( ... في صيف عام ١٩٧٥ ، وفي إحدىّ قاعات الجمعية المصرية للاقتصاد
السياسي والتشريع ، بقلب القاهرة ، أسعدني القدر أن أجلس مع الدكتور " محمد
حلمي مراد " وزير التربية والتعليم في أول حكومة شكلها الرئيس " جمال
عبد الناصر " في أعقاب استفتاء الشعب على بيان " ٣٠ مارس " الصادر
في عام ١٩٦٨ وكان أغلبها من أساتذة الجامعة ، وتولىّ حينها الدكتور " حلمي
" وعدد محدود من الوزراء اللجنة المُشرفة على تنفيذ البرنامج الذي وعد به
" عبد الناصر " الشعب ليرسخ دولة القانون ويقيم دولة المؤسسات " ...
*******
كان الدكتور " حلمي مراد " آنذاك ، أي عام ١٩٧٥ ، أحد
أهم قيادات المعارضة السياسية للرئيس " أنور السادات " الذي خرج من حرب
أكتوبر باحثاً عن شرعية جديدة ، بعيداً عن شرعية ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ، وهو الأمر الذي
وجدت القوي الوطنية في هذا المسلك سبباً لرفع لواء المعارضة الوطنية في وجه
سياساته ، سياسة الانفتاح الاقتصادي ووضع نتائج الحرب في أيدي الولايات المتحدة الأمريكية
، وفي إطار ما أسماه الرئيس " السادات " أن ٩٩ ٪ من أوراق اللعبة أو
الحل السياسي في أيدي واشنطن وحدها ، ولا أحد سواها !!
******
كان لقاء الدكتور بالنسبة لي فرحة لها وقع خاص عندي لسببين ،
أولهما : أنه كان اللقاء الثاني لي بالرجل ، حيث كان اللقاء الأول عندما كان
رئيساً لجامعة عين شمس ، في عام ١٩٦٧ ، وكنت أنا وقتها أخطو الخطوات الأولى الى
هذه الجامعة العريقة ...
كان الدكتور " حلمي " أحد أعلام مصر والعرب الكبار ، في
عالم القانون والاقتصاد السياسي ...
" ذهبت اليه لشأن خاص بمشكلة طالب مُبتدأ يرغب في دخول كلية
تهتم بقضايا التاريخ والفلسفة والاجتماع ، بدلاً من الكلية العلمية الى ذهب اليها
بحكم توزيع مكتب التنسيق ....
فوجدت في الدكتور ، وهو من هو " حنانا أبوياً صادقاً ورقيقاً
" ناصحاً إياي بالإبقاء على الدراسة العلمية ، شارحاً أسبابه في ذلك ، مما
جعلني مُقتنعاً بما قاله ، مُخلصاً لنصيحته ...
*************
مرت السنوات ، وتوثقت العلاقة بين الطالب وأستاذه ، أستاذ الأساتذة
وعميدهم في الوطنية والنقاء وطهارة اليد والمسلك ، رحمه الله ، حتى جاء اللقاء
الثاني ، حيث أهداني على سبيل الإستعارة كتاباً هاماً كنت أسمع عنه ، وعن أهميته
ولم أراه ، كان كتاب " الطريق الى رمضان " للأستاذ " محمد حسنين
هيكل " !!
تسلمت الكتاب منه شاكراً مع وعد بالوفاء بموعد تسليم تلك الهدية ،
الخاطفة والعابرة ، لصاحبها الدكتور " حلمي مراد " غير أنه فاجأني عند
إعادته اليه ، أن أهداني إياه ، وعندما سألته عن سبب هذا القرار الكريم ، أن قال
لي :
" هناك أكثر من سبب يجعل هذا الكتاب هدية لا تُرد ، لأني لاحظت
شغفك واهتمامك بما يُكتب عن حرب اكتوبر، أما السبب الثاني فيرجع الى التزامك
بالموعد الذي حددته لك ، وهذا في حد ذاته فضيلة طيبة قليل من الناس من يلتزم بها
" ...
ثم توقف فجأة وقال :
" لعل هذا الكتاب الهام ، وبرغم أنني لست كاتبه ، يبقى ذِكرىّ
لا تنساني بعدها أبداً " !!
رحم الله أستاذي ومُعلمي الكريم ...
***********
كتاب الأستاذ " هيكل " أعتبره واحداً من أهم الكتب
الرائدة التي تناولت حرب اكتوبر ، وان لم يكن أهمها ، حتي بالنسبة للأستاذ "
هيكل " نفسه ، فقد أصدر فيما بعد وعند السنوات الأولى من عقد التسعينيات
كتابه الشامل " حرب اكتوبر ٧٣ : السياسة والسلاح " ، فقد أصدر الأستاذ
بين هذا الكتاب الرائد " الطريق الى رمضان " وكتابه الشامل " حرب
اكتوبر " مجموعة من الأعمال الأساسية ، منها " ملفات السويس " عن
حرب ١٩٥٦ ، ثم كتاب " سنوات الغليان " التي عالج خلاله قضايا الصعود
الناصري والمد القومي ، ثم كتابه بالغ الأهمية ، والذي يحمل عنوان " الانفجار
" والذي عرض خلاله لوقائع حرب يونية ١٩٦٧ ووقائعها الحزينة والمؤلمة ، وحسبي
، أنه واحد من أهم ماكتب الأستاذ " هيكل " على طول تاريخه المهني
والبحثي والتأريخي ، ثم يأتي كتابه ، أو المجلد الرابع عن " حرب أكتوبر
" من سلسلته البحثية الهامة " حرب الثلاثين عاما " ...
*********
غير أن الأستاذ " هيكل " له مجموعة هامة من الكتب ، سبقت
كتابه الرائد " الطريق الى رمضان " الصادر عن دار النهار في بيروت ،
والذي منع الرئيس " السادات "دخوله الى مصر بٍدعوىّ أنه جاء على وقائع
غير حقيقية ومُختلقة ، ليس هنا مكاناً لعرضها ، لطول الحديث فيها أو الخوض في
تفصيلاتها ، ومن أهم هذه الكتب ، كتاب " في مفترق طرق " والذي ضم بين
دفتيه سلسلة مقالات الأستاذ " هيكل " بصراحة والتي تناولت وقائع حرب أكتوبر
وتطوراتها من موقعة كرئيس تحرير جريدة الأهرام وحتى قرار الرئيس " السادات
" في ٢ فبراير من عام ١٩٧٤ بإقالته من موقعه من تلك المؤسسة الصحفية العريقة
، وإثرّ تفاقم الخلاف السياسي بين الرجلين ، وبعد مقال الأستاذ " هيكل "
الشهير والذي كان يحمل عنواناً لافتاً هو " الظلال والبريق " والذي حدد
فيه أسباب تحفظه على توجه " السادات "الى واشنطن ، في الوقت الذي رأىّ
" هيكل " وبعد حوار شامل مع " هنري كيسنجر " وزير الخارجية
ومستشار الرئيس " ريتشارد نيكسون " أن الأضواء تنسحب عن إدارة هذا
الرئيس ، وأن الظلال تتصدر المشهد في واشنطن ، فالرئيس " نيكسون " الذي
حنث بالقسم في بلاده ، بات في شبه المؤكد ، حينها ، خروجه مطروداً ومُهاناً من
البيت الأبيض ...
*********
في أعقاب الحرب صدرت مجموعة من الدراسات الرائدة ، كان أبرزها مجلد
كبير أشرف عليه الباحث العربي الكبير الدكتور " أنيس صايغ " رئيس مركز
الأبحاث الفلسطينية التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وكان هذا العمل البحثي
يتسم بأعلى قدر من الموضوعية والمنهجية ، وقد شارك فيه عدد كبير من الخبراء العرب
في الشؤون السياسية والعسكرية والإستراتيجية والاقتصادية ، فكان عملاً شاملاً بحق
...
ولم تنقضي بضعة أسابيع حتى أصدرت هيئة البحوث العسكرية المصرية
كتابها الرسمي بعنوان " حرب أكتوبر " وبأقلام ثلاثة من أبرز وأهم القادة
والخبراء والمؤرخين العسكريين في تاريخ الجيش المصري آنذاك ، وهم اللواء " طه
المجدوب " و اللواء" حسن البدري " و اللواء " ضياء الدين زهدي
" رحمهم الله جميعاً ، فقد كانوا فخر العقل العسكري العربي على صعيد البحث
والتأريخ ، فقد سبق أن قدمت تلك المجموعة الذهبية ومعها اللواء " حسن مطاوع
" واحدة من أهم الدراسات البحثية التي صدرت عن مؤسسة الأهرام عام ١٩٧١ وتحت
الإشراف المباشر والمساندة الكاملة من الأستاذ " هيكل " وكان عنوانها
" العسكرية الصهيونية " وموزعة على ثلاثة مجلدات ......
وفي الفترة ذاتها ، نظمت هيئة البحوث العسكرية المصرية وأكاديمية
ناصر العسكرية ندوة دولية دّعت فيها عدد كبير من أهم خبراء العالم في شؤون الحرب
والقتال والتفكير الإستراتيجي لبحث حرب أكتوبر ، وأصدرت في نهاية أعمالها ثلاثة
مجلدات شاملة ، تناول المجلد الأول منها " القضايا السياسة للحرب "
والثاني ، عالج " الموضوعات العسكرية والإستراتيجية " أما المجلد الثالث
، فقد شمل " التأثيرات الاقتصادية ومعركة البترول وتأثيراتها على السوق الاقتصادي
العالمي "
****************
وبعد عدد من السنوات ، وفي أعقاب الحرب ، وترجل الكثير من قادة تلك
الحرب المجيدة ، وتركهم ميدان القتال والحرب والسلاح ، بدأ المُحارب استراحة، فما
كان عليه إلاّ أن يمتشق القلم عوضاً عن سلاح بات من الذكريات !!!!
*****
هنا كان للفريق " سعد الدين الشاذلي " رئيس أركان حرب
السادس من أكتوبر فضل الريادة في نشر مذكرات هؤلاء القادة العظام وحربهم الباسلة ،
فصدرت مذكراته في طبعة أولى في باريس عن دار الوطن العربي ، والتي حوكم بسبها في
عصر الرئيس الأسبق " حسني مبارك " وقضىّ عقوبة السجن بدعوىّ نشره
أسراراً سياسية وعسكرية ، وهو ما برأته القوات المسلحة من هذه التُهمة الظالمة في
عشية تنحي " مبارك " في ثورة يناير ٢٠١١ ، وتحديداً خلال جلسة المجلس
الأعلى للقوات المسلحة المصرية مساء يوم الخميس العاشر من فبراير ، ومنحه قلادة
النيل ، أعلى درجات التكريم الوطني المصري ، بوصفه القائد الأول لحرب السادس من أكتوبر
...
غير أن ثمة مشروع كتاب للفريق " الشاذلي " أتمنى أن يرىّ
النور ، فقد نشر خلال سنوات المنفى دراسة بالغة الأهمية نشرت في جريدة الوطن
الكويتية ، وكانت بعنوان " الخيار العسكري العربي " موزعة على ٢٤ حلقة ،
وبدأ في نشرها في ٧ مارس ١٩٨٥ ...
*******
وبعد الفريق الشاذلي يأتي المشير " محمد عبد الغني الجمسي
" رئيس شعبة عمليات القوات المسلحة خلال الحرب ، ثم رئيس الأركان ووزير
الدفاع بعد ذلك ، ليُصدر مذكراته الشاملة عن عمليات السادس من أكتوبر ، في طبعتها
الأولى في باريس ومن ذات الدار التي صدرت عنها مذكرات الفريق " الشاذلي
" وهي " دار الوطن العربي" ....
******
ثم تأتي مذكرات الفريق " كمال حسن على " قائد المدرعات
خلال الحرب ، ووزير الدفاع ووزير الخارجية ورئيس الوزراء فيما بعد ، في كتابين ،
الأول ، هو " محاربون ومفاوضون " صادر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر
" والثاني هو " مشاوير العمر" وهو سيرة ذاتية للرجل ، وقد أصدرته
دار الشروق في القاهرة ...
ثم تأتي مذكرات الفريق " عبد المنعم واصل " قائد الجيش
الثالث الميداني خلال حرب أكتوبر، ومذكرات اللواء " عبد المنعم خليل "
قائد الجيش الثاني الميداني ، فيما شارك المشير " محمد عبد الحليم أبو غزالة
" بكتيب هام يُركز فقط على دور سلاح المدفعية التي كان يقودها خلال العمليات
العسكرية وأبلت بلاءاً حسناً طوال الحرب ، وأعطى لها عنواناً صحفياً هو "
وانطلقت المدافع عند الظهر " ... واعتقد أنه عنوان مأخوذ من كتاب الأستاذ
" أحمد بهاء الدين " وتحطمت الأسطورة عند الظهر" والذي جاء رداً
سياسياً وعسكرياً ساحقاً من الأستاذ " بهاء " للكتاب المشبوه الذي
أصدرته المخابرات الإسرائيلية " الموساد " في أعقاب حرب يونية وكان
عنوانه " وتحطمت الطائرات عند الفجر " ...
************
بعد ذلك تأتي سلسلة قادة الحرب المتقاعدين ، والذين تركوا السلاح
لسبب أو آخر ، ولعل أهمها مذكرات الفريق أول " محمد فوزي " وزير الدفاع
غداة نكسة يونية ، وأبو العسكرية المصرية الحديثة ، فقد أصدر ثلاثة كتب عسكرية
مُتخصصة ومدققة ، ومن واقع إلمامه بتفاصيل الحرب ، كان أولها مذكراته بعنوان
" حرب الثلاث سنوات : ١٩٦٧ / ١٩٧٠ " وهو كتاب مُكرس للتأريخ لحرب
الاستنزاف على الجبهة المصرية ، ثم كتابه الثاني " حرب أكتوبر " أما
الثالث فكان بعنوان " إستراتيجية المصالحة " ويتناول حجم التناقض بين
النتائج العسكرية الكبيرة للحرب والنتائج السياسية المحدودة لها ، على نحو ما جاءت
بها اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام الموقعة في مارس عام ١٩٧٩ ...
ويأتي كتاب اللواء متقاعد " جمال حماد " وهو أقرب الى
مجلد تصل صفحاته نحو ألف صفحة بعنوان " المعارك الحربية على الجبهة المصرية
" ويتناول فيه أدق التفاصيل ووقائع الحرب بمراحلها المختلفة ، موثقة بعدد
كبير من الخرائط الميدانية والوثائق العسكرية ، ومن بينها حديثه عن وقائع تطوير
الهجوم شرقاً وأسباب الخلاف بين الرئيس " السادات " والفريق " سعد
الشاذلي " في كيفية التعامل مع الثغرة ...
*************
يبقى في الذاكرة ستة كتب أقرب الى التناول السياسي والإستراتيجي
لقضايا الحرب ، أولها كتاب الرئيس " السادات " وعنوانه " البحث عن
الذات " وهو سيرة ذاتية للرجل الذي قاد الحرب ، وتناولت حياته السياسية
والإنسانية ، ثم كتاب " جمال حمدان " ٦ اكتوبر في الإستراتيجية العالمية
" وهو دراسة سياسية وإستراتيجية بقلم واحد من أهم من أنجبتهم مصر وأمة العرب
على صعيد الدراسات الإستراتيجية ، وقبل ذلك تأتي مذكرات " محمود رياض "
وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية والتي صدرت أجزاءها
الثلاثة موزعة بين بيروت والقاهرة وأخذت عنواناً هو " البحث عن السلام
والصراع في الشرق الأوسط " وأفرد جزءً كاملاً من مذكراته لمعالجة قضايا الأمن
القومي العربي ، ويأتي كتاب " محمد حافظ إسماعيل " الذي أّرخّ لحياة مصر
والعرب طوال أكثر من خمسة عقود ، وعنوانه " أمن مصر القومي في عصر التحديات
" ويكتسب كتابه الأهمية القصوى من واقع دوره كمستشار سياسي وإستراتيجي للرئيس
" السادات " قبل وأثناء وفي أعقاب الحرب ، وبعد ذلك تأتي مذكرات " إسماعيل
فهمي " والذي تولىّ وزارة الخارجية المصرية ، خلال الحرب خلفا للدكتور "
محمد حسن الزيات " والتي صدرت في القاهرة تحت عنوان " التفاوض من أجل
السلام في الشرق الأوسط " وقدم استقالته للرئيس " السادات "
احتجاجاً على زيارته لإسرائيل في نوفمبر ١٩٧٧ ......
*******
وهناك أكثر من كتاب صدر في القاهرة وبيروت لعل أهمها ، كتابات
الأستاذ " موسى صبري " عن الحرب ، وأهمها " وثائق حرب اكتوبر
" وكذلك كتابه " السادات : الحقيقة والأسطورة " الذي صدر بعد اغتيال
الرئيس ، فضلاً عما جاء في مذكراته الصادرة عن دار الشروق المصرية وتحمل عنواناً
صحفياً جميلاً هو " خمسون عاما في قطار الصحافة " ....
*****
ثم يدخل اليسار المصري ببعض كتاباته من بينها كتابات المفكر
الإستراتيجي " محمود عزمي " رحمه الله ، الرئيس السابق لتحرير مجلة
" الفكر الإستراتيجي العربي " والذي أثرى المكتبة العربية بأبحاثه العسكرية
والإستراتيجية عالية القيمة على أكثر من صعيد ، سواء من حيث التوثيق والدقة
والأمانة العلمية ، ومن بينها كتابه الموسوعي عن حربي الاستنزاف وأكتوبر ، وقد صدر
في طبعة خاصة من المجلة التي كان يرأس تحريرها ، مجلة " الفكر الإستراتيجي
العربي " والتي تجاوز عدد صفحاتها نحو ٦٠٠ صفحة ، ثم يأتي الكتاب الهام للأستاذ
" عبدالستار الطويلة " الصحفي بمجلة روزاليوسف عن الحرب ، وهو دراسة
صحفية استقصائية عن تلك المواجهة العسكرية بأبعادها السياسية والدولية ، فضلاً عن
كتاب " محمود حسين " وهو اسم مُستعار لكاتبين مصريين يعيشان في باريس
منذ زمن الخمسينيات من القرن الماضي ، وهما " عادل رأفت وبهجت النادي "
والكتاب عنوانه " العرب في الحاضر " ويتحدث من زاوية سياسية يسارية عن
دوافع الحرب ومآلاته الإستراتيجية والحضارية ، وقد سبق أن أصدرا كتابهما المثير
للجدل " الصراع الطبقي في مصر :٥٢ / ١٩٧٠ " ...
******
غير أن هناك طائفة من الكتب والدراسات الرائدة التي تناولت التاريخ
العسكري والسياسي للصراع العربي الإسرائيلي ، وقد توقفت بالشرح والتحليل عند حرب
أكتوبر ، ومن بينها كتاب الأستاذ " أمين هويدي " رئيس المخابرات العامة
ووزير الحربية المصري في أعقاب نكسة يونيو ٦٧ وعنوانه " الفرص الضائعة :
القرارات الحاسمة في حربي الاستنزاف وأكتوبر " والصادر عن دار المطبوعات
للتوزيع والنشر في بيروت عام ٩٢ ، وفي ظني أن هذا العمل الإستراتيجي الكبير يّرقىّ
الى وصفه بالوثيقة التاريخية ، لأهمية المواقع والمسئوليات الخطيرة التي تولاها
الأستاذ " أمين هويدي " طوال حياته العسكرية والمهنية والدبلوماسية ،
وتأتي الدراسة الموسوعية للدكتور " هيثم الكيلاني " عن "
الإستراتيجية العسكرية في الحروب العربية الإسرائيلية من ١٩٤٨ الى ١٩٨٨ " في
طليعة ما أصدره مركز دراسات الوحدة العربية ، ببيروت ، على صعيد أبحاثه الجادة في
مجال البحث العسكري والإستراتيجي ، وقد سبق للدكتور " الكيلاني " أن
أصدر له " مركز الأبحاث الفلسطينية " في بيروت كتابه الرائد في نهاية
عقد الستينيات من القرن الماضي " المذهب العسكري الإسرائيلي " فيما
أصدرت مؤسسة الأرض في دمشق عام ١٩٧٩ كتاب الباحث العسكري المرموق " بسام
العسيلي " كتابه الشامل " جيش العدوان الصهيوني " وفي عام ٩٦ تصدر
" مؤسسة الدراسات الفلسطينية " في بيروت كتاباً موسوعياً شاملاً عن
إسرائيل تحت عنوان " دليل إسرائيل العام " تحت إشراف الباحثين
الفلسطينيين " صبري جريس وأحمد خليفة " ويخصصان الفصل الثامن عن المؤسسة
العسكرية وحرب أكتوبر ، وفي القاهرة يصدر كتاب " ديمونة والتوبوليف :
العاملان الوحيدان للحرب والسلام بين العرب وإسرائيل " عام ٢٠٠٢ ، للباحث
المصري الدكتور " محمد حسام الدين " ومراجعة المفكر الإستراتيجي الكبير
العقيد الركن " أكرم ديري " وكتب صديقي المؤرخ الفلسطيني الكبير "
عبدالقادر ياسين " كتابه الرائد " المفاجأة الإستراتيجية في حرب أكتوبر
" وتصدره دار سيناء للنشر بالقاهرة ويأتي كتاب " وعليكم السلام "
الصادر عن دار المستقبل العربي بالقاهرة عام ١٩٨٤ للرائع الأستاذ " محمود عوض
" رحمه الله ، ليكون نموذجاً للكتابة الجميلة والشيقة عند معالجة أعقد
القضايا ، ومن بينها قضية حرب أكتوبر وسلام كامب ديفيد !!!
********
وبعد ذلك تأتي طائفة من الكتب الأكاديمية تتفاوت قيمتها من كاتب
لآخر وفق توجهاته السياسية ومن بينها كتاب الدكتور " صلاح العقاد "
بعنوان " حرب أكتوبر ومحكمة التاريخ " وكذلك كتابات الدكتور "
عبدالعظيم رمضان " الذي انقلب على تاريخه السياسي اليساري كله بوصفه أحد
تلاميذ الدكتور " محمد أنيس " شيخ مؤرخي مصر والعصر ، فقد أصدر أكثر من
كتاب عن حرب أكتوبر وحرب الاستنزاف كان أسواءها كتابه " تحطيم الآلهة "
!!
******
ثم يدخل الأستاذ " أنيس منصور " رحمه الله ، بكتابه
" أوراق السادات " الصادر عن دار المعارف المصرية بالقاهرة ، والذي يحمل
الكثير من " أنيس منصور والقليل من السادات " ففيه من الإدعاءات
والتلفيقات ما يضيق المجال عن حصره ، وأعتقد أنه آخر كتب الأستاذ " أنيس
" قبل أن يغادر دنيانا وينتقل الى رحاب الله ....
******
وبعد ثورة يناير ٢٠١١ ، صدر أكثر من كتاب لقادة الحرب ، وكان أهمها
كتابين ، الأول بعنوان " مشير النصر " وهو عن المشير " أحمد إسماعيل
علي " القائد العام ووزير الحربية خلال حرب أكتوبر ، وكذلك كتاب عن "
حسني مبارك وحرب أكتوبر " وهو يكرس أغلب صفحاته لدوره المركزي في القوات
الجوية المصرية ، منذ أن كان قائداً للكلية الجوية في أعقاب حرب يونية ٦٧ الى
قيادته لسلاح الجو المصري خلال حرب أكتوبر ، والدور الكبير الذي لعبه هذا السلاح طوال
أيام المواجهة العسكرية مع العدو الصهيوني ...
*****
والكتاب الأول ، عن المشير إسماعيل من أعداد مجدي الجلاد و الرئيس
مبارك من إعداد الصحفي المصري " عبدالله كمال " رحمه الله والذي تولى
لفترة طويلة رئاسة تحرير مجلة روزاليوسف الأسبوعية قبل أن تطيح به ثورة يناير ...
*****
وبكل تواضع كان لصاحب هذه الكلمات هذه الكتب التي تناولت قضايا
الصراع العربي الإسرائيلي ، ومن بينها حرب أكتوبر بطبيعة الحال ، وهي " حرب أكتوبر
وفلسفة الأمن الإسرائيلي " والصادر عن اللجنة المركزية لمنظمة الشباب في مطلع
عام ٧٤ ، وتم طبع الآف النسخ منه وتوزيعه عَلى وحدات المنظمة في كل مصر ، ثم كتاب
" نظرية الأمن الإسرائيلي " في طبعتين أحدهما في القاهرة عام ٧٥ والأخرى
في بيروت عام ١٩٨٥ ، ثم كتاب " بعض قضايا الإستراتيجية العربية " الصادر
في بيروت عام ٨٣ ، وبعد ذلك صدر في كلاً من القاهرة وبيروت على التوالي ، كتابين
هما " الأيديولوجية والأمن : دراسة تطبيقية في الإستراتيجية الإسرائيلية
" أما الثاني فهو كتاب " تجديد الفكر المقاوم : نحو نظرية للأمن العربي
" ...
******
ويكون " محمد سيد أحمد " صديقي وأخي ، الكاتب والمفكر
السياسي اليساري البارز ، رحمه الله ، هو حُسنْ الختام في تلك السلسة من هذه
الرحلة في بحر الفكر والسياسة والإستراتيجية ، رحلة البحث عن " أكتوبر "
اذ نختتم بكتابه الرائد " بعد أن تسكت المدافع " ليكون فاتحة خير في
علوم السياسة والإستراتيجية والعلاقات الدولية والصراعات الإقليمية ....)
*******
صلاح زكي أحمد
القاهرة :
فجر يوم الأربعاء الموافق ٧ أكتوبر٢٠٢٠
0 تعليقات