أحمد مبلغي*
ما هي المنهجية المتبعة في التفسير العصري؟
[[ اقتراح منهجية متكونة من أجزاء ثلاثة للتفسير]]
قبل متابعة واستكمال البحث الذي قدمته في المنشورين السابقين حول
تفسير الآيات المتعلقة بإدارة المخاطر ليوسف (ع)، من الضروري تقديم شرح للمنهجية
التي استخدمتها في تفسير هذه الآيات.
أقدم هذا الشرح ضمن محورين:
١. منهجية التفسير العصري خاصة ومهمة:
إن المنهجية المستخدمة في التفسير العصري (والذي يكون منه تفسير
الآيات المتعلقة بإدارة المخاطر للنبي يوسف)، لها نقطة مميزة، وهي أننا إذا
قبلناها وأثبتناها علميًا وعملنا عليها بشكل صحيح وذكي، فسيكون لها دور مهم في
توفير طبقات وفئات من الأفكار القرآنية التي لا تتحقق ولا تبرز عادة من خلال
منهجية التفسير التقليدية الموجودة اليوم.
٢. مكونات المنهجية:
تتكون هذه المنهجية من ثلاث مكونات أساسية:
المكوّنة الأولى: عملية القولبة للموضوع المعروض في القرآن على
أساس القوالب العلمية:
وهذه تعني إضافة أبعاد للموضوع المعروض في الآية من خلال وضع طبقات
وقوالب علمية عليه، أي: إعطاء أبعاد وجوانب مختلفة للموضوع المعروض في الآية،
بناءً على أبعاد وجوانب الموضوع نفسه في علوم اليوم.
وفقًا لهذه الطريقة، من الضروري في البداية أخذ الأطر والأدبيات
والأبعاد والجوانب العلمية للموضوع من العلوم، ثم إعطاء تلك الأطر والأدبيات
والأبعاد والجوانب للموضوع الذي طرح في القرآن، ولكن شريطة احراز وجود علاقة وثيقة
وماهوية بين هذا الموضوع القرآني وتلك القضية العلمية، (التي تم أخذ أبعاد وجوانب
لها من العلم)، ثم الفحص عن المفاهيم والأفكار الموجودة في القرآن فيما يتعلق بهذه
الأطر والأدبيات والقوالب والأبعاد.
📷 المثال الذي يمكنني تقديمه وهو في متناول اليد، هو نفس الموضوع
الذي نبحث عنه الآن تحت عنوان إدارة يوسف (ع)،
فنحن ناخذ "هذه الإدارة" كموضوع معروض في القرآن،
ثم ننظر في كيفية طرح مثل هذه الإدارة في العلم، ما هي الطبقات
والأبعاد التي لها، والتي لها أسماء ، ونقوم بإزالتها، ثم نركز على قولبة الموضوع
القرآني بوضع هذه الطبقات والأبعاد عليه.
📷 المزيد من التوضيح:
كما انعكس في المنشورتين السابقتين، نتبع المسار على النحو التالي:
أ- في البداية، نأخذ الأدبيات والقوالب والمعايير والتقسيمات
لإدارة المخاطر بناءً على وجهات نظر علمية، كما فعلنا ذلك حيال الآيات المتعلقة
بيوسف (ع).
ب- ثم نحاول أن ننظر إلى إدارة يوسف (ع) في هذا السياق، أي: في
سياق هذه المعلومات العلمية و على أساسها؛ بمعنى ننطلق في هذه النظرة من تلك
المعلومات، وطبعا بناءً على ذلك، يتم تشكيل أسئلة تجاه الموضوع المعروض في الآية،
راجع المنشورين السابقين حيث سألنا حول إدارة يوسف (ع) هل كانت إدارته من إدارة
المخاطر (التي لها طبيعتها وأصولها)؟ أم كانت من إدارة الأزمات (التي لها قواعدها
وأصولها)؟ وبعض الأسئلة الأخرى.
ج- محاولة أخذ أجوبة الأسئلة من القرآن؛ لذلك بحثنا هل إذا كانت
إدارة يوسف النبي من النوع الأول ( إدارة المخاطر) أو النوع الثاني (أي: إدارة
الأزمات)، فهل تشاهد قواعد أحد هذين النوعين وأصوله في إدارته من منظور القرآن؟
د- الوصول إلى النتيجة؛ لذلك نحن في ضوء ذلك البحث الذي أجريناه
بخصوص إدارة يوسف (ع)، توصلنا إلى أنها كانت من نوع إدارة المخاطر، كما توصلنا
أيضًا إلى الذي يعكسه القران حول حقيقة تلك المكونات (التي يعطيها العلم لإدارة
المخاطر) في إدارته (ع).
طبعا في متابعة بقية هذا البحث الذي سيأتي في المنشور القادم - إن
شاء الله - المدعى (أي إمكانية إعطاء قوالب علمية لموضوع إدارة يوسف النبي ودور
هذا الإعطاء والاستفادة من الصيغ والأدبيات العلمية في جعلنا نفهم الآيات بشكل
أفضل) يصبح أكثر وضوحًا.
📷📷 المكونة الثانية: استخدام الدلالة الالتزامية بنحو اللزوم البين.
هذا الاستخدام لابد أن يکون مكثفاً وهادفاً ومنهجياً (لا استخداماً
تلقائياً ومحدوداً).
وقد تم استخدام هذا العنصر من حين لآخر في التفسير، ولكنه كان
يستخدم على مستوى محدود جدًا ولم يظهر استخدامه كطريقة، ولم يتم إجراؤه بوعي ،
لذلك يجب علينا ضبط استخدام هذا العنصر، وتوسيع دائرته.
📷📷 المكونة الثالثة: استخدام الدلالة الالتزامية بنحو غير البين.
إذا كان استخدام الدلالة الالتزامية بنحو البين، ما قد تم بشكل
نادر، فإن استخدام الدلالة الالتزامية بنحو غير البين لم يحدث على الإطلاق.
هذا العنصر مهم جدًا وله دور أساسي وجاد ومحوري في التفسير، وأكرر
القول إنه حتى الآن لم يتم استخدامه في عملية التفسير على الإطلاق.
ولا بد لي من البحث عن فرصة لشرح ذلك بشكل أساسي، وهذا متروك
للمستقبل.
وسرّ تأجيله إلى المستقبل، أن البحث عن هذا العنصر هو بالطبع بحث
معقد، لذلك يستحق الأمر تأجيله حتى أقوم ببعض التفسيرات العصرية لبعض الآيات، كي
يتم التحضير للدخول في هذا البحث، فيمكن إثبات ذلك بأمثلة أكثر دقة وبأيدٍ كاملة.
على أي حال، أعتقد أننا إذا استخدمنا الدلالة الإلزامية بنحو غير
البين في التفسير، فسنرى تغييرًا جوهريًا في التفسير، بل يمكن أن يحدث ثورة في
تفسير القرآن في زوايا ومجالات مختلفة.
وتجدر الإشارة إلى أننا لا نستخدم هذا العنصر في أي تفسير نقوم به
فيما يتعلق بالآيات، بل نحتاج إليه في الحالات وبالنسبة الى بعض الآيات.
وفي الختام أطلب من القارئين الأفاضل متابعة المناقشة القادمة حول
كيفية تنفيذ الزوايا الإستراتيجية لإدارة المخاطر على إدارة النبي يوسف (ع).
*مرجع ديني إيراني
0 تعليقات