتك والمفروض فيه الصون ،

 

وأما الاستدلال بالأخبار والأحاديث ، فيمكن الوقوف على جملة من النصوص ، منها ما يتعلق بوجوب الاحتياط والتحرز في أمر الفروج ، ولا تستباح إلا بمسوغات شرعية ، وفي مظنة أو احتمال التحريم فالوجوب ناص على التوقف ، لملاك حفظ الأنساب والفروج ،

 

ومنها: النصوص الدالة على حرمة الإنزال في رحم الأجنبية بقول مطلق وبكافة تقلباته وإشكاله، ولا تخصيص بالإباحة بدعوى الاضطرار للحمل بسبب عقم ونحو ذلك!

 

وكيف كان: أصوليا فإن ملاك الاقتضاء الملح للإنجاب ادني من ملاك الحرمة القطعية بلا مسوغ شرعي ، أو قل أن دفع المفاسد الواقعية أولى من جلب المنافع الظاهرية ، فلا معنى وتقديم هتك الفروج بدعوى الاضطرار لما يترتب عليها من مفاسد جمة ، من قبيل ضياع الأنساب ونحو ذلك ، ومن هنا ادعوا من جوز إلى المراجعة والنظر إلى المآلات ....



وأما الأخبار والروايات

 

فمنها: قوله(ع) هو الفرج ، وأمر الفرج شديد ، ومنه يكون الولد ، ونحن نحتاط .. كما عن محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن محمد ابن أبي حمزة عن شعيب الحداد قال: قلت لأبي عبد الله(ع) رجل من مواليك يقرؤك السلام وقد أراد أن يتزوج امرأة وقد وافقته وأعجبه بعض شأنها، وقد كان لها زوج فطلقها على غير السنة، وقد كره أن يقدم على تزويجها حتى يستأمرك فتكون أنت من تأمره ،

 

وقد نص الفقهاء على صحة سندها وعبروا عنها بصحيحة شعيب الحداد، ودلالتها من الوضوح بمكان وضرورة الاحتياط بالفروج ..

 

وما عن الفقيه، عن حفص البختري عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله(ع) في رجل طلق امرأته ثلاثا، فأراد رجل أن يتزوجها فكيف يصنع؟

 

قال: يدعها حتى تحيض وتطهر .. الخ الرواية .. التي نص فيها الإمام على الاحتياط والطهارة وغير ذلك ..

 

ولعل أوضح دلالة على المدعى هو قول النبي(ص) لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة .. كما ما عن محمد بن أحمد بن يحيى عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد عن جعفر (ع) عن آبائه(ع) عن رسول الله(ص).

 

إذن: عندما نقف على نصوص شرعية معصومية من قبيل ما تقدم وغيرها مثل قوله(ع) .. أن النكاح أحرى وأحرى أن يحتاط فيه وهو فرج ومنه الولد .. ينبأك على التشدد بالاحتياط وضرورة عدم الوقوع في الشبهة ، والشبهة هي فيما خفي فيها وجه الحق ومنه - أي من وجوه الشبهة - التلقيح الصناعي، ودلالة الشبهة حصول الاختلاف كما هو معلوم ، ولا معنى وجريان البراءة والإفتاء بالجواز لخروج مقام أصل البراءة بعد أن عرفنا وجوب الاحتياط في مورد الشبهة ، والمعروف أصوليا - أن الدوران بين أصالة البراءة وأصالة الاحتياط - يقدم الثاني دون الأول - أي يقدم أصل الاحتياط دون أصل البراءة ، لعدم تفويت التحرز بالترك في المقام ، حتى لو كان النص مجملا ، فلا يطرح النص على تقرير إجماله بحال من الأحوال ،

 

نعم : ومع عدم القرينة لتعيين النص وإخراجه من كون الإجمال فلا يعني ترك الأطراف جميعها دون الأخذ بها بالاعتبار ، ويمكن تسمية ذلك بالشبهة المحصورة وأطراف العلم الإجمالي منجزة بحق المكلف وضرورة الامتثال،



فإذا عرفت ذلك فلنا أن نسأل السيد السيستاني ، الذي أجاز التلقيح بناء على أصل البراءة ،

 

هل الشك في المقام هو من قبيل الشك في ماهية التكليف حتى يمكن قبول أصل البراءة ؟

 

يعني لو كان الشك في نفس ماهية التكليف يمكن إجراء البراءة التي يكون الشك في أصل التكليف شرط للجريان، أم شك في خصوص المأمور به؟

 

الحاصل: أن الشك هنا هو في خصوص المأمور به وفي مثله يكون مسرحا لجريان أصالة الاشتغال لا البراءة وهذا لا يخفى على المحصلين من أرباب الأصول ،

 

وعودا على الأخبار:

 

عن الإمام الصادق(ع) قال - كما في الكافي - صحيحة عثمان بن عسيى، أن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجلا أقر نطفته في رحم يحرم عليه ،

ولفظ اقر معناها اسكن ووضع - أي اسكن نطفته ووضعها في رحم من لا تحل عليه - ومن مصاديقها التلقيح الصناعي وأبرز مصاديقها الزنا ،

 

وفي رواية أخرى ما عن الفقيه قال قال رسول الله(ص) لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله ... إلى أن قال .. أو افرغ ماءه في امرأة حراما ، والإفراغ اعم من الزنا كما نتصوره في المقام ،

 

وصحيحة إسحاق بن عمار قال قلت: لأبي عبد الله(ع) الزنا شر أو شرب الخمر ؟

 

وكيف صار شرب الخمر ثمانون وفي الزنا مائة؟

 

فقال(ع) يا إسحاق الحد واحد ولكن زيد عليه هذا لتضييعه النطفة ولوضعه إياها في غير موضعه الذي أمره الله عز وجل به ،

 

أقول: التضييع كما يشمل الزنا فهو يشمل التلقيح الاصطناعي فكلاهما تضييع للنطفة وكلاهما خلاف ما أمر الله به وموضعها

وبقرينة عدم ذكر المتعلق يفهم المطلوب بما لا شك فيه ..

 

خاصة وان الإمام في مقام البيان وله القدرة بتخصيص قرينة ما ، ولكنه بالتالي لم يخصص ففهمنا الإطلاق وعدم التخصيص...

 



مقالة في التلقيح الصناعي ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات