عمر حلمي الغول
في الحرب المفتوحة
بين الإسرائيليين الصهاينة والحاكم الفاسد نتنياهو نجح مع حلفائه الجدد في حزب "مناعة
إسرائيل"، أو كما يحبون تسمية أنفسهم تحالف "ازرق ابيض" في تمرير
تعديل قانون "صلاحيات الكورونا" في الكنيست يوم الأربعاء الموافق 30 أيلول
/ ديسمبر الماضي (2020) والذي يقيد حرية التظاهر، ويمنع القانون المتظاهرين بالابتعاد
عن أماكن سكناهم أكثر من كيلو متر واحد، وبعدد لا يزيد عن عشرين متظاهرا؟! والهدف
من التعديل ليس الجانب الصحي، ولا علاقة له بالكورونا، لان بؤر تفشي المرض معروفة
للجميع، واقصد تجمعات الحريديم والمتدينيين عموما، الذين هددوا بلسان وزير
الداخلية، اريه درعي بالإنسحاب من الحكومة في حال فرضت عليهم اية قيود، وبالتالي
خلفيات التعديل، التي دعمها بيني غانتس، وغابي أشكنازي من "حصانة إسرائيل"
لم تكن المسألة الصحية، وإنما حماية المتهم الفاسد، والملاحق بثلاث قضايا فساد: الرشوة
والاحتيال وخيانة الأمانة من المحاكمة، وتطويل أمد الحكومة العرجاء، والواقفة على
قشة، قد تهوي مع أول هبة ريح بسيطة. إنما المستهدف هو المتظاهرون الإسرائيليون،
الذين واصلو التظاهر أسبوعيا على مدار خمسة عشر أسبوعا خلت بالآف للمطالبة بإقالة
المتهم بقضايا خيانة الأمانة ساكن شارع بلفور.
وكان عددا من الوزراء
والمسؤولين المشاركين في اجتماعات الحكومة أكدوا: أن نتنياهو سعى لفرض الإغلاق
الشامل والمشدد الحالي بهدف تقييد قدرة المحتجين من الوصول إلى المظاهرات، وخاصة
تلك التي تجري قبالة مقر إقامته الرسمي في شارع بلفور. كما ان غالبية المسؤولين في
وزارتي الصحة والمالية رفضوا سياسة الإغلاق العام، ونصحوا بإغلاق المناطق
الموبوءة، وخاصة مناطق الحريديم، الذين يؤدون صلوات جماعية، إلآ ان رئيس الحكومة
الفاسد، رفض الاستجابة لهم، ومنح تسهيلات إضافية لهم بدعم من مدير عام وزارة
الصحة، حيزي ليفي، وابقى الييشيفوت (المعاهد الدينية اليهودية) مفتوحة أمام طلابها
من دون تطبيق بروتوكولات وزارة الصحة. وهو ما يشير إلى ان التعديل إنتقائي، وذات
خلفية شخصية تخدم شخصا بعينه، اسمه بنيامين نتنياهو، الرجل المسكون بالنرجسية
المفرطة، حتى أمسى ديكتاتورا من طراز الحكام العرب والعالم الثالثي. وهو ليس
مستبعدا ان يكون كذلك، لأنه يحمل نزعاته العنصرية الاستعمارية والفاشية على حد
سواء. لا يعنيه من حقوق الإنسان سوى الجمل الفارغة، كما حليفه وصديقه الأميركي،
دونالد ترامب، والنقطة المحورية في حياتهما، تتركز في بقائهما على سدة الحكم.
كما ذكرت في أكثر من
مرة، ان زعيم الليكود الحاكم، فضلا عن انه ديكتاتور صغير، أيضا هو حاوي ناجح، تمكن
من الفوز في تضليل الشارع الصهيوني المتناقض معه، عندما قدم نفسه بصورة "المنقذ"
لإسرائيل من أزماتها، وهو يعي في قراره نفسه، كما يعي ذلك كل مراقب يملك حدا ادنى
من المعرفة انه، رجل فاسد، ولص صغير. لإن الإنقاذ كان لشخصه، وهو ما نجح فيه عندما
شكل الحكومة بذريعة تفشي جائحة الكورونا قبل خمسة أشهر، والآن ينجح في مطاردة
المتظاهرين الإسرائيليين. ويحول دونهم، ودون حقوق الإنسان، التي يدعي انه "حريص"
بالدفاع عنها، و"يتغنى" أسوة بكل الاستعماريين الصهاينة، ان إسرائيل "واحة
الديمقراطية" في الشرق الأوسط. بيد ان الحقيقة والشواهد الماثلة الآن في
الساحة الإسرائيلية تشير إلى عدم وجود حد ادني من الديمقراطية، لأنها كدولة استعمارية،
ومغتصبة لأرض شعب آخر، وتمارس العنصرية والفاشية، وتضطهد الشعب العربي الفلسطيني،
وتحرمه من الحد الأدنى من حقوقه السياسية، وحقوق الإنسان الأولية، فهي إذاً دولة
لا تمت للديمقراطية بصلة، لا بل أنها دولة معادية لها، وهي دولة فاشية.
نتنياهو وغانتس
والكنيست شركاء في مطاردة المتظاهرين الصهاينة،
المطالبون بإقالة رئيس الحكومة، لإنه متهم بقضايا الفساد والرشوة والاحتيال
وخيانة الأمانة، ولانه ليس امينا على مصالحهم، وهدد ويهدد مستقبلهم المعيشي
والحياتي والسياسي عموما.
نجح رئيس الوزراء
الإسرائيلي في تكريس نفسه كحاكم بأمره، ورسخ جذور الديكتاتورية في القضاء، وفي اغتصاب
الحكم عبر التهريج ولعبة الثلاث ورقات، وبانتهاك حقوق الإنسان، وبمواصلة سياسة الاستعمار،
واستخدام أبشع أشكال البطش والحصار الظالم على ابناء الشعب الفلسطيني، ورفض خيار
السلام الممكن والمقبول المرتكز على حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو
1967، ومع ذلك نهاية الحاوي ستكون على يد الشارع الإسرائيلي نفسه، وفي المستقبل
المنظور. مع انه مازال الأكثر شعبية في ظل غياب شخصية كارزماتية إسرائيلية منافسة.
لكن كل شي قابل للتغير في المشهد الإسرائيلي.
0 تعليقات