محمود جابر
كانت سوريا وما تزال هى بوابة الخلاف المصري العراقي، ففى الوقت
الذى ترى الدولة المصرية بعدها الأمني القريب هو سوريا وبالتالي لابد أن تكون
السلطة السورية على توافق تام مع مصر، وقد ترسخ ذلك عبر معركة مجدو فى عهد رمسيس
زمن الدولة المصرية القديمة وعبر معارك عين جالوت و ومرج دابق ومقاومة والصليبين
والتمدد والاستيطان الصهيوني المحتل لفلسطين.
كانت الدولة العراقية ترى أن الجغرافيا السورية هى امتداد للهلال
الخصيب، وان اتحاد الجغرافيا السياسية العراقية والسورية من شأنه ان يمكن العراق
من بسط نفوذه على الإقليم ....
وفى الوقت الذى كانت مصر تتزعم فكرة القومية العربية وجامعة الدول
العربية، كان العراق يخطط لإنشاء اتحاد الهلال الخصيب بين العراق ودول الشام
مجتمعة ... ولما فشلت فكرة العراق ووجدت نفسها منعزلة قرر العراق الالتحاق
بالجامعة العربية حتى لا تنفرد مصر أو السعودية بقيادة العمل فى الإقليم ... وظل
الخلاف بين مصر والعراق يلقى بظلاله على كل العمل العربى، تجلى ذلك بوضوح بعد قيام
الثورة المصرية 1952 وكان العراق وقت إذ جزء من حلف بغداد الذى كان يضم كل الدول
التى تخضع للنفوذ الامبريالي الاستعماري فى المنطقة والذى اعتبرها قادة الثورة
وعلى رأسهم عبد الناصر داعمة للرجعية وللامبريالية وجرى دعما مصريا لمحاولات
انقلاب كان منها انقلاب الشواف الفاشل الذى ظل له أثره حتى مجيء الرئيس عبد السلام
عارف ومن بعده تحسنت العلاقة بين مصر والعراق وكان مصر قبلة المثقفين والساسة واللاجئين
العراقيين زمانا طويلا حتى كتابة هذه السطور ...
كما استفادة مصر من العراق عن طريق البعثات الرسمية للمعلمين والأساتذة
فى بعض الجامعات العراقية ثم استقبال العمالة المصرية فى حقبة الثمانينات حتى بلغ
عدد العمالة المصرية فى العراق قرابة ال 6 ملايين عامل وهو عدد يقترب من عدد سكان
عدد من الدول فى المنطقة كعدد سكان ليبيا أو لبنان ويتجاوز سكان دول الخليج العربى
مجتمعة عدا العربية السعودية ...
وهذا العدد مثل دعما للاقتصاد المصرى ورفع عن كاهل الدولة المصرية
توفير فرص عمل لكل هذا العدد بالإضافة للتحويلات المباشرة التى كانت تصل الى
الخزانة العامة المصرية إضافة الى مبلغ يتجاوز 3 مليار دولار حجم الصادرات المصرية
الى العراق حتى ابريل / نيسان 2003...
ويعد رجال الإستراتيجية فى الإقليم أن علاقة مركزية القاهرة وبغداد
بالإضافة الى دمشق يمكن ان تكمل مشهد الأمن والتعاون فى الإقليم ...
ومن هذا الباب وبناء على طلب احد الأصدقاء فإنه كما كانت سوريا
محور الخلاف المصرى العراقى قديما فإنى أدعو كلا البلدين وقادتها ان يدخلا الى
سوريا الجريحة مجتمعين من اجل أعمارها وإعادة الأمن بها واستردادها كأحد أهم
العواصم فى العمل العربى ...
ان تكامل العمل بين القاهرة بغداد ودمشق من شانه ان يساعد كلا
البلدان الثلاثة ويمثلوا مع بعضهم البعض مشهدا تكامليا صناعية وزراعية واقتصاديا
وامنيا يمكن ان ينتشل هذه المنطقة من أزماتها الى زمن الوحدة والتكامل والتعاون
ومن ثم الرفاهية فهل من مجيب ؟!!
0 تعليقات