عز الدين البغدادي
توفي رسول الله (ص) في مثل هذا اليوم على المشهور عند أصحابنا،
وقيل بل توفي في شهر ربيع الأول في الثاني أو الثاني عشر منه.
وقد توفي – بأبي وأمي- بعد أن أصيب بالحمى والصداع، واشتهر أن سبب
وفاته هو تناوله من شاة مسمومة قدمتها إليه والى جماعة من أصحابه امرأة يهودية
اسمها زينب بنت الحارث في خيبر، وقد تناول النبي (ص) منها شيئا فلاكه ثم لفظه بعد
أن أنكر طعمها أو اخبره الوحي بذلك، بينما توفي صاحبه بشر بن البراء بن معرور بعد أن
أكل منها، وقد روي عن النبي (ص) أنه قال: ما زالت أكلة خيبر تعاودنى في كل عام،
حتى كان هذا أوان قطع أَبْهُرِي".
كما روى البخاري عن عائشة أنها قالت: "كان النبي يقول في مرضه
الذي مات فيه: "يا عائشة، ما أزال أجد أَلَمَ الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا
أوان وجدت انقطاع أَبْهُرِي من ذلك السُّم".
وهناك من قال بان الشهادة درجة رفيعة، والنبي (ص) سيد الخلق وأفضل
من أصحابه قطعا فلا يمكن ان يحوزوا على شرف الشهادة ولا يحصل هو عليه. وهذا
استدلال بارد ضعيف، فلا يلزم أن كل فضيلة توجد عن إنسان أن تكون عنده النبي (ص)
فلو كان أحد من أمته متميزا بالطب مثلا أو بالكيمياء، فهل يجب عقلا أن يكون النبي
(ص) أفضل منه في ذلك؟
وهناك من احتج بخبر "ما منا إلا مقتول أو مسموم"، وقد
سبق أن بينا ضعفه.
لكن الغريب أن هناك بعض الروايات المكذوبة التي وضعها الغلاة تزعم أن
النبي (ص) سم من قبل زوجتيه، وهذا كلام منكر قبيح ورد فيه روايتان ضعيفتان، ولم يأخذ
به احد ممن يعتد برأيه.
فقد روى العياشي مرسلا عن عبد الصمد بن بشير عن الإمام الصادق
(ع)أنه قال بأن النبي (ص) سمَّ قبل الموت! إنّهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبويهما
شرّ من خلق الله“!
كما روى القمّي في تفسيره دون أن يسند الخبر لأحد أن رسول الله (ص)
أسرّ إلى حفصة فقال لها: … وأنا أفضي إليك سرّا فإنْ أنتِ أخبرتِ به فعليك لعنة
الله والملائكة والناس أجمعين! فقالت: نعم ما هو؟
فقال: إن أبا بكر يلي
الخلافة بعدي ثم من بعده أبوك، فقَالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟
قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبير. فأخبرت حفصة عائشة من
يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني
عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة.
فجاء عمر إلى حفصة فقال
لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا!
فقال لها عمر: إنْ كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدّم فيه (أي نتخلص منه)، فاجتمعوا
أربعةً على أن يسمّوا رسول الله“!
وكلا الخبرين ضعيفا السند منكرا المتن، وهو قول غير شائع بين
الامامية، بل المشهور عندهم هو انه توفي بسبب قضية خيبر.
0 تعليقات