آخر الأخبار

الحاخامات يزرعون العنصرية

 

 


 

عمر حلمي الغول

 

يعمل حاخامات الحريديم الصهاينة المتطرفون بشكل منهجي على غرس العنصرية على مدار الساعة داخل المجتمع الإسرائيلي، ويعمقون نهجهم العدواني عبر تعميم الكراهية والحقد، وتوليد وإعادة إنتاج الوعي العنصري الصهيوني من خلال الانتهاكات اليومية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني خصوصا والعرب عموما، وتوسيع حملات التحريض الدينية السياسية، التي تشبه طفح الجرب على الجسد. ولا ينفك غلاة القتل والجريمة المنظمة واغتصاب الأرض والحقوق عن ارتكاب كل الموبقات، والدوس على ابسط معايير حقوق الإنسان، وحرف وتشويه بوصلة الصراع، ودفعه دفعا مجنونا نحو الحلبة الدينية لتكريس الأساطير والخزعبلات الميثالوجية.

 

ويتعزز موقع ومكانة الحريديم المتزمتين من خلال ثلاثة ابعاد الأول ارتفاع نسبة زيادتهم في المجتمع، وهذا ما تؤكده معطيات مركز الإحصاء الاسرائيلي، حيث تشير إلى أن نسبة الحريديم والمتدينين الصهاينة ترتفع بخط بياني صاعد، وبلغت نسبتهم عام 2015 حوالي 15%. كما ان وزنهم في المؤسسة العسكرية  يزداد بشكل تدريجي، وبعض المصادر الإسرائيلية تشير إلى ارتفاع نسبتهم بحوالي 37% مع ان نسبة عالية منهم تتهرب من الخدمة بالجيش، بالإضافة إلى ان المؤسسة العسكرية تضاعف احيانا نسبة المجندين الحريديم في صفوفها، بيد ان ذلك، لا ينتقص من حقيقة إرتفاع نسبة حضورهم في المؤسسة الأمنية العسكرية. والبعد الثاني مرتبط ويقوم على إتساع نفوذ اليمين الصهيوني المتطرف، والذي بجوهره أقرب للحريديم المتزمتين، حتى وان لم يقطنوا في اماكن سكناهم، وان لم يلبسوا ملابسهم، ولم يذهبوا لمدارسهم وكنسهم بشكل دائم. أما الثالث فيرتكز على مؤسسة الدولة الصهيونية وتشريعاتها القانونية، التي سعت من اللحظة الأولى للدمج المتعمد بين الصهيونية السياسية والديانة اليهودية، وعبر بوابة الإمتيازات الخاصة للحريديم، وتأمين الحماية لتغولهم، لإنهم يعكسون لسان حال الدولة الصهيونية.

 

ما احببت توضيحه اعلاه، ان إتساع نفوذ الحريديم المتطريفين يجد ترجمته اليومية في أوساط المجتمع الصهيوني عموما، والحريديمي خصوصا، والذي يعكس عنصريته وتغوله وغطرسته على ابناء الشعب العربي الفلسطيني دون استثناء بما في ذلك ابناء الشعب من المعروفيين، الذين تساوق قطاع منهم من حيث يدري او لا يدري مع المشروع الصهيوني، وإرتضى ان يكون جزءً من المؤسسة الرسمية في الدولة بما في ذلك الإنخراط في الجيش واجهزة الأمن.

 

كما ان ما دفعني لإعادة الكتابة عن العنصرية الصهيونية عموما والحريديمة خصوصا، هو المذكرة التي وقعها 150 حاخاما متزمتا على عريضة إحتجاج ضد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر في نهاية ايلول / سبتمبر الماضي (2020) ضد حاخام صفد الأكثر عنصرية وغطرسة ودونية، شموئيل إلياهو بتحويله لمحكمة تأديبية بتهمة التحريض والعنصرية. وجاء في مذكرتهم، أن "الحاخام شموئيل الياهو من ابرز الداعمين لتقوية الأسرة اليهودية لتعزيز الروابط بارض الميعاد." ليس هذا فحسب، بل ان اقران الياهو الفاشي تابعوا الغرف من وعاءهم العنصري بتأكيدهم، انه هو من " يحذر دائما من خطر إختلاط اليهود بغيرهم من الأعراق الأخرى." كما انه "يرفض تعاليم الحركة الإصلاحية وفق الشريعة اليهودية." وخلصوا إلى رفض "إضطهاد الحاخام، لإن إضطهاده، هو إضطهاد لنا جميعا." وشجبوا قرار المحكمة "لإنه إعتداء على الشريعة". وهم وحاخامهم الفاشي ابعد ما يكون عن الديانة اليهودية. 

 

اضف غلى انهم يعلمون ان قرار المحكمة لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به، لإن تطبيقه مرهون بموافقة وزير العدل الإسرائيلي، الذي لن يوقع، ولن يعتمد قرار المحكمة. وهذا احد الإمتيازات الخاصة بالحاخامات. ويكشف زيف الديمقراطية الإسرائيلية، كما ويعري وجهها العنصري القبيح. هذا وعلق تعقيبا على قرار المحكمة عضو الكنيست الفاشي، بتسلئيل سموترتش قائلا " يجب محاكمة المحكمة العليا نفسها، وليس الحاخام الجليل."  كما ان الحاخام المتهم علق على قرار المحكمة بالقول " هذة المحكمة تحمي الإرهابيين، وتمنع قتلهم، تحمي من يسكنون في ارض إسرائيل (الفلسطينيون العرب). لن نثق بالمحكمة، انها محكمة سياسية." وهذا ليس مستغربا منه، وهو صاحب فتوى الداعية ل"قتل العرب فريضة يهودية"، وهو ايضا من افتى وحظر على اليهود تأجير او بيع عقاراتهم لإي فلسطيني." 

 

بنظرة سريعة للمشهد نلحظ بالعين المجردة إنفلات العنصرية والفاشية في اسرائيل ضد الجماهير الفلسطينية حيثما وجودوا داخل وخارج فلسطين، وضد العرب عموما بمن في ذلك اولئك الذين سقطوا في مستنقع التطبيع المهين والإستسلامي، ويتجلى دور الحاخامات اليهود المتزمتين في مواصلة زراعة عوامل الموت والقتل على الهوية الوطنية، وبترسيخ العنصرية المدمرة للسلام.

إرسال تعليق

0 تعليقات