علي الأصولي
لا ينبغي الشك بأن الإمامة حسب مفهومها الإمامي أصل من أصول
المذهب، وأن توهم بعض الفقهاء على كونها أصلا دينيا بناء على بعض
المرويات المتوزعة بين المصادر الحديثية، وأن أحد أسباب الغفلة والتوهم هو عدم
ملاحظة هذه المصادر بلحاظ طبقاتها - أولية وثانوية - فجمعوا البيض كله في سلة
واحدة،
بل وعدم الوقوف على حقيقة دلالات النصوص وسياقاتها التاريخية
حتى أفتى بعضهم في خصوص المخالف المذهبي - أنه مسلما بالحمل
الأولي إلا انه كافرا بالحمل الشايع - وهذه الفتوى من معاصر لها جذر فتوائي يرجع
إلى ما ذهب إليه صاحب - الحدائق - حيث ذهب إلى كفر المخالف بقول مطلق،
والذاهب بهذا الاتجاه الفتوائي، ناظر إلى مسألة منكر الضروري.
ولا شك كبرويا أن منكر الضروري كافر بعد الالتفات إلى أن العلم
شرط أساس في ثبوت أصل لكفر المنكر الضروري،
غير أن
الكلام في صغرى هذه الكبرى هل الإمامة وصلت بمستوى الضروري أم لا ؟
يعني هل هي بحكم الضروريات أم مسألتها تحتاج إلى مزيد نظر في
الأدلة وتكون والحال هذه نظرية؟
وهنا ذهب المشهور القدمائي إلى الأول، وتحفظ بعض أعلام المحققين
والتزموا الثاني،
منهم الشهيد السيد الصدر الأول، حيث ذهب إلى التشكيك بضروريتها،
ومنهم من فصل بالقول وهو أن الإمامة وصلت حد الضرورة في عصر الرسالة واضمحلت
صورتها وبالتالي ضرورتها بعد دخول وتداخل الآراء والتاؤيلات،
ولما كانت
القواعد ومر صناعتها على ما يعبرون تعارضت ومقاصدية الدين والنظر إلى أهدافه،
انحرج كثير من الفقهاء وبالتالي تعاملوا مع كبرى هذه الإشكالية بحسب العناوين
الثانوية للخروج من مأزق التكفير وبالتالي الحكم النجاستي إلى التزام منهج التقية
بمختلف تقاريرها - الخوفية الضررية والمداراتية - ما يهمنا: هو أن قوام الإسلام
بشهادة الشهادتين وإنكار الضروري مشكل ومخرج عن دائرة الإسلام بشرط العلم به
وضرورته،
ولذا نسأل
الفقهاء هل يحكم بكفر الناصبي وانتحاله للإسلام مع إعلانه الشهادتين؟
اسألوهم لتعرفوا فتاواهم ..
سوف تجد فتاواهم ناصة على أن جواز قتلهم لا لمنزلة نصبهم أو
كفرهم ، بل بسبب محاربتهم وتطبق عليه حد الحرابة ، وهذا الحد - للعلم والاطلاع - هو
المحوز للقتل فحسب والمحارب يقتل ولو كان شيعيا !
راجعوا - العروة الوثقى - حيث أشارت إلى كفر من أنكر الشهادة
والحقوا بالحكم من أنكر ضروريا من ضروريات الدين - كالنواصب - السيد المحقق الخوئي: خفف
من حدة الموضوعة في شأن المخالف المذهبي - السني - تحديدا - حيث وصفهم بمؤمني
الدنيا كفار الآخرة - وطبيعي أن وصف الإيمان الدنيوي هو لعدم التحرج من زواجهم
والحضور لجنائزهم ونحو ذلك وهي مفردات نصت عليها بعض الأحاديث ذات الصلة، ونظرة
المحقق لا تختلف عن نظرة غير واحد من الفقهاء وهو النظر إلى فهم معنى الضروري،
وكيف كان: أن إنكار الضروري لا يوجب الكفر مطلقا وإنما إنكار ما
علم كونه ضروري كما قلت أعلاه،
ولذا نعرف أن منكرها مع عدم العلم لا يلزم نقض الشهادتين، نعم
مع الالتفات والعلم يلزم نقض الشهادتين لأنه بالتالي تكذيب للوحي والرسول والرسالة،
ولعل
السنة لا يرون ضرورتها إلا في الجملة ولذا عدوها في فروع دينهم لا في أصولهم.
فإنكارها منهم لا يوجب
كفرهم، وقبل ختام هذه الأسطر ينبغي الوقوف على معنى الكفر الكلامي والكفر الفقهي،
وكيفما اتفق: أن حكم
بعض الفقهاء على كفرهم لا يلزم منه جواز قتلهم بل يبقى الدم والمال والعرض حرام
بلا كلام.
وكذا ينبغي التفريق بين الكفر الموضوعي والكفر الحكمي. فتأمل
وتفطن،
0 تعليقات